الحرب الروسية الاوكرانية-تقدم روسي طفيف على الارض وضربات أوكرانية في العمق!

 

أ د /  دحان النجار

الحرب الروسية الاوكرانية اقتربت من تجاوز عامها الثاني ولا توجد تغييرات جوهرية على الميدان منذ منتصف العام ٢٠٢٢.
كان من المتوقع ان تستغل روسيا انشغال الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها بدعم إسرائيل في حربها على غزة والذي بدوره يؤثر على كمية ونوعية الدعم المقدم لأوكرانيا عسكريا واقتصاديا وسياسيا وذلك بتشديد هجماتها على الجانب الاوكراني وتحقيق اختراقات كبيره في مختلف الجبهات . في الايام الاخيره حقق الروس بعض التقدم الطفيف على الارض في جبهات كوبيانسك وخاركيف وهو تقدم قد يقود إلى خلخلة الجبهه الاوكرانية استعدادا لتحقيق خرق اكبر والسيطره على اراضي أوسع قريبا.
اكيد ان القوات الروسية وجهة ضربات موجعه للجانب الاوكراني في كييف وفي غيرها من المدن والمناطق الاوكرانية بحكم تفوقها في سلاح الجو والصواريخ ومؤخرًا في المسيرات إلا ان الجانب الاوكراني اظهر صمود قوي على الجبهات لم يكن متوقع ولو ان الاعلام العالمي اهمل هذه الحرب واحداثها وتطورها لصالح الحرب في قطاع غزه وامتداداتها في جنوب البحر الاحمر والجنوب اللبناني وسوريا والعراق.
من الملاحظ ان الجانب الاوكراني يكثف من هجماته على العمق الروسي مستخدما المسيرات بعيده المدى وكان آخر الضربات المؤلمه لروسيا هي ضربة مؤسسة نفطيه في مدينة سانت بتسبورج الواقعه في الشمال الغربي ( لينينغراد سابقا) ومدينة ومقاطعة فارونيج في الوسط وهي مدن استراتيجية روسية الأمر الذي يؤكد عدم قدرة روسيا على حماية اجوائها ومدنها ومؤسساتها بشكل تام وايضاً عدم القدره على إسكات مصادر المسيرات الاوكرانية.
لا شك ان الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها غيرغافلين عن مساعدة أوكرانيا من اجل الصمود بل واستعادة أراضيها ولذلك انطلقوا في مساعدتها ليس فقط في مدها بالسلاح النوعي الجاهز بل وبمساعدتها في توطين صناعة السلاح المتطور بما في ذلك المسيرات والصواريخ وغيرها وهذا بدأ واضح للعيان في الهجمات الاوكرانية المختلفه.
تعثر روسيا في اختراق الجبهات الاوكرانية بشكل كبير لا يعني انها سوف تتوقف عن المحاولة ومن المحتمل ان تحقق اختراقات نوعيه في الربيع القادم كون القوات الروسية اكتسبت خبرات قتالية ميدانية كانت تفتقد ها بالإضافة إلى الأسلحة النوعية التي تمتلكها وايضا عدم تعرض اقتصادها لهزات كبيره بسبب الحصار الاقتصادي الغربي لها . ويظل العامل الأكثر خطر على اداء الجيش الروسي هي البيروقراطية العسكرية وقبضة الرئيس بوتين الحديدية التي يتململ منها بعض قادة الجيش وكذلك الاختراقات الاستخباراتية الخارجية.
اما الجيش الاوكراني الذي اعد نفسه للدفاع العنيد بمساعدة الغرب والذي اظهر بطولات لا يستهان بها في الميدان بالرغم من فارق القوة والعد د والتسليح فهو يلقى حاضنه جماهيرية قويه بما فيها حاضنة نسبيه في مناطق الناطقين باللغة الروسية الذي له اسباب مختلفه. ايضا الدعم الاستخباراتي الغربي إلى جانب الدعم اللامحدود عسكريا واقتصاديا ووجود بعض المقاتلين الأجانب إلى جانبه كل ذلك عزز من صموده الغير متوقع عند بداية الحرب وما تلاها. اكبر خطر يهدد هذا الجيش هو الفساد الذي يقود إلى بيع الامكانيات والعتاد التي يتحصل عليها من الغرب في السوق السوداء الداخليه والخارجية وقلة الراغبين في الالتحاق بصفوفه في الفترات الاخيره.
الحرب الروسية الاوكرانية تحولت إلى حرب استنزاف للطرفين لكن روسيا هي اكبر المتاثرين كونها المستهدفه بحرب كهذه للحد من نفوذها وطموحها الإقليمي والدولي
حتى لو حققت فيها انتصار عسكري بعد حرب طويلة الامد سوف تحتاج إلى المزيد من الوقت لتضميد جراحاتها واكيد ان نموها الشامل سوف يتعثر وان بعض العقوبات سوف تاتي بنتائجها ولو بعد حين. اما أوكرانيا كما اكدنا دائما فهي الخاسر الأكبر مهما صمدت ومهما تلقت من الدعم لكنها مكرهه لا مخيره .
د. دحان النجار
ولاية تنسي الأمريكية ٢١ يناير ٢٠٢٤

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى