التسامح في زمن الكراهية والتناطح

+ صفوان القرشي

التسامح صفة انسانية عظيمة لا تسكن القلوب السوداء ولا تستوطن انفساً جبلت على الحقد والكراهية ولا يمكن أن يتمثلها الا أصحاب القلوب الطاهرة والنفوس العظيمة التي يحمل أصحابها قيم انسانية وأخلاق كريمة من صفوة البشرية الذين تتسامى أرواحهم فوق الأحقاد والضغائن ويربون بأنفسهم أن يكونوا أسراء للكراهية والانتقام والمطامح الامتناهية التي يرزح تحتها الكثير من بني الإنسان في عالمنا اليوم .

فمن ملئ قلبه بالحب والخير وطهر روحه من كل الشرور ونوازع الانتقام كان أهلاً للتسامح بكل معانيه السامية  التي تصل بصاحبها إلى مراتب من الطمأنينة والسلام وراحة البال والسعادة الحقيقية .

نعم فحين نتكلم عن التسامح فنحن نتحدث عن قيمة إنسانية نادرة وغاية نبيلة ما احوجنا اليها في هذا الزمن زمن (التناطح ) اذا جاز لي التعبير ..زمن فقد فيه الإنسان الكثير من فضائل الأخلاق والقيم وراح يلهث خلف ماديات الحياة فاستوطنت روحه الشرور وجبل نفسه على الحقد والانتقام والقتل وسفك الدماء من أجل تحقيق مطامعه واهوائه ..فأصبح الحب جريمة لا تغتفر والتسامح في نظر هؤلاء وسيلة الضعفاء ولغة العاجزين وطريق لا يسلكه الا الجبناء الذين لا يستطيعون اخذ حقوقهم بالقوة .

ثقافة واقع لا يمكن تجاهلها أو التغافل عنها في عالم تحكمه القوة وتسيره المادة  ويتحكم فيه الإرهاب وطوغيت الظلم والطغيان ولا مكان فيه للحب والتسامح حتى مع أقرب الناس لنا فكم من حبيب كان ضحية من احب وكم أخ سقط قتيلاً على يد أخيه من أجل المال أو الحسد وكم من شعب ضعيف أستعبد ونهبت خيراته وكم من وطن أستبيح لأن شعبه رفض أن يعيش قطيعاً في زريبة الراعي الأكبر .

ولهذا فلا عجب أن يتحول الحب والتسامح والخير والسلام والحق والعدل إلى مجرد كلمات مهترئة تلوكها الألسن الخرساء بلا معنى ولا دراية بما يختزلها من معان سامية وقيم نبيلة لا تستقيم مع واقعنا اليوم .

نعم ايها السادة التسامح ليس حدثاً دولياً نحتفل به في يوم معين من كل عام بقدر ما هو قيمة إنسانية عظيمة يجب أن نجسدها سلوكاً في كل تعاملاتنا ونغرسه بذرة في قلوب وعقول شعوب الأرض ونحمله نهراً نغسل به كل ما يعكر حياتنا حتى نعيش بحب وسلام وطمأنينة

أما أن يظل التسامح مجرد شعاراً اجوف نرفعه في هذا التاريخ من كل عام فلن نجلب للبشرية غير مزيداً من البؤس والشقاء .ومزيداً من القتل والإرهاب والكراهية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى