بن سلمان وبايدن ومعضلة إيران ونكبات فلسطين واليمن

 

✍️ عبدالقادر الجنيد

سنعرض مقالة مهمة في جريدة وول ستريت چورنال يوم أمس تحت عنوان:
“قنبلة إيران، الشوكة في السلام السعودي-الاسرائيلي”.

كاتب المقالة، ريتشارد جولدبرج
*
ينتقد دائما الإتفاق النووي الذي عقده أوباما وألغاه ترامب ويخفق بايدن في محاولة إعادته، ويكرس جهوده لمقاومة حصول إيران على أسلحة دمار شامل.
وكان قد عمل سابقا كاستشاري أول في مجالس مرموقة منها في الأمن القومي الأمريكي والكونجرس
وهو أحد مضيفي النشرة المذاعة للمجلة اليهودية إنسايدر
‏co-host of Jewish Insider’s Podcast

والكاتب، واضح بأنه يريد أن يبين أن الرئيس بايدن يمكنه أن يهدئ محاذير الرياض بإعادة القيد الأمريكي على تخصيب اليورانيوم الإيراني إلى الصفر وهو الأمر الذي تهاون بشأنه الرئيس أوباما.

ولي العهد السعودي يصمم
**
يقول الكاتب بأن ولي العهد، يرفع سقف تفاوضه مع الرئيس الأمريكي.
*
بن سلمان، رفع المشروع النووي السعودي، ليصبح على رأس قائمة الشروط التي يجب أن تلبيها أمريكا لإقامة علاقة مع اسرائيل.
وهذا أمر لا يمكن أن تستجيب له أمريكا، وحجتها في هذا أنها لا تستطيع إغفال أن يقوم قائد سعودي في المستقبل بمحاولة الحصول على سلاح نووي.
بالإضافة إلى أن هذا سيحفز كل من تركيا ومصر للمطالبة بنفس الشيئ أيضا.

الكاتب ينتقد المنطق الأمريكي
*
لكن إذا كان لأي أمريكي أن يخبر مسؤولا سعوديا بأن الولايات المتحدة لا يمكنها دعم تخصيب اليورانيوم داخل أراضي السعودية، فإن السؤال التلقائي الواضح الفوري سيكون: أنت تقول بأنك يمكن أن توافق على برنامج تخصيب اليورانيوم داخل إيران التي تحاول قتل الأمريكيين كل يوم، لكنك لا يمكن أن توافق على قيام برنامج لتخصيب اليورانيوم داخل السعودية، التي هي شريك استراتيجي مقرب؟

الكاتب ينصح بايدن
*
هناك حلا سهلا للرئيس بايدن يمكنه من عقد إتفاقية سلام دائم بين السعودية وإسرائيل بدون الاستسلام لشروط السعودية، وهو:
إعادة تطبيق المعايير الدولية على إيران بأن تكون قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم عند الصفر.

الإتفاق السعودي-الإسرائيلي، سيكون إتفاقا تاريخيا بكل معنى الكلمة وسيغير ملامح الشرق الأوسط.

وهناك ضغوطا من كل من اسرائيل ومن دوائر هامة داخل أمريكا للتجاوب مع الطلبات السعودية.

الكاتب يعدد مساوئ إتفاق أوباما JCPOA النووي مع إيران
*
١- شرعنة تخصيب اليورانيوم والصواريخ
حذف إتفاق أوباما الطلبات الدولية الدائمة بأن تتوقف تماما إيران تماما عن تخصيب اليورانيوم وعن إجراء تجارب إطلاق صواريخ قادرة على حمل رؤوس نووية إيرانية ولمسافات بعيدة.

٢- رفع العقوبات
والأسوأ من ذلك أن أوباما قام بدعم تخصيب اليورانيوم عندما ألغى عقوبات منع بيع النفط التي سمحت بتزويد إيران بمئات المليارات من الدولارات.

٣- إتفاق لمدة محدودة وقد انتهت
وضع إتفاق أوباما جدولا زمنيا لتاريخ انتهاء لكل القيود التي وضعها أوباما بنفسه.
الحظر الدولي على بيع السلاح لإيران، قد انتهى في ٢٠٢٠.
الحظر على تجارب إطلاق الصواريخ، ينتهي آخر ٢٠٢٣.
إعطاء إيران كامل الحربة للقيام بالأبحاث والتطوير لأجهزة طرد مركزية متقدمة تقدر على تخصيب اليورانيوم إلى درجة عالية تسمح بانتاج قنابل نووية خلال عدة أيام.

الكاتب يشير إلى خطر إيران
*
زودت إيران روسيا بالطيارات المسيرة التي تستعملها ضد أوكرانيا.
هناك خطرا كامنا بأن تقوم روسيا برد الجميل بتزويد إيران بقدرات تصنيع الصواريخ الباليستية عند انتهاء الحظر على بيع الأسلحة في شهر اكتوبر القادم.

الكاتب يقول أن هناك أمل وهناك حل
*
في قرار مجلس الأمن، الذي صمم أوباما على الحصول عليه لتغطية عيوب ومساوئ إتفاقه النووي مع إيران بشأن إلغاء العقوبات بأن هناك آلية لإعادة فرض العقوبات- بما فيها فرض أن تعود قدرة إيران على تخصيب اليورانيوم إلى درجة الصفر- إذا قام أحد الأطراف المشاركين بالتوقيع بإبلاغ مجلس الأمن عن أي مخالفة إيرانية لهذه الصفقة المُختلَّة التي كانت كلها لصالح إيران.
ويقترح الكاتب على الرئيس بايدن التواصل مع نظرائه في لندن وباريس وبرلين لتفعيل آلية الرد الفوري الشامل snapback mechanism الموجودة في قرار مجلس الأمن في ٢٠١٥، بدون أي تأخير.

يقول الكاتب بأن إذا تم اعتماد آلية الرد الفوري هذه وبمصاحبة تهديد عسكري بمصداقية عالية لردع إيران، يمكن أن يحل كل المشكلات من تخصيب اليورانيوم العالي إلى تجارب الصواريخ الباليستية إلى تجديد حظر بيع الأسلحة لإيران.
وأيضا، فإنه إذا تم اعتماد آلية الرد الفوري، ستنتهي رغبة السعودية بالحصول على قدرات تخصيب اليورانيوم، وستعفي أمريكا من ضرورة بيع أسلحة متقدمة للسعودية، وستساعد على إقامة علاقات دفاعية وأمنية عميقة بين السعودية وإسرائيل ، وإلى التخلص من عقبات عقد إتفاقية سلام وتطبيع بين السعودية واسرائيل، وسيبدأ التكامل الدائم بين العرب وإسرائيل.

تعليق
*
١- ميول الكاتب اسرائيلية ١٠٠٪؜، والمؤكد أنها تشرح مواقف اسرائيل التي تريد إزالة الخطر الإيراني النووي، وإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي.
مع إغفال أن اسرائيل دولة نووية ومعها أكثر من ٢٠٠ قنبلة نووية مع صواريخ باليستية ومع غواصات نووية قادرة على إطلاق صواريخ تحمل رؤوسا نووية.
نستطيع أن نقول أن المقالة هي وجهة نظر الجالية اليهودية في أمريكا واللوبي الاسرائيلي في واشنطن ووجهة نظر اسرائيل، أيضا.

٢- الكاتب، لا يعمل أي اعتبار لنكبة فلسطين ولا عن مأساة الفلسطينيين.

٣- الكاتب، يقترح حلا لاستعادة السعودية بالكامل نحو أمريكا وإبعادها عن روسيا والصين، بدون أن تتكلف واشنطن أي شيئ بالمقابل.

٤- معضلة إيران
*
الكاتب، يغفل لب المعضلة الإيرانية، وهي الجاهزية والخطة التي قد وضعتها للتنفيذ في حال تعرضها لأي خطر عسكري اسرائيلي أو أمريكي- مماثل لعدوان أمريكا على العراق- وهي استعداد طهران مع ميليشياتها الطائفية ب “الحرب اللا متماثلة” Asymmetrical War، التي ستستمر ضد أمريكا وإسرائيل لعشرات السنين،
والتي تخافها كل دول الخليج ولا تريدها أن تحدث بأي طريقه لأن التهديد والتحذير الإيراني يشملهم أيضا وسيدمر كل عواصمهم وكل آبار نفطهم،
والتي سينتج عنها كوارث اقتصادية عالمية لا تريدها أمريكا نفسها.

٥- سوء إيران
*
بالفعل، فإن إيران سيئة للغاية.
تقارب السعوديون من إيران بغرض إنهاء حرب اليمن، وكل ما حصلوا عليه من هو مجرد الوعد بالتوقف عن ضرب منشآتها النفطية والمدنية بالصواريخ والمسيرات مباشرة أو عن طريق الحوثيين إذا هي توقفت عن دعم الشرعية اليمنية بالطيران.
بينما سمحت إيران للحوثيين باستعمال الطيارات المسيرة الإيرانية لقصف موانئ يمنية لمنع تصدير النفط لابتزاز حكومة الشرعية، هذا إذا لم يكن الذي قام بقصف الموانئ هم خبراء إيرانيون.
وقامت إيران بتصرف غاية في العدوانية ضد السعودية بعد إتفاق البلدين على المصالحة في الصين، وهي الاعتداء على حقل غاز الدرة السعودي-الكويتي ومطالبتها بثلث الملكية والمشاركة، مع الوعيد والتهديد بأنها لن تتنازل عن هذا الطلب مهما كان الأمر.

٦- تصرفات إيران تدفع بالعرب بإتجاه اسرائيل.
*
إيران، تدعي أنها المدافعة عن فلسطين ولكن إثارتها للضغائن والفتن الطائفية في البلاد العربية، ودعمها وتسليحها للميليشيات للاستيلاء على الحكم؛ قد قام بالفعل بتمزيق مجتمعات أربعة بلاد عربية وتشريد أهاليها وتدمير عمرانها.
توسعات إيران في بلاد العرب، هي التي جعلت أنظمة في الخليج محاولة إيجاد الملاذ في إتفاقية “عيال ابراهيم” مع اسرائيل.
وعدم حماية أمريكا للسعودية من إيران، هي التي جعلتها تحيي ورقة غزل العلاقات مع اسرائيل وفي نفس الوقت معاكسة ومناقضة أمريكا بالاقتراب من روسيا والصين.

٧- هناك مجال لمكاسب عند السعودية
*
لا تحتاج السعودية أن تهرب وأن تسلم بكل شيئ ولا أن ترضى بأي شيئ.

مكاسب المملكة المطلوبة من تفاوضها مع أمريكا.
*
قد نجحت السعودية بخلق موقف يجعل أمريكا تلهث وراء استعادة صداقتها والتحالف معها، ولكن يجب أن تحتفظ بصلابة موقفها ولن يضيرها هذا بشيئ ولكن سيزيد أيضا من مصداقية المملكة وتأثيرها وحماية أمنها.

مكاسب السعودية المطلوبة من تفاوضها مع إيران.
*
قد نجحت السعودية، بخلق موقف ينجيها من ضربات إيران والحوثيين، ولكن لا يجب أن تتخلى عن مواقفها عن تأييد الشرعية اليمنية ولن يضيرها هذا بشيئ ولكن سيزيد أيضا من مصداقيتها وتأثيرها وحماية أمنها.

٨- المطلوب هو صلابة سعودية
*
صلابة الموقف السعودي “السلمي” و “التفاوضي” الذي نحتاجه، هو:
أ- الجمع بين حماية المملكة وحماية الخليجيين من إيران.

ب- عدم التفريط بمبادرة الملك عبدالله السعودية بشأن فلسطين.
هذه هي مبادرة المملكة نفسها التي قد فرضوها على إخوانهم الفلسطينيين والعرب.

ج- عدم التخلي عن فكرة ومحتوى ومرجعيات “الشرعية” في اليمن.

ويمكن أن تدعم السعودية رئاسة وحكومة الشرعية اليمنية بعدم الرضوخ لابتزاز وتهديد الحوثي بالعودة للحرب إذا لم تنفق عليهم الشرعية من دخل الغاز والنفط اليمني، بدون أن تتعرض لأي خطر بعد ما قدمته وبذلته للحوثيين والإيرانيين.
ونفس الشيئ نطلبه من رئاسة الشرعية اليمنية.

ويجب أن تدعم السعودية صلابة اليمنيين في مقاومة الضغط الحوثي-الإيراني، بدون أن تتعرض لأي خطر بعدما قدمته وبذلته للحوثيين والإيرانيين.
ونطلب من الرئاسة اليمنية الصلابة في التفاوض وكذلك الاجتهاد في حشد وتقوية الشعب اليمني.

ويجب أن تدعم السعودية رئاسة وحكومة الشرعية في أن تستقر داخل اليمن وتخدم شعبها وهي في وسطهم.

من صفحة الكاتب على الفيسبوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى