حرب إسرائيل على غزة-خلق الفراغ والترحيل:

أ د / دخان النجار

إسرائيل شنت الحرب على غزة تحت شعار القضاء على حماس وخلق واقع جديد في القطاع ، مع ان اجتثاث حماس لا يعني فقط القضاء على وحدات القسام العسكرية بل يعني كل اجهزة السلطة الفلسطينية في القطاع بما في ذلك الأجهزة الامنية والجهاز الإداري المدني والأجهزة الاستخباراتية و اجتثاث الأونروا وتدمير منظومة التعليم والصحة والاتصالات والمعاملات البنكية كونها بوجهة نظر اسرائيل مؤسسات تخدم حماس والأكثر من ذلك الإمعان في قتل السكان المدنيين حتى ينقلب من تبقى منهم في النهاية على حماس او الرحيل للنجاة بحياتهم .

تدمير كل المؤسسات المذكوره آنفا واستمرار القصف والقتل والتدمير لكل ما يتحرك على الارض ومنع دخول المساعدات الإنسانية وفرض المجاعة يعني باختصار تحويل غزة إلى جحيم وغير قابلة للحياة الإنسانية الأمر الذي سيدفع من تبقى من سكانها على قيد الحياة إلى الرحيل إلى اي جهة في العالم وهذا نتاج طبيعي في حالة الحروب .
المدنيين العائدين الى الوسط والشمال يتعرضون للموت الجماعي قتلا وتجويعا واعطت إسرائيل نفسها الحق في تصنيف كل من يتحرك على الارض سواء في الذهاب إلى الساحات المخصصه لإنزال المساعدات الإنسانية او الاحتماء بما تبقى من أطلال المستشفيات والمدارس او الاحتماء بما تبقى من إطلال بعض المنازل بدون غذاء ومياه شرب وادويه وغيرها من متطلبات الحياة تصنيفهم كأعداء مقاتلين او يحمون المقاتلين.
اكيد بان الجيش الاسرائيلي من خلال بقائه في غزة المحتله سيجد بعض ضعفاء النفوس للتعامل معه والكيد لأهليهم وللمقاتلين في كتائب القسام وسرايا القدس وسوف يستمر في مهاجمتهم ومهاجمة الاماكن والتجمعات التي يشتبه بوجود البعض منهم فيها ومعهم يتم قتل الالاف من المدنيين وبحجة ان المقاتلين يحتمون فيهم.
عدم قبول زعماء العشائر بالتعامل مع اسرائيل في ادارة شؤون القطاع وفي توزيع المساعدات الانسانية زاد من غضب الجيش الاسرائيلي والذي يعتمد الاستراتيجية الدينية المتطرفة في إبادة السكان صغيرهم وكبيرهم بدون رحمة لانهم أعداء.
في وضع كهذا وتحول القطاع إلى جحيم ومقابر جماعية ومجاعة لابد للعديد من الفلسطينيين من اللحؤ إلى الخارج لحماية حياتهم وخاصة في ظل التخاذل العربي والإسلامي ونفاق المجتمع الدولي الذي يهيء الظروف بشكل مباشر او غير مباشر لتنفيذ الاستراتيجية الاسرائيلية المتطرفه في تدمير مجتمع غزه وترحيل من تبقى منه وذلك عن طريق عدم اتخاذ قرار دولي ملزم يصدره مجلس الامن يفرض وقف اطلاق النار ومعالجة القضية الانسانية والاتجاه المباشر إلى حل الدولتين.
امريكاء مثلا لا زالت إلى الان تتفق مع اسرائيل في تدمير حماس هذا يعني السماح لإسرائيل بدخول رفح وهناك تكون المذبحه الكبري وقد ربما تخوفها على مصير المدنيين وإجلائهم يتهاوى امام اصرار ناتانياهو على دخول رفح. الحديث عن دخول رفح لن يكون في عمليه محدوده بل سيكون هجوم متكامل الأركان وستكون نتائجه كارثية. سكان رفح والنازحين اليها وهم اكثر من مليون انسان حتى وان تم احلائهم هل هناك مناطق آمنه في بقية القطاع؟ الجواب لا حيث ان المناطق التي حددتها القوات الاسرائيلية كمناطق آمنه يتم قصف المدنيين فيها بشكل يومي والحقيقه انه لن تكون هناك منطقة آمنه في القطاع إلا إذا تدخلت الامم المتحدة في قوات خاصة بها وهنا تكون السلطة الفلسطينية قد سقطت في القطاع وأعيد إلى المربع الاول من الاحتلال واي ترتيبات قادمة لن تكون إلا حسب الاشتراطات الاسرائيلية بغطاء دولي.
المقاومة الفلسطينية في القطاع سوف تستمر ولو بالحد الادنى وهنا سوف تستمر إسرائيل في القصف والقتل والتدمير دون رادع فعلي.
إلى الآن حكومة نتانياهو تماطل في قضية تبادل الا سرى ولا يهمها ان تم القضاء على أسراها مقابل دخولها رفح ولم تجدي مظاهرات الاهالي في تليين مواقفه ومواقف حكومته ولم يؤثر الرأي العام الغربي بشكل حاسم على حكوماته التي تدعم او تتواطىء مع اسرائيل وتحاول امتصاص غضب شعوبها عن طريق ابداء اهتمام اكبر بالعامل الانساني في قطاع غزه ومع صمت الدول العربية والاسلامية بدرجة اولى يظل الوضع في غزة وحولها تحت علامة استفهام كبرى هل الجميع متفق على ترحيل السكان وإفراغ القطاع؟ وهل سيكون الميناء البحري المؤقت أحد معابر العبور الى خارج القطاع ؟
من سيجيب على هذه الاسئلة هم السكان انفسهم وتشبثهم بالارض والمقاومة ان كان لديها ما يؤلم الطرف الاخر والصمود اطول ويدفعه إلى التقارب في الحلول وكذلك مصداقية المجتمع الدولي والإقليمي في التعامل مع الوضع دون تحيز مفرط او تغطية على مخطط اسرائيل في افراغ القطاع من سكانه واعادة احتلاله او فرض ادارة تتماشى مع رغباته.
د. دحان النجار ميشجان 19مارس 2024م.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى