أخلاق الشيطان تحكم…!

✍️ الفتح العيسائي

هنالك خسران مريب في أخلاقيات الناس، لم يكن هذا الخسران قائم بهذا السوء في العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، ولكن هنالك نقلة أخلاقية سلبية ضربت البنية السيكولوجية السليمة للفرد خلال أعوام العقد الجاري. هذه النقلة والتغير السلوكي ليست حكرًا على جنس من بني البشر دون آخر، إنما هو خسران شامل ونقلة أخذت القسم الأكبر من كلا الجنسين دون إستثناء.

على سبيل المثال في زمن الحرب كمرحلة إستثنائية فيها وفرة أضرار تعمل على تمزيق النسيج الإجتماعي كأول وأكبر ضرارًا لها، ومن خلالها تظهر نتوءات أخلاقية كبيرة ذات طابع شيطاني وغالبًا ماتكون عدائية. هذه الفترة هي المرحلة الأكثر خطورة في التقلوبات السلوكية التي عملت على قمع المبادئ السوية لدى المجتمعات المرمية تحت سطوة هذه الآفة. لا غرابة في ذلك فلهذه الفترة الدامية سطوة نفسية قادرة على ضرب الدعائم الرئيسية للتنشئة الإجتماعية السليمة التي تعمل على صقل السلوك لدى الفرد حيث يتلقاها طيلة مراحله العمرية، بهدف التهيئة والإعداد ليصبح عنصرًا إجتماعيًا فعالًا، كون الطفل يخلق فارغًا لا يحمل أي مبادئ أخلاقية بطبائع بهيمية غير مهيئة للولوج في العمق الإجتماعي.

المجتمعات النائية آيضًا، يتربع الفقر والفاقة في المرتبة الأولى في هذه المجتمعات الرتيبة. وهذا لا محالة لا يمكن أن يعد بالأمر الغريب كون الحاجة الملحة في توفير الأساسيات البسيطة للعيش، والتفاصيل الصغيرة التي يسد الفرد من خلالها رمق جوعه ليعيش بسلام تجعل لنفسها الرقم الاول متجاوزةً المبادئ الاخلاقية. الطبقات والتراتب الاجتماعي آيضًا في بيئة نائية تخلق نزعات لدى الفئات المحدودة الدخل، او بشكل اكثر إيجازًا الفئةالفقيرة التي تجد شحتها وجوعها مقترنة بذوي الدخل الكبير الفئةالغنية، الأمر الذي يدفع هذه الفئة في دائرة السلوك العدائي.

لكن لم يعد هذا الإضمحلال الأخلاقي في السلوك الإجتماعي ناتج حرب أو فقر فقط. هذه الظاهرة بدأت مؤخرًا تجر الجزء الأكبر من البشرية في بؤرة إنحطاط أخلاقي سواءً عدائية أو تطبيع سلوكي ماجن. على اختلاف العرقيات في العالم الا أنه كان في السابق لكل مجتمع أديولوجية سيكولوجية تعمل على تنظيم مجريات حياتهم بشكل شامل، لا أسعى للخوض في حوار شامل كون المجتمعات الغربية تنازلت عن معظم المبادئ السلوكية في وقت مبكر، لكنني أخص بشكل او بآخر مجتمعنا العربي المشبع بالمبادئ الإسلامية.

لا أظن بأن الفقر هو السبب الأساسي في هذه التنازلات الأخلاقية التي بات المجتمع العربي يقدمها بشكل كبير وغير مبرر، الحروب آيضًا مساهمة في هذا الخسران الأخلاقي ولكن لا يمكن أن نعتبره السبب الأول في كل هذا، هنالك تنازلات كبيرة لم يكن المجتمع العربي مهيئًا ليقدمها البتة، ولا يمكن أن يكون كذلك يومًا.

لأكون واضحًا فحين أمعن النظر في المجريات المستجدة في السلوك الإجتماعي بين الافراد أجزء نظرتي الى جزئين، أولها البيئة السلوكية في المجتمع التعزي وأخرى شاملة في السلوكيات الإجتماعية للمجتمع العربي ككل. أجد هنا الخسارة الأخلاقية في المجتمع التعزي أكبر من أن يكون خسران ناتج عن حرب أو شحة مادية فقط، هنالك إنحطاط شيطاني ماجن، يجر المجتمع لذات البؤرة المظلمة، بينما ذات الإنحطاط الأخلاقي وأعظم منه يكمن في المناطق التي تحيا مرحلة سلام ورخاء إقتصادي.

لا علاقة للحرب او الفقر بكل مايجري، هنالك قوة خفية تدفعنا نحو بؤر الإنحطاط، الفقر يمحوه الرخاء والحرب يحل محله السلام، وذات الإنفلات الأخلاقي قائم سواءً في مجتمعنا الضيق او المجتمع العربي بشكل شامل. التنازلات مستمرة بشكل مخيف وقوة ما تدفع المجتمعات في هاوية قذرة، حتى الجماعات الإسلامية لم تعد بذات التشدد التي عاشته في السابق، لا اقصد هنا التشدد من منظور إسلامي بقدر ماهو اخلاقي هي آيضًا تقدم التنازلات وتمرر بتغافل الكثير من الممارسات الغير أخلاقية.

لم أجد مبررًا منطقيًا لكل هذا، غزو فكري أم حرب وسلام ، فقرو ثراء ، أم طمأنينة غير أخلاقية، في جميع الاحوال هنالك مشاريع تعمل لصالح قوى شيطانية قائمة على سلخ أخلاقيات المجتمعات ومبادئهم السوية، المشروع جاري والتنازلات أسهل بكثير من
“الفتح العيسائي”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى