وأد البنات بين الماضي والحاضر …ياسمين نموذجاً
أن تكون طموحاً فهذا مصدر فخر لك ولأفراد أسرتك وستحظى بالدعم والتشجيع اللازم لتحقيق هذا الطموح الذي ربما لا يتناسب مع قدراتك وكل ما تقوله عن الطموح كلام لا يتبعه فعل وبالتأكيد ستجد الف مبرر لفشلك ولن يلومك أحد من الناس فقط لأنك رجل والرجل لا يعاب .. أما أن تكوني طموحة فهذا لا يعني شيئاً وستجدين الرفض والمعارضة من أقرب الناس لك .. ذكائك قدراتك فرص نجاحك مكانتك الاجتماعية أحلامك التي تسعين لتحقيقها , كل ذلك لا مكان له في مجتمع لازال ينظر للمرأة بأنها فقاسة للأنجاب والبيت هو مكانها الطبيعي وتربية الأطفال وتحقيق رغبات الزوج ونيل رضاه هو الطموح الوحيد الذي يمكن أن تحصل عليه فقط لأنك تحملين صفة الأنثى .

- ياسمين الفتاة اليمنية الأمريكية التي تتقد ذكاء وكانت تتحفز لتكون ذات شأن في مجتمعها هي ضحية هذه الرؤيا الخاطئة للمرأة والتمييز الذي تتعرض له ..فكان زوجها بعد إكمال دراستها الثانوية هي المكافأة التي استحقتها تقديراً لذكائها وتميزها وتفوقها العلمي , ومنعها من اكمال دراستها الجامعية رغم قبولها في جامعتين من أكبر الجامعات الأمريكية هو الجزاء الذي تستحقه لمثابرتها , وعاقبا لها على طموحها وأحلامها الكبيرة التي تمنت ذات يوم تحقيقها.. وهكذا وبمثل هذه الممارسات تقبر المرأة خلف جدران البيت وتعيش سنوات عمرها تمضغ مرارة حرمانها من تحقيق أحلامها المشروعة ..ظلم يمارس في حقها ويبرره مرتكبوه بصون المرأة والحفاظ عليها وسترها ووووو من المبررات التي لا تمت للحقيقة بصلة لأن المبرر الوحيد لهذا الظلم الذي يرتكب في حقها هو كبرياء الرجل وشعوره بالنقص أمامها .. فالرجل الزوج تتملكه غيرة اذا ما رأى زوجته المتعلمة لها مكانة في مجتمعها ونجحت في حياتها العملية وخصوصاً اذا كان الزوج غير متعلم او لم يحظى بنصيب وافر من التعليم .. ياسمين نموذج للمرأة المظلومة والمضطهدة يتكرر كل يوم في مجتمع يمجد الرجل مهما كانت مساوئه ويحتقر المرأة مهما كانت مميزاتها .
- منذ التقيت ياسمين وصورتها لا تفارق مخيلتي وتلك النظرة الحزينة المغلفة بالألم تحز في نفسي وأرى فيها كل فتاة غلبة على أمرها وأن مأساتها ستظل تتكرر مع بنات جنسها ممن يجبرن على الزواج نزولاً عند رغبة الأهل ويجبرن على نسيان أحلامهن وترك التعليم تلبيةً لطلب الزوج الذي أصبح يتحكم بمصير حياة الزوجة ومستقبلها ووحده فقط من يقرر ماذا تفعل ؟؟وأين تذهب ؟؟وربما ماذا تأكل ومتى تنام وماذا تلبس ومن تزور من أهلها ؟؟؟.. هو يعتقد أنه مالك زمامها والمتصرف المطلق في كل شؤون حياتها ولا يحق لها الاعتراض لأن اعتراضها يخل بطاعتها لزوجها , فطاعة الزوج واجب مقدس لا يجوز الأخلال به أما تلبية رغبات الزوجة شريكة الحياة وتحقيق أحلامها وطموحاتها مهما كانت بسيطة مخالفٌ للشرع وتمردٌ على العادات والتقاليد ولاجوز أبداً .
ولهذا فأن وأد البنات مستمر من الجاهلية وحتى عصرنا هذا وأن اختلفت طرقه وأساليبه لأن النتيجة واحدة هي دفن البنت حيةً .. ففي الجاهلية كانت توأد البنت وتدس في التراب يوم مولدها وهي لا تعلم شيء أما في عصر الناس هذا فتوأد بثوب زفافها وهي تعي وتدرك ما تتعرض له من ظلم وقهر وحرمان وتبقى الحي الميت حتى يحررها الموت وتغادر الدنيا غير أسفة ً عليها لهول ما تعرضت له .