لغز البيضة اولاً أم الدجاجة

 

✍️ بسمة العواملة

منذ أن كنا اطفالا و نحن نسمع بالجدل الدائر حول أيهما أسبق بالوجود الدجاجة أم البيضة وكنا نقرأ آراء المفكرين و الفلاسفة حول هذه الجدلية ، حتى تكونت لدينا قناعة مفادها ، أن في هذه الحياة الكثير من الجدليات ، التي تحاول الوصول الى مدى أهمية مسألة بمواجهة مسألة أخرى ، قد تبدو اكثر او اقل اهمية
لا ادري ربما من باب الشيء بالشيء يذكر ، تذكرت الجدل الذي أثير بين عدد من المهتمين بالشأن السياسي في إحدى الفعاليات التي كانت تحت عنوان مفاده ضرورة تشجيع الشباب على الإنخراط في الحياة السياسية ، و حثهم على الإنتساب للأحزاب ، هالني ما سمعته من إحدى الشابات ، من خلال طرحها لتساؤل مشروع ، و هو كيف لمن لا يجد قوت يومه ، او لمن لم يوفق في إيجاد فرصة عمل على الرغم من حصوله على الشهادة الجامعية ، أن نقنعه و ندفعه للإنخراط في الحياة السياسية ،
وهنا قفز الى ذهني ذات السؤال ، أيهما أولى بالبدء في الإصلاحات ،هل نبدأ بلإصلاح الإداري السياسي أم بالإصلاح الإقتصادي ، كيفما نظرت للأمر تتملكك الحيرة ، فكما الحقوق لا تتجزأ كذلك الإصلاحات ، فهي تمثل منظومة متكاملة تسير بطريق متوازي
للوصول الى الهدف الأشمل الا و هو تحسين المستوى المعيشي للمواطن من خلال الإستثمار الناجح لموارد الدولة ، وخلق فرص عمل و إيجاد حلول ناجعه لمشاكل الفقر و البطالة من خلال إعداد برامج قابلة للتطبيق ، تحمي مصالح كافة شرائح المجتمع و تراعي الواقع الإجتماعي للدولة الأردنية و ليس بالإعتماد على برامج مستنسخة و منقولة عن تجارب لدول أخرى .

و لعلنا نجد الإيجابة عما أُثير من إختلاف ، بايهما اولى في البدء بالتطبيق ، من خلال الفهم العميق للآية الرابعة من سورة قريش ، بعد بإسم الله …( الذي أطعمهم من جوعِ و آمنهم من خوفٍ ) فالأية اشارت الى أهمية تأمين الأحتياج الأقتصادي للإنسان و تبعه تأمين الإحتياج الأمني ، فكليهما حاجة إنسانية ضرورية لا غنى عن أي منهما
فعدم توفير فرص العمل و التعليم الجيد والطبابة و غيرها من حقوق أساسية ، حتماً سينعكس سلباً على الحقوق السياسية ، فكيف سيتحقق الوعي السياسي للإنسان ما دام مهدداً بالجوع و الفقر ،و كيف له أن يفاضل بين برامج حزبية وعقله مشغول بتأمين مصاريف عائلته و تأمين لقمة عيشه ، كيف لنا أن نطالبه بممارسة حقه باللإنتخاب و ليس في جيبه ما يسد به إحتياجاته الأساسية و ليست الكمالية ، و قد قيل قديماً (لا تتخذ قراراً و أنت جائع ) لأن قرار الإنسان و هو تحت تأثير الجوع سيكون قراراً غير مدروس ، نابع من حاجته بالحصول على منفعة فورية بوقت أقل ، تماماً كما يحدث في اوقات الإنتخابات ، فنجد ظهوراً قوياً للمال الاسود و تزيد ظاهرة بيع الأصوات كذلك ، فقبل أن نعدل المسار السياسي الإنتخابي علينا أن نعمل على تصحيح و تعديل بالمسار الإقتصادي لدفع عجلة الإنتاج و تحقيق مستوى معيشي لائق من خلال ايجاد حلول ناجعة لمشكلتي الفقر و البطالة ، بعكس ذلك سنبقى كمن يحفر في الماء .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى