الحروب البشرية .. والإستغلال السلبي للدين ..!!*

✍ إبراهيم ناصر
..

أغلب الحروب التي تنشأ بين الدول آو الشعوب أو الحضارات يتم تغطيتها وتبريرها بمبررات دينية رغم انها في حقيقتها حروب سياسية وتوسعية ، وما تلك الحروب التوسعية والإستعمارية الكثيرة في التاريخ البشري ، إلا عدوان تحت غطاء ديني ، تلبيةً لرغبات أرباب السياسة والسلطان ، الذين جعلوا من آنفسهم الأوصياء على الأديان والمذاهب ، وآعطوا لأنفسهم الحق في القتل والظلم وسفك الدماء تحت ذلك المبرر ، وهاهم اليوم وبنفس الذرائع الدينية ، وبنفس الحجج الواهية والخادعة ، يمارسون التضليل على الرأي العام ، والتغرير على ضعافي الثقافة الدينية والمتعصبين الدينيين ، الذين عطلوا عقولهم التي منحهم إياها الله تعالى ، وساروا مثل النعاج التي لا عقل لها ، خلف علماء دين سخروا علمهم لخدمة السلطان ، وجعلوا من الدين مطية لتحقيق مآرب وأطماع ذلك السلطان ، وأفتوى بالقتل والظلم وسفك الدماء لإرضاء ذلك السلطان ، وبذلك وبدلاً من آن يكون الحكام في خدمة الدين ، جعلوا الدين في خدمة الحكام ، وجعلوا من الدين أداة ووسيلة لتبرير القتل وسفك الدماء ، والاعتداء على حقوق وممتلكات وحريات الغير ، وجعلوا منه وسيلة لتبرير الحروب والقسوة والعنف والارهاب ..!!

وفي الحقيقة ……
الدين شرائع وأحكام سامية وراقية ، تهدف إلى الرقي والحضارة والسعادة للبشر ، ولا يمكن لهكذا منهج أن يقود إلى القتل والعنف والارهاب ، وبذلك فكل من يصدق علماء السلطة والمصالح ، بأن الدين يمكن أن يكون مشروعاً للقتل والإعتداء وسفك الدماء فهو مغفل مغفل مغفل …. من أي مذهب كان ، من أي ديانة كان ، وعليه أن يراجع نفسه وعقله ، الذي هو مسؤل عنه أمام الله تعالى ، فالعقل هو الحجة الذي سوف يحاسب الله تعالى الانسان عليه ، فكيف بالله عليكم بمن عطل عقله وجمده ، واتبع التقليد وقلد غيره ، لو كان التقليد جائزاً ، لكان الله تعالى لم يخلق لكل الناس عقولا ، وكان سبحانه إكتفى بخلق عقل واحد لشخص من بين كل مجموعة من البشر ، والبقية بدون عقول وما عليهم سوى تقليده واتباع أوامره ، لكن لأن التقليد غير جائز ومرفوض ، خلق الله تعالى لكل إنسان عقل ، لكي يكون مسؤلا، عن هذا العقل ، وعن كل فعل يصدر عن هذا العقل ، ولكي يستخدم هذا العقل الإستخدام الأمثل ، في التفكر ، والتدبر ، والتعقل ، والتبصر ، والتأمل ..!!

كم يصاب الإنسان بالدهشة ……
عندما يشاهد قطعان المتعصبين الدينيين ، الذين عطلوا عقولهم وأفكارهم ، وجعلوا من أنفسهم مجرد قطعان بشرية متوحشة ، لا حول لها ، ولا قوة ، ولا رأي ، وهم يساقون كالنعاج خلف فتاوى وآراء بشر ، يدَّعون العلم بالدين ، ويدَّعون الوصاية على الدين ، فتاوى ضاله ومضله ، تغرر بهم وتسوقهم للقتل والعنف والإرهاب ..!!

يا هؤلاء ……
ما لهذا أنزل الله تعالى الرسالات السماوية ، ولا لهذا أرسل الله تعالى رسله الكرام عليهم السلام ، وإنما أنزل الله تعالى رسالاته لأهداف سامية وعظيمة ، من أهمها تحقيق الصلاح والسعادة للبشر ، فبالله عليكم أين الصلاح والسعادة ، في القتل والعنف والارهاب وسفك الدماء ..!!

وهكذا …..
تتضح الحقيقة لكل إنسان عاقل ، وهي أن أغلب الحروب التي قامت بين البشر حروب سياسية وتوسعية وإستعمارية وسلطوية ، بإستثناء الحروب التي قادها الأنبياء والرسل عليهم السلام ، والحروب التي قامت لرفع الظلم عن المظلومين ، وإذا كانت المبررات لشن الحروب هي نشر الدين أو المذهب ، ومحاربة الآخر المخالف لنا في الدين أو المذهب ، وإرغامه على ترك دينه وإعتناق ديننا أو مذهبنا ، فقد قطع الشرع الاسلامي الشك باليقين في هذا المجال ، حيث نهى نهياً قاطعاً ، عن إكراه أحد في الدين أو المذهب ، قال تعالى (( لا إكراه في الدين )) ، وبذلك بطلت تلك المبررات الدينية ، التي يسوقها علماء وفقهاء السلطة ، بجعل الحروب السياسية والتوسعية والسلطوية ، حروباً دينية طالما والإسلام أقرّ حرية التدين ، فليعتنق الآخرون أي دين شاؤا ، وأي مذهب شاؤا ..!!

لذلك …..
أقول للمتدينيين المعتدلين أصحاب العقول المستنيرة ، واقول حتى للمتعصبين والمقلدين والمتشددين ، راجعوا حساباتكم في شأن هكذا حروب ، لأنها لن تكون ولا يمكن أن تكون حروباً دينية ، بل هي حروباً سياسية وسلطوية مغلفة بغلاف ديني أو مذهبي ، لتحقيق آهداف وآغراض سياسية وسلطوية ، لذلك بالله عليكم لا تخسروا دنياكم ، ودينكم ، وآخرتكم ، من أجل نزوات وأطماع الحكام والسلاطين ، وعشاق السلطة ..!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى