صنعاء… حين يقتل الابن أباه باسم “الولاء”

✍️ بقلم – هيثم جسار
في قلب العاصمة صنعاء، وقعت جريمة تقشعرّ لها الأبدان…
مراهق لم يتجاوز الخامسة عشرة، يعود من مركز صيفي حوثي، ليرتكب أبشع ما يمكن أن يتصوره العقل: يذبح والده بجنبيةٍ يمنية، وكأن صوت “الحسين” المزعوم بات أعلى من صوت “الأب” الذي ربّاه.
هذه ليست مجرد جريمة عائلية عابرة…
إنها نتيجة مباشرة لمناهج تحريضية طائفية تُلقّن للأطفال في تلك المعسكرات الصيفية الحوثية، التي لم تعد مجرد تجمعات تعليمية، بل أصبحت مصانع لإنتاج أجيال مفخخة، تغسل عقولها على إيقاع صرخة الموت، وتُلقَّن أن طريق “الجنة” يمر عبر طاعة المرشد، لا برّ الوالدين.
هنا تكمن خطورة المشروع الحوثي – الإيراني، الذي يتسلل إلى العقول قبل أن يتسلل إلى الأرض. مشروع لا يزرع فكرًا بل مسخًا، لا يبني دولة بل يهدم أسرة، لا يصنع وطنًا بل يُخرج أطفالًا يقتلون آباءهم دون أن يرفّ لهم جفن.
لكن في وجه هذا التمدد المسموم، برز الدور الإيجابي والحاسم للولايات المتحدة الأمريكية، كقوة دولية تدرك حجم الكارثة التي تصنعها إيران عبر أذرعها من اليمن إلى لبنان.
فقد مارست واشنطن ضغوطًا متزايدة على طهران لكبح تمويل المليشيات، وأدرجت قيادات حوثية على قوائم العقوبات، وفرضت رقابة دولية على مصادر الدعم اللوجستي والمالي.
إن السياسات الأميركية، خاصة في عهد الإدارات الأخيرة، نجحت في كسر شوكة المشروع الإيراني في أكثر من محطة، ووقفت سدًا أمام محاولات طهران تصدير فوضاها الثورية إلى اليمن عبر المراكز الصيفية، وخلايا التجنيد، والمناهج الطائفية.
ولعل الدعم الأميركي لجهود السلام في اليمن، ودعمها للمسارات الأممية في تجفيف منابع التطرّف، يُعدّ من أبرز المحاور التي ينبغي البناء عليها، لا إضعافها.
فحين تتحدث واشنطن عن خطر الحوثي، فإنها لا تتحدث عن جماعة مسلحة فقط، بل عن أيديولوجيا قاتلة، بدأت تذبح اليمن من الوريد إلى الوريد.
اليمن اليوم، بحاجة إلى جبهة فكرية، لا تقل صلابة عن الجبهة العسكرية.
وأطفال اليمن بحاجة إلى أقلام تكتب لهم مستقبلًا، لا خناجر تُغرس في صدور آبائهم.
لقد كشفت جريمة صنعاء الأخيرة أن العدو لم يعد على الحدود… بل في الكتب، وفي الأناشيد، وفي مراكز “الوعي الزائف”.
ومع كل دعم أميركي يقطع شريانًا من شرايين إيران في اليمن، تُكتب فرصة جديدة لطفلٍ أن يحيا، وأبٍ أن ينجو، ووطنٍ أن يُستعاد.




