حرب غزة تقترب من الانفجار الإقليمي

 

✍️ أ د / دحان النجار

مع بداية حرب غزة توقع معظم المحللين السياسيين والعسكريين اتساعها اقليميا كون محور المقاومة في المنطقة يساند بعضه البعض ولن يسمح بالتهام احد مكوناته وتغدو المكونات الاخرى أهدافا تدريجية بعد انتهائها وتتمكن إسرائيل من تحقيق حلمها الاكبر في المنطقة.
من الواضح ان أسرائيل هددت الأطراف المحتمله الاقرب في محور المقاومة وبالذات حزب الله بتدمير لبنان كليا ودون رحمه وكذلك امريكاء حشدت أساطيلها بما فيها حاملات الطائرات في خطوة استباقية تعلن استعدادها لضرب اي طرف سوف يشترك في المعركة إلى جانب حماس ، ايضا أقامت جسرا جويا لمد إسرائيل بكل ما تحتاجه من الأسلحة والذخائر الفتاكة لضمان انتصارها في المعركة وتجاوبت مع طلبات إسرائيل دبلوماسيا وسياسيا في مختلف المحافل بما في ذلك مجلس الامن الدولي وخصصت اموال طائله لدعم إسرائيل باعتبار إسرائيل كيان يمثل المصالح الأمريكية في المنطقة لا يمكن السماح بهزيمته وكما قال الرئيس بايدن لو لم تكن إسرائيل موجوده لاوجدناها. الدول الغربية الفاعلة مثل بريطانيا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا هبت للدفاع عن إسرائيل بكل الامكانيات المتاحة برغم غرقها في المستنقع الاوكراني والفارق بين القضيتين حيث ان إسرائيل دولة محتله للأراضي الفلسطينية في الضفة والقطاع اما أوكرانيا فهي دوله جزء من أراضيها محتل وهناك مبرر لمساعدتها في دحر ذلك الاحتلال ، اما مساعدة إسرئيل فهي مساعدة غير اخلاقية وغير قانونية هدفها تكريس الاحتلال خلافا للقرارات الدولية والمعايير القانونية الدولية لكنها فرض الأمر الواقع الغير عادل.
قوى المقاومة في المنطقة فهمت الرساله ولم تنجر إلى مغامره للاشتراك في الحرب بشكل كلي بالرغم من بعض المناوشات مع حزب الله في الجنوب اللبناني ربما تقديرا لهذا الحشد العسكري الدولي الغير مسبوق وعدم الرغبه في الدخول بمغامره مدمره وربما مراعاة للمحادثات الأمريكية الإيرانية حول الاتفاق النووي وعدم توتير الأوضاع قبل إعادة توقيعه وتخفيف الحصار السياسي والاقتصادي على ايران وربما لثقة محور المقاومة بقدرة الغزاويين بقيادة حماس على مواجهة الجيش الاسرائيلي وإنزال الضربات المؤلمة فيه وحرمان حكومة نتانياهو من تحقيق هدفها في استئصال حماس بدرجة رئيسيةً وذراعها العسكري القسام واعادة احتلال غزه وتهجير سكانها.
بدات المناوشات بين حزب الله واسرائيل وتطورت إلى هجمات متبادله لكنها لم تسمو إلى حرب شامله وكذلك فصائل المقاومة في العراق وسوريا هاجمت القواعد الامريكية تضامنا مع غزة لكن كان الرد قاسي ولم تتطور تلك الضربات إلى مواجهة فعليه واستمرت إسرائيل بضرب سوريا دون رادع ومع ذلك كانت تتجنب الحرب الشاملة مع حزب الله كي لا تواجه جبهتين او اكثر في آن واحد والتزم الطرفان قواعد الاشتباك ولم يقدما على حرب مفتوحه. محور المقاومة وجه ضربات مؤلمة لإسرائيل في البحر الأحمر من قبل انصار الله في اليمن وهو ما لم تتوقعه إسرائيل وحلفائها بالشكل الذي حصل وكانت المنطقة الرخوة حيث وصلت الصواريخ والمسيرات اليمنية الحوثية إلى إسرائيل وفرض حصار على سفنها والسفن المتعاملة معها الأمر الذي سجل نصرا معنويا لصالح محور المقاومة ولم تكن إسرائيل وحلفائها جاهزة للتعامل معه .
في الوقت الذي لم تحقق إسرائيل هدفها بإعادة احتلال غزة واستئصال حماس نهائيًا كان لابد لنتانياهو من تحقيق مكاسب ولو عبر المغامرات كي يغطي على إخفاقاته ويرضي جمهوره ومنها التوجه إلى الشمال واستفزاز حزب الله والمطالبه بشريط حدودي عازل وهو الأمر الذي لن يقبل به حزب الله مهما كان الأمر وليس من المستبعد ان ناتانياهو يريد تفجير الوضع مع حزب الله وهو يعي بان امريكاء بدرجة رئيسيةً وحلفائه الآخرين في أوروبا سوف يدخلون معه في الحرب وبهذه الحالة يكون قد خلط الأوراق وربما انه يراهن على تحقيق نصر عسكري في لبنان يعيد اعتبار الجيش الاسرائيلي هناك بعد خسارته معركة ٢٠٠٦ ومستغلا الوجود العسكري الأمريكي لتحقيق نصر استراتيجي على حزب الله الذي خسر سند قوي كان يتمثل في سوريا قبل الحرب الاهليه والتي اصبحت في بعض مناطقها ميدان نشاط عسكري واستخباراتي اسرائيلي وغربي وسلطة غير قادرة على حماية اجوائها كما في السابق على الاقل . اما ايران التي تعمل عبر اذرعها في المنطقة نتانياهو يحلم بجرها إلى الحرب الشاملة التي ستكون الولايات المتحدة طرفا فيها بحكم انها الحليف الاكثر من استراتيجي لإسرائيل وهي الدوله التي لا تقبل بالهزيمة ولديها الترسانة العسكرية الأكثر فتكا في العالم وبالتالي تدمير ايران واخراجها من المعادلة الإقليمية وتصبح إسرائيل هي الدولة المنتصره التي لم يوقفها أحد من مد حدودها بين الفرات والنيل بدل من تركها تعيد الاتفاق النووي مع الولايات المتحده وتحافظ على قوتها العسكريه المتنامية والتي تشكل هاجس اسرائيلي مؤلم لا يمكن الاستمرار والتعايش معه.
نقل إسرائيل بعض ألويتها العسكرية القتالية من غزة إلى الحدود الشمالية وتخطيها الخطوط الحمراء لحزب الله في في مناطق سيطرته وذلك في اغتيال نائب رئيس حركة حماس صالح العروري وعدد من قادتها في الضاحية الجنوبية وهم تحت حمايته وكذلك تهديد سوريا والاستمرار في ضرب مطاراتها والاصطدام المسلح في جنوب البحر الأحمر وباب المندب كل هذا يشير إلى ان انفجار الحرب الإقليمية ليس ببعيد .
د.دحان النجار
ميشجان ٢ يناير ٢٠٢٤م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى