الطريق السعودي- الإيراني إلى الصين وما الذي سيحدث لليمن؟

 

 

✍️ عبد القادر الجنيد

***

سأكتب اليوم كلمتي في ندوة عبر الزووم موضوعها “التقارب السعودي-الإيراني وتأثيره على الملف اليمني” التي استضافها مركز واشنطن للدراسات اليمنية.

الغرض المعلن لهذه المداخلة هو محاولة معرفة ما سيحدث لليمن بعد إتفاق السعودية وإيران في الصين.

لمعرفة ما سيحدث بعد الإتفاق يجب أولا أن نفهم ما الذي قد حدث قبل ذلك ولماذا تم اختيار الصين لتوقيع الإتفاق.

أزمة اليمن متعددة الطبقات: طبقتان داخلية وخارجية.
الصراع الداخلي: عصبيات الحوثي ضد المدنيين.
الصراع الخارجي: السعودية ضد إيران.

***
الصراع الداخلي
***
عصبيات الحوثي ضد المدنيين

تعريف العصبية
*
هذا مصطلح ابتكره إبن خلدون قبل سبعة قرون واستعمله ليشير إلى رابطة قوية داخل أي تجمع سكاني أو طائفة معينة تكون قائمه على السلالة أو الاشتراك في جد واحد أو في تاريخ واحد أو ضغائن مشتركة أو إحساس بالتفوق العرقي أو في طمع بالهيمنة أو حتى بالعنصرية.

**
أولا: عصبيات الحوثي
**
هذا هو أحد أطراف الصراع في اليمن.
يريدون أن يسيطروا ويتسيدوا على على الطرف المدني في اليمن.

توجد في اليمن ثلاث عصبيات:

١- العصبية الهاشمية.
*
هؤلاء يدعون أنهم أحفاد الرسول وأن معهم حق مقدس ليكونوا الحكام الحصريين لليمن.
الهاشميون الشماليون، في صعدة وصنعاء، على وجه الخصوص متطرفون في التعصب لهذه الأحقية الحصرية وقد برز على رؤوسهم هذه الأيام عبد الملك الحوثي.

٢- العصبية القبلية.
*
هذه قوية في المناطق الشمالية الواقعة بين جبل سُمارة ومناطق صعدة بسبب “الداعي” و “المغرم”.
الداعي؛ يعني أن كل من ينضوي داخل قبيلة واحدة ومجموعة قبائل تشترك في نفس “الداعي”، فإنه يجب عليه أن يهب للقتال عندما يتم استدعاءهم بغض النظر عن الهدف أو الصواب والخطأ.
المغرم؛ يعني أن الجميع سيتشارك بدفع الغرامات المالية كل بحسب قدرته وبحسب ما يقرر مشائخ القبائل في أي ضائقة فردية أو جماعية بغض النظر عما إذا كان الهدف قانوني أو شرعي.

أي منطقة أخرى في اليمن، تصف نفسها أنها قبلية أو قبائلية ولا يوجد بها “الداعي” و “المغرم” فإنهم لا يتمتعون بنفس القوة لأنهم بدون عصبية قبلية ولا يمكن اعتبارهم قبائل. هؤلاء مدنيون.

أثبت مبدأ “الداعي” و “المغرم” أنه قوة ضاربة في أيام الفوضى التي تحدث عبر التاريخ اليمني.
ونحن نمر هذه الأيام في أحد أطوار الفوضى في اليمن.
التاريخ اليمني، يتقلب بين طورين: طور الدولة والممالك والاستقرار والازدهار والمعمار وطور الفوضى والنهب والخراب والدمار.

قبائل شمال الشمال، يعتقدون أنهم أعلى مكانة من قبائل الشرق (الذين معهم داعي ومغرم أيضا) وأعلى مكانة من المجتمعات والتجمعات السكانية المدنية الغير قبائلية التي بدون داعي ومغرم والذين يشكلون الغالبية العظمى من شعب اليمن.

الحوثيون، نجحوا بالتأثير على قبائل شمال الشمال وتأليبهم على “اليمنيين الآخرين” بتخويفهم بأن المدنيين يريدون أن يحلوا محلهم في المناصب وأنهم ينكرون عليهم أنه يجب أن يكون لهم وضع مميز وأن يتمتعوا بما يعتبرونه استحقاقهم بالسيطرة والحكم والاستيلاء على الموارد بدون حق.

وقد تمكن الحوثيون من ترويض العصبية القبلية الشمالية وحشد أطفال ورجال القبائل باستعمال العصا والجزرة.
الحوثيون، يقتلون أي معارضة أو تمرد قبلي في المهد وفي نفس الوقت يمجدون أي قبيلي يُقتل في سبيل إعلاء الأهداف والأغراض والمعارك الهاشمية للانفراد بالسيطرة والحكم والسيادة ونهب الموارد والثروات.

العصبية القبلية الشمالية كانت قبل مجيئ الحوثيين تحت قيادة الرئيس السابق علي عبدالله صالح (الذي هو قبيلي شمالي) وهو الذي تمكن من الجمع بين القبائلية والعسكرتاريا والحكم لأول مرة في التاريخ، واستعملهم أو أساء استعمالهم، وتمكن بهذا من الانفراد بحكم اليمن لمدة ٣٣ سنة.
البعض من هؤلاء القبائل- هذه الأيام- يحاربون في صفوف الحوثيين والبعض الآخر لم يتحملوا الغبن والخنوع للحوثيين وانضموا للمجتمعات والأطراف المدنية لمحاربة الحوثي والتخلص من أفكاره ومحاولته للتسيد على كل اليمن.

٣- العصبية المناطقية.
*
هذه موجودة في كل مكان بدرجات متفاوتة ولكنها أشد ما يمكن في نفس المناطق الشمالية من اليمن.
من المحزن والمؤسف هذه الأيام أن نلمس نموا متزايدا لنمو عصبيات مضادة طائفية ومناطقية في المناطق والمجتمعات المدنية، التي كانت تشمئز من التعصب والعصبيات، كرد فعل لعنف وضرواوة العصبيات الشمالية.

الحوثيون، يستغلون العصبية المناطقية الشمالية بنفس المهارة التي استغلوا بها العصبيات القبلية الشمالية وبنفس التأثير وجني الثمار وحصد الفوائد.

**
ثانيا: المدنيون
**

هؤلاء هم الطرف الثاني في صراع اليمن.

هؤلاء هم الغالبية العظمى لشعب اليمن.

هؤلاء يشمئزون ويقاومون فكرة أن يكونوا تحت سيطرة العصبيات الشمالية الثلاث.

للأسف، طرف المدنيين من هذا الصراع متفرقون وغير منضبطون ولم يتمكنوا من ترتيب أمورهم جيدا لأسباب جوهرية ذاتية في بنيتهم وتكوينهم، ولأسباب صنعها الداعمون لهم في السعودية والإمارات بخلق مهام وأجندات متناقضة لهم وتسليحهم وتمويلهم لتنفيذها.

***
الصراع الخارجي
***

السعودية ضد إيران.

مع تأثيرات متفاوتة للإمارات وشيعة لبنان وأمريكا

***
ما الذي حدث؟
***
لنفهم ما الذي قد حدث قبل إتفاق السعودية و إيران في الصين، أستطيع أن أعود للوراء لعدة سنين أو عقود أو قرون.

سأختار أن أعود إلى:
١٤ سبتمبر ٢٠١٩- الساعة ٤ الصباح قبل الفجر.

في ١٤ سبتمبر ٢٠١٩، ضربت الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية الإيرانية منشآت آرامكو النفطية في “البقيق” و “خريص” شرق السعودية.

هذه كانت لحظة درامية وفارقة لكل اللاعبين الخارجيين في صراع اليمن.

أمريكا
*
١- المحللون الأمريكيون، وصفوا هذه الضربة بأنها “بيرل هاربر” السعودية. وتساءلوا إن كان سيكون وقعها على السعودية وتصميمها للرد على إيران بنفس الطريقة التي ردت بها أمريكا حين دخلت الحرب ضد اليابان وألمانيا في الحرب العالمية الثانية.

٢- الرئيس ترامب كان واضحا بصورة فجة بأنه لن يعمل أي شيئ كنوع من الرد على الضربة.
بالرغم من أن الرئيس ترامب كان يعتبر صديقا للسعودية إلا أنه لم يستطع مقاومة طبيعته وتعليقاته الصارخة، فسخر قائلا: “لماذا لا تقوم السعودية بالرد على إيران بنفسها ؟”

٣- بالنسبة لليمن وأمريكا
*
اليمنيون يعترفون بالجميل للأمريكيين في محطتين:
المحطة الأولى: لم يكن بإمكان اليمنيين ولا كل الدول الإقليمية إنهاء مماحكة خروج الرئيس صالح من الحكم الذي استمر ٣٣ سنة، بدون أمريكا.
المحطة الثانية: لم يكن بإمكان اليمنيين الدخول في حوار شامل لكل المواضيع وبين كل الأطراف (بما فيهم الحوثيون) لمدة ١٠ شهور ونتج عنه “مخرجات الحوار الوطني”.
وهذا هو أحد المرجعيات الثلاث التي يتبناها “المدنيون اليمنيون” والأمم المتحدة والمجتمع الدولية لحل المشكلة اليمنية.
من الجدير بالذكر، هو أن الحوثيين يرفضون الآن “مخرجات الحوار الوطني” بالرغم من أنهم شاركوا في حواراته ب ٣٥ عضو.
الحوثيون، يرفضون الآن مخرجات الحوار الوطني لأنهم وجدوا أنهم يستطيعون باستخدام العنف وباستغلال العصبيات الثلاث وبدعم إيران، أن يحصلوا على ما هو أكثر بكثير مما لو كانوا مجرد جزء من مكونات اليمن.

وبالرغم من هاتين المحطتين، فإن اليمنيين مستاؤون من أمريكا التي طعنتهم من الخلف من قبل ثلاثة رؤساء متعاقبين.

*الرئيس أوباما
هذا هو صاحب التحول نحو إيران وآسيا Asia Pivot
يقول أوباما أنه يجب التسليم بحصول إيران على النفوذ داخل الدول العربية لأنها قوة إقليمية ذات تاريخ عريق.

من المفارقات، فإن أوباما شارك في عاصفة الحزم التي ابتدأت حرب اليمن والتي قادتها السعودية في ٢٠١٥

*الرئيس ترامب
لم يكن يرى اليمن لأنه كان يركز فقط على السعودية.

من المفارقات، فإن ترامب هو الذي صنف الحوثيين حركة إرهابية في آخر أيامه كرئيس لأمريكا.
قليل جدا ومتأخر جدا.

*الرئيس بايدن
المراضي والمداري للحوثيين.

ألغى تصنيف الحوثيين من قبل أمريكا كجماعة إرهابية في أول أيام توليه منصبه كرئيس.

بايدن يريد لحرب اليمن أن تنتهي بأي شكل وبغض النظر عما يمكن أن يحدث لطرف المدنيين في صراع اليمن ويقوم في نفس الوقت بالإغداق على الحوثيين بالشرعنة والميزات والرشوات والمراضاة والمداراة.

الشيئ الوحيد الذي يهم الرئيس بايدن هو ألا يتشتت اهتمامه عن مصارعة روسيا والصين بسبب أي صراع في الشرق الأوسط أو أن تتجرجر أمريكا لمحاربة إيران.

كيف يمكن لطرف المدنيين في صراع اليمن أن يثقوا بالولايات المتحدة الأمريكية التي يقوم ثلاثة رؤساء متعاقبون فيها على العودة إلى النقيض ١٨٠ درجة في خلال فترة قصيرة كهذه.

اليمنيون، يمكن أن يقولوا لأمريكا: ” شكرا على لا شيئ “.

السعودية
*
وقع الضربة الإيرانية على منشآتها النفطية قبل الفجر في ١٤ سبتمبر ٢٠١٩ كان عبارة عن سلسلة من الصدمات.

الصدمة رقم ١ : صُدموا بسبب حجم الضربة الإيرانية ودرجة الإتقان في التسديد وبسبب مقدار الخسارة.

الصدمة رقم ٢ : صُدموا بسبب فشل أمريكا بحمايتهم.
القيادة المركزية الأمريكية في المنامة- البحرين، إنما تم إنشاءها بعد ثورة الخميني الإيرانية لهذا الغرض أي حماية دول الخليج من إيران.

الصدمة رقم ٣ : صُدموا بسبب فجاجة الأمريكيين بالإعلان الصريح بأنهم لن يقوموا بأي شيئ للرد على إيران ولحماية السعودية.

الصدمة رقم ٤ : صُدموا عندما أدركوا أنهم صدموا أنفسهم بأيديهم بتصرفين صادمين.
الأول؛ سوء الأداء من قبلهم مع الإماراتيين في إدارة حرب اليمن سياسيا وعسكريا.
والثاني؛ عندما تسببوا كلهم بشق صفوف مكونات الشرعية اليمنية التي يؤيدونها.
الضربة الإيرانية الكبيرة في ١٤ سبتمبر ٢٠١٩ على منشآت السعودية النفطية حدثت على خلفية فشل متسلسل في معارك حرب اليمن وخلافات مكتومة بين السعودية والإمارات وشقاق بين اليمنيين جزء كبير منه مصنوع من قبل الجانبين الداعمين لهم وهذا أمر جعل قوة الشرعية اليمنية هباء منثورا.

الصدمة رقم ٥ : صُدموا حتى بدؤوا بإرسال الصدمات للآخرين.
ذلك كان هو الوقت الذي ابتدأ فيه السعوديون بتغيير رأيهم.
قرروا أنهم لن يقوموا بمثل ما قامت به أمريكا ضد اليابان في بيرل هاربر.
ما قرروا القيام به هو عكس بيرل هاربر.
كان ذلك الوقت هو بداية التفكير بالخروج من حرب اليمن.
كان. ذلك الوقت هو بداية إحدى مرات العودة إلى الخلف ١٨٠ درجة التي تتابعت عدة مرات.

استخلص السعوديون، الآتي:
*
١- لو أن أمريكا لن تحمي السعودية من إيران، فإنه يمكن أن تنتفي الحاجة للحماية بالتنازل للإيرانيين ببضعة أشياء ثم يصادقونهم.

٢- لو أن أمريكا لن تحمي السعودية من الحوثيين، فإنه يمكن أن تنتفي الحاجة للحماية بِنَذْق وبَصْق بعض الأصدقاء وفي نفس الوقت بالتنازل للحوثيين ببعض الأشياء ومصادقتهم.

كانت صدمة ١٤ سبتمبر ٢٠١٩ في ضربة البقيق وخريص حادة وفي نفس الوقت طويلة المفعول وطويلة الزمن مع غليان مكتوم والبحث داخل الروح السعودية لإعادة التفكير في أمور الحياة والمستقبل واستغرقهم الأمر “أربعة سنوات” حتى قرروا هذه الأيام الذهاب إلى آخر الدنيا في الصين لتوقيع إتفاق مع إيران.

إيران
*
ما هي عوامل قوة إيران؟
١- الميليشيات الطائفية المحلية (مثلا: الحوثيون)
٢- الحرب اللا متماثلة Asymmetrical War
٣- الصبر الاستراتيجي
٤- الاعتماد على النفس
٥- قمع المعارضين

أعداء جمهورية إيران الإسلامية والرافضون لتصدير الثورة الإسلامية، هم أمريكا والسعودية.
وقد قامت إيران بالقضاء على تأثير ونفوذ البلدين في لبنان وسوريا والعراق وتقوم الآن باللمسات الأخيرة في عملية طرد البلدين من اليمن ووراثة النفوذ كما عملت بالبلاد العربية الثلاث الأخرى.

إيران، كسرت عزيمة السعودية في البقيق وخريص سنة ٢٠١٩.
في ذلك الوقت تمت تغيير المعادلات.
تتوقف ضربات الطيران السعودي ضد الحوثيين داخل اليمن وإلا فإن أعماق السعودية ستتعرض للضرب بالطائرات المسيرة الإيرانية سواء مباشرة أو من قبل الحوثيين.
الإيرانيون، حائكوا سجاد صبورون وكانوا يتخيلون ما يحدث الآن منذ ٢٠١٩.
لا يهتم الإيرانيون بالأوصاف السيئة التي نطلقها نحن وغيرنا ضدهم طالما أن الحقائق التي على الأرض لا يمكن إغفالها وطالما أن الحوثيين يجب أن يكونوا راضون وقابلون بما سيقدمه السعوديون واليمنيون من تنازلات لهم.

تيقن الإيرانيون في ٢٠١٩، أنهم قد انتصروا في ذلك الوقت.

وكانوا يبتسمون وهم ينتظرون مجيئ السعوديين لمدة “أربعة سنوات”

ثم وصل السعوديون واختاروا أن يكون اللقاء والإتفاق في الصين.

لماذا الصين؟
*
كلهم أرادوا مضايقة أمريكا.

الصين، أرادت أن تنخر في فكرة القطب الأوحد وهيبة ومكانة أمريكا في الشرق الأوسط.

إيران، عدو لأمريكا وتسميها “الشيطان الأكبر”

السعودية، متضايقها من أمريكا وتقلباتها وحتى ما تعتبره خيانتها لمبدأ الحماية مقابل كل المعارك السياسية التي خاضتها السعودية لصالح أمريكا في المنطقة النفط الرخيص الذي عقده العاهل المؤسس للسعودية مع روزفلت قبل ٧٠ سنة.

***
ما الذي سيحدث لليمن؟
***

نفس العوامل “الخارجية” و “الداخلية” هي التي ستقرر ماذا سيحدث لليمن.

داخليا
**
الحوثيون
*
١- العصبيات الشمالية الثلاث مازالت تعمل لصالح الحوثيين.
٢- الحوثيون، متحدون وتحت قيادة شخص قائد واحد.
٣- الحوثيون، لن يتخلوا أبدا عن مرشدهم وداعمهم الإيراني بعد كل هذه العلاقة المثمرة.
٤- الحوثيون، سينخرون في جدار مكونات الشرعية والانفصاليين وسيدوخونهم بالمناورات والمؤامرات وسينتظرونهم أن يتحللوا ويسقطوا من ذات أنفسهم وإذا احتاج الأمر مع إحدى القوى وطالت مدة ترنحها وتباطأ سقوطها فإنهم سيعجلون بزوالها بإطلاق رصاصة الرحمة على رأسها من الخلف.

{{ لا أحد يمكنه أن يضع خصم عنيف ودموي مع مدني ضعيف في غرفة مغلقة ثم يقول لهما: كلكم يمنيون والحل بأيديكم ويجب أن تتوصلوا للحل بأيديكم وبدون أي مساعدة }}

لو أن هذا قد يكون من الممكن، لماذا لا تتعامل أمريكا بحسن نية مع روسيا وتترك أوكرانيا أن تحل مشاكلها مع روسيا بنفسها ؟

لو المدنيون في اليمن تُركوا لشأنهم ليتعاملوا مع عصبيات الحوثي الثلاث، فإن اليمن ستصبح نسخة طبق الأصل من نظام الملالي في إيران بمرشد عام حوثي في صعدة ورئيس جمهورية كوز مركوز في العاصمة صنعاء.
وهذا وضع أسوأ بكثير من زميلاتها من توابع إيران في لبنان وسوريا والعراق.

مكونات الشرعية
*
١- بسبب تفرقهم ومناحراتهم وسوء أدائهم، فإنهم قد فقدوا قاعدتهم الأساسية التي هي قلوب وعقول الغالبية العظمى من شعب اليمن.

٢- بسبب انعدام القيادة الواحدة المسؤولة، فإنهم عاجزون ومشلولون.
وقد تفاقمت أحوالهم عندما قام السعوديون بإنشاء مجلس رئاسي، يكون فيه الرئيس بدون أي قوات مسلحة بينما هو محاط بسبعة نواب أعضاء في المجلس الرئاسي معهم قوات وسلاح بمرتبات وتمويل نفقات من السعودية والإمارات وكل نائب يعمل ما يحلو له أو ما يأمر به الممول ولكن لا أحد يسمع أو يستمع للرئيس.

٣- كل مكونات الشرعية، غير متأكدة مما إذا كانت السعودية ستستمر في دعمهم أو ستنذقهم وتبصقهم وتركنهم على جنب مثلما فعلت مع الملكيين في ١٩٦٧-١٩٦٨ بعد انسحاب المصريين من اليمن.

خارجيا
**
أمريكا
*
أمريكا ستقبل أي زفت الطين في اليمن طالما لا يكون هناك حرب في اليمن أو ما تسميه الإرهاب.

السعودية، لم تعد تحتاج أمريكا كثيرا في اليمن ما عدا فيما يخص قرارات مجلس الأمن الدولي.

الحوثيون، يحبون كثيرا تنازلات أمريكا ومراضاتها ومداراتها وقد أصبحوا مدمنون على التلاعب بها وابتزازها.

إيران، يعجبها شلل أمريكا في اليمن وضعفها في المنطقة وتعثرها طول الوقت وكل مرة.

إيران
*
إيران، لن تتخلى عن الحوثيين.
إيران، سيتعاظم نفوذها في اليمن وستتواجد عسكريا على ساحل البحر الأحمر.

المملكة السعودية
*
المملكة- الآن- هي لغز الألغاز.

لا ينافس رجوعها للوراء ١٨٠ درجة وتقلباتها إلا التقلبات الأمريكية.

لا أحد متأكد على وجه اليقين ما ستقوم به السعودية الأسبوع القادم أو الشهر القادم أو السنة القادمة أو العقد القادم.

١- هل ستقبل السعودية النفوذ الإيراني والعنف الحوثي على حدودها الجنوبية؟
حتى وقت قريب كان من المؤكد أنه من المستحيل أن يقبلوا بهذا.

٢- هل ستقوم السعودية بنبذ رئاسة الشرعية ومكوناتها وحتى تجنيسهم كما فعلت مع الملكيين في ستينيات القرن الماضي؟

٣- هل ستتخلى السعودية عن اليمن وشعب اليمن بعد كل هذا، كما عملت أمريكا مع أفغانستان؟

٤- مهما كان ما سيفعله السعوديون فإنهم سيفعلونه بعدم انتباه وانعدام تركيز ويمكن أن ينتقلوا من شيئ لغيره.
ويمكن لأي شيئ أن يحدث طالما أنه يحدث فقط لليمنيين ولا يحدث داخل المملكة.

**
تعقيب
**
يقوم السعوديون- هذا الأسبوع- باستدعاء كل اليمنيين المهمين للقيام بتحرك عام كبير بشأن اليمن وربما بالتوجه إلى نقيض جديد بزاوية ١٨٠ درجة في اتجاه عجيب.

أتمنى من اللاعبين “الداخليين” و “الخارجيين” الذين ينقلبون في اليمن وعلى اليمن ويتقلبون داخل وخارج اليمن وتنقلب زوايا إتجاه حركتهم من النقيض إلى النقيض في وسط مأساة اليمن الحالية أن يتوقفوا عن الانقلاب والتقلب عدة لحظات ليقرؤوا هذه المقالة.

ربما ينتج من هذا الكلام توقف عن تقليب اليمن.

من صفحة الكاتب على الفيسبوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى