وترجل نقيٌّ آخر بكل صمت وهدوء..؟!

✍️ طه العامري


قاس هو الفراق ، لكن الموت أشد قساوة وأكثر إيلاما ..لكنه الحقيقة والحقيقة المطلقة الذي يصعب بل يستحيل تجنبه ، إنه الميلاد الحقيقي لحياة أبدية خالدة ، حياة ليس فيها هم ونكد وجهد وملاحقة ، حياة يحكمها الحاكم الذي لا يظلم عنده أحد ، لهذا أعزي نفسي برحيل صاحبي وصديقي وزميلي و ( خالي ) من حساب ( زوجتي وشريكة حياتي ) ..
فجعت بخير رحيل الزميل طه عبد الصمد قاسم العريقي الذي لي منه من عام 2016م وتحديدا من عزاء والدته رحمة الله عليها ، إذ وبعد يومين فقط من رحيلها زارني في منزلي بتعز بسوق الجملة في زيارة لم تستغرق سوى ساعة واحدة تواعدنا بعدها على اللقاء في صنعاء ولم نلتقي من حينها فقد فرقت بيننا سبل الحياة ودروبها وهمومها وتحدياتها ومصائبها ، فحياة الصحفي في هذه البلاد تختلف وتتميز بقساوتها وهمومها عن أي حياة ، لا تختلف حياة الراحل عن حياة أي زميل باستثناء أولئك الذين دخلوا سوق المهنة من باب البحث عن الشهرة والمال فأولئك حياتهم قطعا تختلف عن حياة أي زميل مهني عاش يحترق من أجل مهنة وقيم ورحل محترفا باحلامه المبعثرة وامانيه المتعثرة في واقع جبل بكل القساوة وخاصة لصحفي عشق الحرف والكلمة مثل طه عبد الصمد الذي كان في ( صحيفة صوت اليمن ) رفقة الشيخ عبد الرحمن نعمان رحمة الله تغشاه فكان طه هو أيقونة تلك المطبوعة الاستثنائية بطرحها رغم محدودية توزيعها ، كان الراحل قلب هجومها ولسان صاحبها الشيخ عبد الرحمن نعمان ومن في مكانة الشيخ عبد الرحمن في الطرح والنقد والشجاعة الأدبية والأخلاقية ومنه تشرب طه عبد الصمد الكثير من المعرفة إلى ما كان لديه من مكاسبها فزاده هذا تألقا في بلاط صاحبة الجلالة التي للاسف لم تطلع صاحبة جلالة بل طلعت لطه ولطه ولكثيرين من عشاقها صاحبة ( النذالة ) لتصل بنا وبطه إلى مرافئ البؤس وأرصفة الإحباط وشواطئ القهر المتلاطم ..،؟!
اعلم أن طه رحل مقهورا وجميعنا سنرحل من هذه الدنياء مقهورين وغرباء على رأي مؤلف رواية ( يموتون غرباء ) الذي كأنه الف تلك الرواية ليحكي حكاية الصحفيين اليمنيين وليس مغتربي اثيوبيا ..؟!!
قبل طه رحل كثيرون من الزملاء وبعده سيرحل الاكثر ولا عزاء للراحلين ولا لمن سيلحقوهم بالرحيل تباعا وكان قدر الصحفي في بلاد العجائب اليمن أن يرحلوا بقهرهم ..!!
في بلاد تنصف القتلة وقطاع الطرق واللصوص واباطرة الفساد ، وقلما نجد امثال هولاء يرحلون ، ومن الطبيعي أن لا تنصف من يناهضهم بل وترحيلهم إلى الملاء الاعلى بقهرهم ، إذ أن كل منتسبي صاحبة الجلالة رحلوا بقهرهم من عام 1990م وحتى طه عبد الصمد ..!!
تعجز كل الكلمات يا عزيزي أن توصفك وتوصف سيرتك المهنية ومشاعرك الإنسانية الراقية وثقافتك العالية ، تعجز الكلمات أن توصف قيم حملتها لم تكن تروق لكثيرين يقاس النجاح عندهم بما تملك من ( المال ) وحسب ؟!
رحمك الله يا صاحبي والى جنات الخلد عند ملك لا يظلم ولا يظام عنده أحد من عباده وعلى طريقك سائرون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى