معشر الأخدام.. ناشطون يتسولون على حساب معاناتهم؟

 

✍️ رشادالخضر

مصيبة قوم عند قوم فوائد.. حكمة تتجلى في أبشع صورها المنافية لكافة القيم الدينية والأخلاقية والانسانية والتي تمارس ضد فئة من يطلقون عليهم مجازاً بفئة “الأخدام” في المجتمع اليمني..
هذه الفئة المظلومة التي عرفت اجتماعياً بأنها من أكثر الفئات التي تمارس مهنة التسول سعياً منها لكسب لقمة العيش بغض النظر عما تعانيه من أصناف وأنواع الإذلال والقهر الاجتماعي إلى درجة امتهان كرامتهم وإنسانيتهم وآدميتهم وانتهاك أعراض نسائهم مقابل الحصول على خمسة ريالات أو كسرة خبز تسد فيها رمق الجوع، أو عود قات تتعاطاه لتتناسى في نشوتها معاناتها وآلامها وسوء حظها الذي جعلها تعيش في وطن يرفض مواطنوه الاعتراف بها وبوطنيتها وإنسانيتها له حتى وإن تساوت معه بالعقيدة والدين بحمل البطاقة الشخصية أو الانتخابية كوثائق..
إن حمل فئة الأخدام لهذه الوثائق ليس لإثبات هويتها الوطنية بل لإعطائها صبغة الشرعية لانتهاك حقوقها ومصادرة كل أدوات الإنتاج منها جزاءً عما اقترفوه أسلافهم من “بني نجاح” من أخطاء تاريخية وما أعقبها من أحكام صدرت عليهم إثر إسقاط دولتهم آنذاك وسوف نخوض في تفاصيل هذه الحادثة في حلقة قادمة..

وأعود وأقول أن تلك الأخطاء التاريخية برغم تعاقب دوران الحياة إلا أننا كمجتمع لم نشفع لهم نتيجة التربية والتنشئة المجتمعية المتوارثة، كإرثنا الذي نرثه من أجدادنا من الجنبية والعمامة والعسيب … الخ من الإرث ومن ضمنها ورثنا عن أجدادنا الأعراف والتقاليد القبيلة ضد فئة الأخدام، والذين نتعاطى مع قضاياهم- مسئولين وأفراد وجماعات ومجتمع- من منطلق الأعراف والمواثيق المنظمة لقانون القبيلة، لا من منطلق القوانين والتشريعات الوطنية بل حتى الاتفاقيات الدولية والمعاهدات التي يتم المصادقة عليها وخصوصاً تلك المعاهدة ذات الصلة بمناهضة كافة أشكال التمييز العنصري والذي تدعي بعض المنظمات الحقوقية بأنها يمارس ضدها (فئة الأخدام) وبصورة واضحة وجلية وإن لم يصبغ بالصبغة القانونية على حسب قولهم..
وعللت ما تعانيه فئة الأخدام من حرمان ومصادرة لمجمل حقوق ومزايا المواطنة المتساوية منها بقصد أو بدون قصد، هي خير دليل على ما يمارس ضد هذه الفئة من تمييز بحسب ما تؤكده تقاريرهم المنشورة في كتبتهم وإحصائياتهم وبصورة واضحة كانت سبباً كافياً لتفاقم أوضاعهم المعيشية والإسكانية والصحية … الخ.
حيث زادت كل تلك العوامل من حدة انعزالها عن محيطها الاجتماعي وتوسيع الفجوة بينها وبين بقية الفئات الأخرى أوضاع مأساوية تجاهلتها حكومتنا وتعاطفت معها العديد من المنظمات والهيئات الإنسانية الدولية من داخل وخارج الحدود الوطنية والتي تسعى هذه المنظمات إلى مساعدة هذه الفئة المحرومة من كافة سبل العيش الكريم، حيث أن ذلك الاهتمام الذي توليه المنظمات الدولية وتزايد الاهتمام الدولي بها قد شجع بعض المنظمات والمراكز والمنتديات المدنية الوطنية المهتمة بما يسمى بحقوق الإنسان بأن تجعل من أولويات معاناة فئة الأخدام أداة من أدوات الاستعطاف للتسول بأسمائهم لدى العديد من المنظمات والهيئات الإنسانية والدبلوماسية المهتمة بحقوق الإنسان وبصورة خاصة تلك المهتمة بما يسمى بالأقليات..

حيث استطاعت بعض قيادات المنظمات المدنية الوطنية أن تستغل الدعم المقدم من المنظمات المانحة لصالح تحسين أوضاع هذه الفئة بعيداً عن احتياجاتها حيث أنه لا يتحصل أفراد وجماعات هذه الفئة على أي شيء يذكر حتى من بقايا كعك ومشروبات الدورات التدريبية وورش العمل والندوات والمؤتمرات الحقوقية والتي تنظم تحت ما يسمى بالديمقراطية وحقوق الإنسان للفئات المهمشة..
سلوك مقيت وجرم مشين دأبت على ممارسته بعض قيادات ما يسمون أنفسهم بالمدافعين والناشطين والأوصياء عن حقوق هذه الفئة، والتي لو علمت أن هناك من يناصفها مهنة التسول ليس على أرصفة الشوارع بل على أبواب الهيئات والسفارات حيث أثمر تسولهم بالحصول على مبالغ طائلة جعلتهم من الأثرياء بين عشية وضحاها بل بفضلهم أي فئة المهمشين الأخدام ، أصبحوا من المرموقين والمقربين لدى صانعي القرار..
ولو علمت فئة الأخدام بهؤلاء المستولين بأسمائهم لتركوا التسول في الجولات وأرصفة الشوارع وذهبوا إلى أبواب المنظمات الدولية والهيئات الإنسانية والسفارات الصديقة والشقيقة منها ، ولكن أجزم بأن فئة الأخدام لن يعملوها لسبب واحد هو حرصهم الشديد على سمعة الوطن رغم فقرهم!!

ومع ذلك فإن من يسيئون للوطن هم من أصابتهم التخمة لكثرة التهامهم لحقوق الإنسان ، وهم بالحقيقة متسولون على حساب سمعة الوطن ومواطنيه من الأخدام المهمشين.

حيث تؤكد التقارير والمعلومات التي يدلون بها لهذه المنظمات أو تلك هي حقيقة تستند بصورة أساسية عليها في إعداد التقارير الدولية عن الانتهاكات لحقوق الإنسان في اليمن بالاعتماد على تقارير بعض قيادات المنتديات والمراكز الحقوقية مع احترامنا بالتأكيد لمن لهم لمسات إيجابية في نشر الحقيقة بدون زيف، مع كل ذلك يتم التغاضي عنهم من قبل بعض المؤسسات الرسمية والتي اعتقد لو أن أحد نشطاء فئة الأخدام فكر وهم كثر برفع أي تقرير أو إعطاء معلومة عن حقيقة أوضاعهم لقامت تلك الجهات بإصدار أحكام عليهم واتهامهم بالجاسوسية والاستخباراتية والتبشيرية … الخ.
أما العازفون على شرايين حقوق الفقراء، والملتهمين لحقوقهم الإنسانية تحت مسميات عدة منها دمج اجتماعي، تنمية، صحة، تعليم … الخ فإن ذلك يتم بمنحهم الترقيات إلى مواقع يصعب على فئة الأخدام والمنظمات الداعمة ذاتها القيام بمقاضاتهم ومطالبتهم بتعويضهم عن كل دولار تسولوا بأسمائهم خلال السنوات الماضية وما يتسولونه حاضراً ومستقبلاً ، وصدقت الحكمة القائلة (أن مصيبة الأخدام عند بعض قوم الناشطين والحقوقيين فوائد )…. وللحديث بقية… .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى