ترامب يصدم أمريكا اليوم ثم كندا ثم كل العالم حتى يصل اليمن

عبد القادر الجنيد

✍️ عبد القادر الجنيد

أنا جئت من اليمن إلى كندا وأحمل جواز سفر البلدين.

وهناك ذلك الهوى والألم نحو فلسطين.

أستطيع أن أؤكد أن كندا- هذا اليوم- واقفة على أطراف أصابع قدميها تتطلع إلى ما سيفعله بها ترامب… وكذلك اليمن وفلسطين.

ترامب سوف يصدم أمريكا اليوم ثم كندا ثم كل العالم حتى يصل لليمن.

يقولون أن ترامب سوف يغير العالم.
ولكن أيضا قد يجعث ترامب العالم وينعثة ويدخله في أزمات وصراعات لا تنتهي

**
أولا: قوة ترامب
**

١- الإنحناء لترامب
*
الكل، يعرف عوامل القوة الجديدة عند ترامب وينتظر دوره وهناك نوع من الاستسلام والموافقة على الركوع والانحناء في أوساط الديموقراطيين في أمريكا وشيئ مشابه في بقية العالم مع همسات مكتومة بأنهم مستعدون لتحدي ترامب والتصدي له.
هذا عكس بداية الرئاسة ترامب الأولى في ٢٠١٧

٢- هزيمة الليبرالية واليسار
*
الليبراليون واليساريون، في حالة إنهاك واكتئاب وضياع ونقص معنويات.
مازالوا لم يهضموا كيف حصل ترامب على أغلبية أصوات الناخبين.

٣- التفويض الشعبي People Mandate
*
في ٢٠١٦، فاز ترامب على هيلاري كلينتون في “الكلية الانتخابية” التي حصل بها على الرئاسة ولكن هيلاري فازت بعدد أصوات الشعب الأمريكي.
في ٢٠٢٠، فاز بايدن على ترامب بالكلية الانتخابية وأصوات الشعب، وإن كان ترامب لم يعترف بهذا.
هذه المرة في ٢٠٢٤، فاز ترامب على كامالا هاريس بالكلية الانتخابية والأصوات الشعبية وتفويض القبول.

٤- مليارديرات التكنولوجيا
*
بسبب تحول الطقس اليوم إلى أبرد يوم في تاريخ واشنطن، سيحلف ترامب اليمين داخل مبنى الكابيتول.
الآلاف من كل المدعوين الذين يعشقون الترامباوية لن يدخلوا القاعة.
والذي يخطر على بالي من المحرومين هو دانييل سميث رئيسة حكومة البرتا، الولاية التي أعيش فيها والتي تتملق ترامب والتي يعتبرها كل رؤساء حكومات الولايات الكندية الأخرى خائنة لكندا الكبرى.

دانييل سميث، هي النسخة الكندية من عيدروس الزبيدي في اليمن.
تقول أن البرتا غنية ومعها بترول ولهذا يجب عليها أن تنفصل عن كندا.

أكبر علامة على تغير أحوال أمريكا- في رأيي- هي أن مليارديرات التكنولوجيا في أمريكا سيكونون في أماكن الصدارة داخل القاعة.
هؤلاء، كلهم كانوا مع كلينتون وأوباما وبايدن، ولكن كلهم الآن مع ترامب بسبب الضرائب.
كلهم تبرعوا لانتخابات ترامب ونفقات حفل اليوم.
إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، الذي تبرع لترامب بربع مليار دولار يهدد كل عضو كونجرس بأنه سيتبرع ضده لإسقاطه بعد سنتين إذا عارض ترامب.
هذا عالم جديد حتى لأمريكا نفسها.

**
ثانيا: مائة أمر رئاسي
**

في نفس يوم التنصيب وفي الأيام الثلاثة التي تليها سوف يوقع ترامب على مائة أمر رئاسي ليقلب أمريكا رأسا على عقب.

١- إسعاد المتطرفين
قبل ١٠ أيام، استضاف ترامب منتجعه مارا- آ- لوجو Mar-a-Lago في فلوريدا، المتطرفين من أتباعه جماعة الحرية
‏ the ultraconservative House Freedom Caucus
ويوم أمس الأحد، التقى بحشد من المؤيدين في واشنطن.

وبشرهم أتباع ومؤيديه بأنه سيفرحهم للغاية بقرارات أوائل أيام الرئاسة.

٢- إلغاء كل سياسات بايدن المتعلقة ب “التنوع- المساواة- تمثيل كل الفئات ” DEI
‏ “diversity, equity and inclusion”

٣- إلغاء سياسات بايدن التي تمنع التنفيب عن البترول في سواحل أمريكا
وإلغاء سياسات الحماية من الإحماء الحراري والانبعاث الكربوني وتقلبات المناخ.

٤- تحطيم الدولة العميقة deep state
أوامر رئاسية تعطيه الحق بتعيين موظفين ترامباويين موالين له ومن لمحافظين والإيڤانجليكيين المسيحيين في الحكومة الاتحادية الفيدرالية يحلون محل الموظفين الخبراء الحاملين للشهادات والذين ترقوا عبر السنين في سلم الوظائف حتى أصبحوا هم الدولة العميقة المسيرة الفعلية للبلاد.

٥- ترحيل الأجانب
أكبر عملية طرد الأجانب في التاريخ
وسوف يعتبر وصول الأجانب على الحدود خطرا على الصحة العامة وعاملا لانتشار الجريمة وتجارة المخدرات.
وسوف ينشئ أماكن لاحتجاز الأجانب المعتقلين ويصعب حق اللجوء السياسي.
كل هذا فوق طاقة الأمن في الولايات الحدودية ويريد استعمال الجيش لهذا الأمر.

٦- زيادة التعريفة الجمركية وتخفيض الضرائب
هذا موضوع طويل سيدخل أمريكا في صراع طبقي وسوف يزيد من حجم الديون الأمريكية وسوف يدخل أمريكا في صراع مرير مع كندا والمكسيك والصين وأوروبا وكل دول العالم.

٧- كشف ملفات أسرار اغتيالات چون كينيدي وأخيه روبرت كينيدي ومارتين لوثر كينج.

٨- العفو عن الترامباويين الذين هاجموا الكونجرس في ٦ يناير ٢٠٢١ احتجاجا على فوز بايدن على ترامب.

**
ثالثا: صدم العالم بالسرعة والقوة وانتهاز الفرصة
**

يقول ترامب أنه لا وقت عنده وأنه قد تجهز لتنفيذ خططه ونواياه من أول لحظة بأفكار وبنزعة هجومية، وبسرعة وقوة وانتهاز فرصة وبتحقيق أحلام العظمة

١- أفكار ترامب
ترامب، لا يريد أيضا الحروب الطويلة ولا انغماس أمريكا في حل مشاكل الآخرين.
ولا يهتم ترامب بأن يقع الضعفاء فريسة للأقوياء.
لكن يمكن إيجاد مكانا لوضع الضعفاء فوق رف أو خانة أو ملجأ إذا كان هذا ضمن صفقة كبرى كما يأمل من صفقة السعودية واسرائيل وفلسطين أو بتسليم أجزاء من أوكرانيا لروسيا

٢- نزعة ترامب الهجومية
*
الهجوم خير وسيلة للدفاع وفي كل الجبهات، وهذا هو ما قاله ترامب لمعاونيه الذين حاولوا أن ينصحونه بأن يؤجل الكثير من المائة الأوامر الرئاسية.
ترامب يريد إنجاز كل شيئ في نفس الوقت.
والعالم كله يترقب جرأة أو تهور ترامب من أول يوم داخل أمريكا وفي كل قارات العالم.

٣- سرعة ترامب
*
السرعة لازمة، لأن أي رئيس أمريكي يضعف بعد سنتين من توليه لأنهم يبدؤون بالتفكير بالرئيس التالي.

٤- قوة ترامب
*
القوة ثم القوة ثم القوة من أول يوم
القوة متوفرة عند أمريكا والتهور موجود عند ترامب، والقوة تحقق المكاسب وتنفذ الأهداف.

٥- انتهازية ترامب
*

يقول ترامب: “الحيوان الجريح المحصور في زاوية قد يكون خطرا، ولكن يجب استغلال ضعفه.”

هذا يعني أنه يجب انتهاز فرصة الحيوانات الجريحة في روسيا وأوكرانيا وإيران واسرائيل وفلسطين والحوثيين في اليمن.

هذا هو الوقت المناسب لانتهاز الفرصة ورفع السقف والمواجهة
It was time to go big.

**
رابعا: ثلاث قوى عظمى في العالم
**

ترامب يريد الاستيلاء على كندا وجرينلاند وقناة بنما.
ويريد جعل كل دول أمريكا الجنوبية حديقة خلفية للولايات المتحدة (مبدأ مونرو)
هذا سوف يجعل أمريكا قوة عظمى وحيدة على ثلث العالم من القطب الشمالي إلى القطب الجنوبي.
هذا سوف يحقق مبادئ “أمريكا أولا” و “اجعلوا أمريكا عظيمة مرة ثانية” و “الانعزالية” و الخروج من “الحروب التي لا تنتهي” ومن “الانغماس في المستنقعات”

وتارامب موافق على أن تكون روسيا هي القوة العظمى الثانية ويمكنها السيطرة على شرق أوروبا وإذا أرادت أوروبا مقاومة روسيا فهذا شأن أوروبي لا يخص أمريكا.

ونفس الشيئ مع الصين وشرق آسيا حيث يمكن أن تكون بيچينج القوة العظمى الثالثة.

هكذا يفكر ترامب ولكن كندا وكل أمريكا اللاتينية وأوروبا لا توافق.

**
خامسا: وقف حروب أوكرانيا وغزة
**

أحلام العظمة عند ترامب
كل من يكتب عن ترامب يقول أن عنده جوع وعطش شديد للحصول على جائزة نوبل للسلام، وهناك ثلاثة حروب يمكن أن يشتغل عليها ترامب.

١- إيقاف حرب أوكرانيا
*
ترامب موافق على إعطاء بوتين أراضي أوكرانيا التي قد احتلها وحجب انضمام أوكرانيا لحلف الناتو.
وسوف يغري زيلنسكي باستثمارات لازدهار أوكرانيا وبالضغط عليه بتوقيف مساندة أمريكا.

٢- إيقاف حرب غزة
*
وعقد صفقة بين السعودية واسرائيل مقابل “صفقة القرن” بين اليهود والفلسطينيين داخل دولة فلسطينية مقطعة الأوصال وناقصة ٢٠٪؜ من الأرض في غزة والضفة الغربية وناقصة السيادة التي كان قد اشتغل عليها صهيره جارري. كيشنر وسبق أن رفضها الفلسطينيون.

**
سادسا: إيقاف حرب اليمن
**
حرب اليمن تحتاج تفصيلا أكبر.

جوهر مشكلة اليمن:
*
١- الحوثي هو الأقوى وفي نفس الوقت لا يقبل بالمشاركة ويريد كل شيئ.
وفعلا كان الحوثي قد فاز بكل شيئ عبر اتفاق خارطة الطريق بينه وبين السعودية.

٢- مكونات الشرعية اليمنية مفككة وأضعف من الحوثيين بكثير.

٣- سياسات كل من السعودية والإمارات لها دور أساسي في ضعف وتفريق مكونات الشرعية اليمنية واستقطابات أعضاء المجلس الرئاسي بين الدولتين.

٤- كل من السعودية والإمارات قد انهزمتا أمام الحوثي وإيران.

٥- الإمارات، قد وضحت بتصرفاتها بأن كل ما تريده من اليمن هو الاستحواذ على جزيرة سقطرى وتحقيق الانفصال.
مسألة المواني والسواحل اليمنية موجودة أيضا.
ولا تهتم الإمارات ببقاء الحوثي أو زواله.
ولا ببقاء الشرعية أو زوالها.

٦- السعودية
تم إخراج إيران من تهديد أمن السعودية ومن معادلات القوة في اليمن.
السعودية، مازالت لا تريد مجاهرة إيران بالعداء ولا بنقض إتفاق مصالحتها مع إيران، ولا نقض ضمانات الصين للإتفاق.
وفي نفس الوقت، لا يوجد ما يحفز المملكة داخل المجلس الرئاسي أو الجيش اليمني أو التشكيلات العسكرية الإماراتية ما يغري الرياض بمعاودة الانغماس في مستنقع اليمن.

هذه الحيرة السعودية، هي ما نصفه نحن اليمنيون ب “الغموض السعودي ”

٧- ترامب واليمن
*
أمريكا، تريد تأمين الملاحة في البحر الأحمر من الأخطار الحوثية وتريد الاستقرار في المنطقة كلها وتريد الأمان لإسرائيل.
سوف يهتم ترامب أولا لمصلحة أمريكا بشأن تأمين الملاحة البحرية وتحقيق الاستقرار.
وسوف يحاول العمل مع اسرائيل والإمارات والسعودية ضد الحوثيين.
وسوف يمارس الضغط الأقصى على الحوثيين.

الغالب هو أن ترامب لن يكترث بالاهتمام بطلبات المجلس الرئاسي اليمني.
كل عضو مجلس رئاسي معه طلب متناقض مع الآخر، وسوف يتركهم لخالقهم أرحم الراحمين وللإمارات والسعودية.

٨- ضغط ترامب على الحوثي
*
أ- تضييق على وصول أي مساعدات من إيران عبر التهريب في البر أو البحر
ب- عقوبات جديدة على إيران إذا هربت أسلحة للحوثيين.
ج- التشديد على عدم سرقة الحوثي للمعونات ومنع إشراف الحوثيين على توزيع مساعدات البنك الدولي والأمم المتحدة للشعب اليمني
د- ربما عقوبات على التحويلات البنكية من المغتربين.
هـ- ربما توصيل المعونات الدولية للشعب للأراضي الواقعة تحت سيطرة الحوثي عن طريق بنوك وموانئ الشرعية.

٩- ترامب والسعودية
*
أما لو تخلصت السعودية من حالة الغموض؛
وأما لو كانت السعودية مازالت مهتمة باليمن فيمكنها سواقة ترامب لما ينفع اليمن.
وأما إذا تحمست السعودية أكثر، فيمكنها إقناع ترامب بضرورة وحدة اليمن وسلامة أراضيها وضرورة تنفيذ المرجعيات الثلاث، لأن هذا هو ما سوف ينفع اليمن.

… ما ينفع اليمن هو أيضا ينفع السعودية.

خاتمة
*
كان هذا هو مجهود اليوم في استكشاف:
“اليمن والسعودية—٢٠٢٥”
ماذا تريد اليمن من السعودية؟ وماذا تريد السعودية من اليمن.

عبدالقادر الجنيد
٢٠ يناير ٢٠١٥

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى