بين حصار الحوثي ودور البحرية الأمريكية… الحديدة تختنق والجوع يتمدد

 

✍️ هيثم جسار – عين اليمن الحر

بين يناير وأبريل من هذا العام، تراجعت واردات الغذاء والوقود عبر موانئ الحديدة بنسبة 10%، بحسب برنامج الغذاء العالمي. خلف هذه الأرقام الصامتة، مأساة صاخبة يعيشها ملايين اليمنيين في مناطق سيطرة الحوثيين، الذين لا يكتفون بتقييد الداخل، بل يصادرون الأمل حتى من البحر.

ميناء الحديدة، شريان اليمن البحري، تحوّل منذ سيطرة الحوثيين عليه إلى أداة قهر وتجويع، لا بوابة نجاة. أصبح المنفذ الإنساني رهينة بيد جماعة مسلحة تستخدم الميناء ورقة سياسية وعسكرية، لا منفعة مدنية. فالواردات لا تُفرغ لأجل الشعب، بل تُوجه لمصلحة السوق السوداء التي يديرها قادة الجماعة، لتتحوّل شاحنات القمح والوقود إلى أدوات تمويل لحربهم العبثية، بدل أن تُسعف أرواحاً أنهكها الحصار والفقر.

انخفاض الإمدادات ليس صدفة. بل نتيجة مباشرة لممارسات الحوثيين الذين يبتزون المنظمات، ويفرضون الجبايات، ويتعمدون عرقلة الشحنات لأغراض اقتصادية وسياسية. ولا تُفهم هذه التصرفات إلا في إطار استراتيجيتهم الأوسع: إبقاء الشعب في حالة فقر وعوز دائم، لتغدو لقمة العيش وسيلة طاعة.

في المقابل، تبرز الولايات المتحدة الأمريكية كلاعب حاسم في المشهد البحري، لا سيما في البحر الأحمر وباب المندب. ومنذ تصاعد تهديدات الحوثيين للملاحة الدولية، تكثفت عمليات المراقبة والاستهداف المنظم لزوارق الجماعة، في خطوة تُقرأ ضمن جهود إضعاف اليد الإيرانية في المنطقة، والتي تعبث عبر وكلائها في اليمن.

قد يرى البعض في التدخل الأمريكي تحركًا لحماية المصالح الاستراتيجية فقط، لكن الواقع يؤكد أن الحضور الأمريكي البحري حدّ من التهريب الإيراني، وقيّد تحركات الحوثيين البحرية، ما يُعطي فسحة أمل لمن يراهن على عزل الجماعة اقتصاديًا وإضعاف قدراتها على فرض الحصار الداخلي.

وفي ظل هذا المشهد، يُطرح السؤال الجوهري: من الذي يحاصر الشعب اليمني؟ البحر ليس من يُغلق الأبواب، بل من يُسيطر على الميناء. والولايات المتحدة لا تمنع السفن من الوصول، بل الحوثي هو من يمنع الحياة من الدخول.

ما تحتاجه الحديدة ليس هدنة على الورق، بل تحرير حقيقي يُعيد الميناء إلى الدولة، ويُنهي عبث هذة الجماعة الانقلابية . وما يحتاجه اليمنيون في مناطق الحوثي ليس شحنات مساعدات تتناقص، بل كسر حلقة التجويع السياسي التي يتقنها الحوثي.

فمن لا يُقاتل الحوثي، فهو يفاوضه… ومن لا يُدين قبضته على الحديدة، فهو يُعطيه الضوء الأخضر ليجعل من الميناء مقبرة جديدة لليمنيين

هيثم جسار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى