مابين خيارين أحلاهما مر !!!

  • أحلام شاكر

لا مجال للمفاضلة عندما تجبرك الحياة بواقعها المؤلم على الوقوع بين خيارين أحلاهما مر ورأيك الوحيد والمطلوب هو أختيار أحدهما مجبرا لا مخيرا، حينها فقط تشعر أن جل الأبواب قد أنسدت وضاقت بك الدنيا بما رحبت ، وفي لحظة تبخرت كل أحلامك الجميلة التي كنت تبنيها في مخيلتك على أمل أن تجد طريقها ذات يوم وتراها واقعا تعيش تفاصيله. أنت إذاً مسلوب الإرادة، مصادر القرار ومسيرا وفق أهواء ورغبات الأخرين الذين يحاولون أن يزينوا لك مصيرك المجهول ويحلون بمعسول كلامهم مر خيارك الذي ستتجرعه في آت حياتك .لجميع يريدك أن تختار ما لاتريد ويحاولون جاهدين إقناعك بما انت غير مقتنع به .فهل بمقدورك أن ترفض ؟ وهل تمتلك القدرة على تحمل نتيجة رفضك ؟

تساؤلات كثيرة تقفز إلى مخيلتك فتزداد حيرة وانت تدرك أنك لابد أن تختار وتدفع ثمن هذا الأختيار مهما كان موجعا. والموجع أكثر حين توضع المرأة أمام هذا الأختبار الصعب فتخير بين الموت أو الموت . لا أحد يستطيع أن يتخيل قساوة هذا الأختبار أواللحظات الموجعة التي تعيشها .. (هند ) واحدة ممن خضعن لهذا الاختبار وخضن هذه التجربة الموجعة . فما الذي قالته هند عن محنتها التي قادتها إلى خلف قضبان السجن وحكمت عليها بالموت وهي على قيد الحياة ..؟

تقول هند أعطتني الحياة مالم تعطه لأحد غيري من بنات القرية: أم حنون وأب محب يقدس العلم ويعتبره من أهم الاحتياجات التي يجب أن نحصل عليها ، وفعلا كنت عند حسن ظن أبي وتفوقت في كل مراحل دراستي واخترت دراسة الطب لتحقيق حلمي أولا وحلم أبي الذي كان يتمنى أن يصبح طبيبا لولا الظروف التي أجبرته على التنازل عن حلمه،  وكل يوم كنت أقترب من تحقيق هدفي حتى لم يبق بيني وبينه إلا أشهر معدودة. إلا أنه تبدل الحال غير الحال وانقلبت حياتي رأسا على عقب بعد أن نجح الحساد في في إيغار صدر أبي وتحريضه ضدي ولعبت خالتي زوجة أبي الدور الأكبر والأكثر قذارة.. حاول أبي أن يتغاضى لكنه استسلم وقرر أن يضع حدا للكلام الذي كان يقال له والذي بلغ حد الطعن بشرفي وأخلاقي ..تسكت قليلا وكأنها تستجمع قواها وهي تقول: كنت أستعد لاختبارات السنة النهائية وكلي أمل أن أختم مشوار حياتي بالتفوق الذي بدأت به وبدأت أخطط لحياتي العملية وأنا أحمل لقب الدكتورة…يومها وعلى غير العادة عاد أبي من بيت خالتي والغضب يتطاير من عينيه وبدون تردد وبلغة الأمر قال لي إستعدي للزواج بدلا من أن  تجلبي لنا الفضيحة حاولت أن أفهم منه،  لكنه أصر ولم يصغ إلى كلام أمي وتوسلاتها. لم يترك أمامي آي خيار آخر، فإما الجلوس بالبيت وترك الجامعة أو الزواج. بكيت بكل حرقة لكن كلام خالتي الباطل أعمى بصره وبصيرته…حلفت له بكل المقدسات أن هدفها منعي من إكمال دراستي فقط ثم اضطررت على مضض الى القبول بالزواج من الشخص الذي أختاره أبي لي بغض النظر عن سنه، ولم أعترض على كوني سأصبح الزوجة الثالثة،  فقط كل ما أريده هو أن يؤجل العرس إلى بعد الاختبارات لمدة شهرين فقط لكن أبي رفض لأن خالتي أقنعته أنني أخطط للهروب مع زميل لي أدعت أنني أحبه. والغريب أن من أختاره أبي ليكون زوجا لي وافق والتزم أنه سيقوم بإيصالي إلى الجامعه بنفسه، بيد أن أبي رفض هذا ايضاًوبإصرار عجيب. أسودت الدنيا أمامي ورأيت أحلامي تتحطم وعمري يضيع ..أشتعلت نار الانتقام بصدري ولم يبق لي من هدف إلا تدمير حياة خالتي التي كانت سببا بتعاستي وحرماني من حلم حياتي فذهبت إلى بيتها حيث استقبلتني بضحكة واستهزاء وسخرية وهي تقول أهلا بالدكتورة هند. لم أشعر بنفسي إلا وأنا أضربها وبكل قوة بعصى كانت معي وهي تصيح وتستنجد وكان أبي أول الواصلين وسمعها وهي تقول أنا كذبت على أبوكِ.. كيف انت درستي وبناتي لا..!!! كنت أشعر بالقهر من داخل قلبي وأبوك يناديكِ بلقب دكتورة فقررت أن أدمر حياتك وأشوه سمعتك ولفقت لك التهم لكن توقفي عن ضربي و أقسم بأن أعترف لأبيكِ بالحقيقة فأنا حامل …في تلك اللحظة خفت عند سماع صوت أبي فضربتها على رأسها ..وأسعفوها للمستشفى لكن لسوء الحظ أن خالتي فارقت الحياة. أنا الآن أقضي عقوبة السجن بتهمة القتل على أمل أن تنجح الوساطات العائلية ويقبل أهلها بالتنازل أو الدية.

*هند أكملت دراستها وحققت حلمها وأصبحت طبيبة لكنها اليوم تحلم بحريتها وتتمنى أن يضحك لها القدر من جديد ويمنحها خياراً أخراً في حياة تكون الفتيات أكثر ضحايا جرائم ضد الإنسانية بحجة شرف العائلة بغض النظر عما إذا كن بريئات أم لا.؟؟؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى