حرب إسرائيل على غزه -قرار مجلس الامن الدولي رقم 2728 مفرغ من محتواه لكنه خطوة متقدمه:

أ د / دخان النجار

الانتهاكات الاسرائيلية في غزه وارتكاب الاباده الجماعية مشكلة إنسانية لا يمكن التغاضي عنها ولم تعد قابلة للمغالطات الاسرائيلية والداعمين لإسرائيل فكلهم في حرج مما يدود من عنف وتجويع والأكثر تعصبا لإسرائيل يحاولون التغطية على ذلك بالإفراط في الحديث والتصريحات عن ادخال المساعدات الانسانية وكان اشهرها عملية قذف بعض المواد الغذائيه من الجو الامر الذي يعتبر اهانة للفلسطينيين وللإنسانية بشكل عام لانها خطوة ذر الرماد على الأعين لما تمثله من التفاف على الحقائق بخلق ضجه اعلامية صاخبه وكان مئات او الالف الكراتين الملقاه من الجو سوف تحل مجاعة مليوني ونصف مليون نسمه في غزه. كان القائها بذلك الشكل المهين في العراء او في البحر والمواطنون يجرون بعدها كالقطيع تحت القصف الاسرائيلي والقتل المتعمد وكانها كانت خطة للتجمع كي يسهل ضربهم.
ومثلها المينا المؤقت المزعوم الذي سيكون حلقة من حلقات احكام الحصار على الفلسطينيين بجعل سجن غزه الكبير له باب واحد من البحر تشرف عليه اسرائيل بدلا من إجبارها على فتح المعابر البريه لدخول المساعدات الانسانية مع ان هذا المنفذ البحري يحمل الكثير من المعاني المؤلمه للفلسطينيين والذي قد يتحول إلى حصار ضيق المعاني ومعبر للترحيل ربما ومبرر للتواجد العسكري الإسرائيلي الدائم قبالة غزه من جهة البحر.
مشاريع القرارات في مجلس الامن خلال الفتره الماضية والتي كانت تهدف إلى وقف اطلاق النار وادخال المساعدات الانسانية وقفت الولايات المتحده الامريكية ضدها جميعها واستخدمت حق النقض الفيتو وعطلتها تماما وتقدمت بمشروع قرار الاسبوع الفائت مفاده إتاحة الفرصة لإسرائيل باستمرار حصارها وحربها على القطاع وسكانه ما عدى ادخال بعض المساعدات الانسانية وبالمقابل الافراج عن كل الاسراء لدى حماس وهي الورقه الرابحه بيدها ما ادى إلى ان تستخدم الصين وروسيا حق النقض الفيتو لاول مره في هذا النزاع بين اسرائيل وحماس واعتبرتاه قرار فتنه يسمح باستمرار القتل والتجويع للفلسطينيين العزل من السلاح وهو الامر الذي دفع بالجزائر إلى تقديم مشروع قرار يحمل الغرض الانساني المطلوب منه يلبي رغبات معظم دول وشعوب العالم المناهضة لهذا العنف والاباده المفرطة وهو وقف دائم للحرب وفتح الممرات لادخال المساعدات الانسانية دون شروط وكذلك التاكيد على حل الدولتين الذي يعني انها الاحتلال الذي كان ولا زال هو سبب كل ما يحصل خلال الفترة الماضية منذ قيام إسرائيل كدولة على الأراضي الفلسطينية وحتى اللحظة .
تم تاجيل التصويت على هذا القرار الذي كان من المفترض ان يصوت عليه مجلس الامن الدولي يوم السبت الماضي إلى يوم امس الاثنين 25 مارس بسبب اعتراض وفد الولايات المتحده على صيغته الراهنة وعمل على تعديل الكثير من بنوده حتى ان الامن اقتصر على وقف اطلاق النار في رمضان واطلاق كل الاسرى او المختطفين ولم يشير القرار إلى انه تحت البند السابع الذي يفرض عقوبات وحتى استخدام القوه في حالة عدم الامتثال له بغض النظر عن اختلاف مواقف وتفسيرات المحللين السياسيين حوله وله.
من وجهة نظري القرار افرغ من محتواه لكنه يشكل خطوة متقدمة نحو احراج اسرائيل وداعميها وبالذات الولايات المتحده التي تعاني من شدة ضغط اللوبي الصهيوني في مجلسي النواب والشيوخ والذي يستخدمه نتانياهو حتى لاذلال مؤسسة الرئاسة الأمريكية التي دعمته بشكل مطلق ولكنها مضطره ان تراعي بعض الاعتبارات الاخرى الداخليه والخارجية كي تحافظ على ماء الوجه امام ردت الفعل الشعبية والرسمية المتنامية والتي ضاقت ذرعا بالانتهاكات الاسرائيليه الجسيمة الغير قابله للتبرير حتى من قبل طائفه واسعه من اليهود انفسهم ، والإدارة الأمريكية تدرك ايضا حجم الضرر الذي الحقه دعمها المطلق لإسرائيل في هذه الحرب الظالمة على سمعتها الدولية وفي أوساط قطاعات واسعه من الناخبين الأمريكان بما فيهم العرب والمسلمين الأمريكان الذين يشكلون قوة انتخابية لا يمكن الاستغناء عنها في اي انتخابات قادمة.
ايضاً الاداره الإمريكية الحريصه على سمعة إسرائيل الدولية والتي تعمل جاهدة على إنقاذ سمعتها التي تأثرت كثيرا بحربها على غزه واستخدام كل وسائل الاباده من قتل وتجويع لم يعد أحد قادر على التغطية عليها من خلال التحفظ على مشروع القرار المفرغ سلفا ارادت ايضاً ان توجه تحذير لنتانياهو وحكومته المتشدده والمتطرفة التي اصبحت تتحداها بشكل سافر كي لا تجد نفسها في عزله دولية وجماهيرية يصعب معها اعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل هذا العدوان من تعاطف ومسانده للكيان الاسرائيلي جعلته محصن من كل القوانين والشرائع الدولية الانسانية .
ومع ذلك يظل القرار 2728 خطوة في الاتجاه الصحيح على الاقل انه انذار مبكر لإسرائيل من القادم ويبنى عليه في اتخاذ القرارات التالية التي لا يمكن ان تكون اقل منه شأنا.
إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية ومن يقف معهما في وضع اخلاقي صعب بعد قرار محكمة العدل الدوليه والذي تملصت منه اسرائيل ومن اي عقوبات كان يجب ان تصدر بعده بدعم من حلفائها بل وعُوقب الفلسطينيون من خلال قطع المساعدات على الوكالة الدولية للاجئين للفلسطينيين الأونروا يضاف اليه هذا القرار الأممي الأخير شكلا خطوات متقدمة لزحزحة الحصانة الدولية لإسرائيل وتعريتها جماهيريا ورسميا لا يمكن ان تعود بعدها الى وضعها المحصن السابق.
د. دحان النجار ميشجان 26 مارس 2024

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى