إمكانية إعادة ضبط الإعدادات بعد زيارة السفير وبعد أن تم تسليم الكثير

 

✍️ أ د / عبدالقادر الجنيد

أنا أؤيد مفهوم الشرعية اليمنية.
وأؤيد الجيش الوطني.
وأؤيد ضرورة “الإنقاذ” و “الإبقاء” على نوع من التحالف بين السعودية واليمن.
ولكن- أولا وأخيرا- أنا مع اليمن فقط.

حسنا- ومن غير زعل- سأقول الكلام الذي لا يعجب أصحابي، فإني سأضيف:
“أنا أؤيد محمد بن سلمان وأؤيد رشاد العليمي”
“ولكن- أولا وأخيرا- أنا مع اليمن فقط”

ولكني أخاف- ويخاف معي كل أصحابي وأهلي وربعي- أيضا من التطورات والتغيرات الدرامية الأخيرة لمواقف ولي العهد السعودي والرئيس اليمني.

هل يمكن توصيل رأينا لولي العهد وللرئيس، ومن غير زعل؟
هل يمكن إعادة ضبط الإعدادات، ومن غير زعل؟
هل يمكن إذا تفهمنا وغضينا النظر عن بعض ما يفعلون، أن يتفهموا مخاوفنا أيضا؟
هل يمكن أن يستفيدوا من مواقفنا في مواجهاتهم الديبلوماسية مع الإيرانييين والحوثيين؟

ومعنا اليوم معضلة
*
كيف يمكن التأثير على الأحداث بعد أن تسارعت وبعد أن تم تسليم الكثير وبعد أن وصل السفير السعودي إلى صنعاء؟

نعم، نحن نريد التأثير بمجرى سير الأحداث.

كيف يمكن إنقاذ الشرعية والسعودية من أنفسهن أولا، قبل إنقاذهن من الحوثيين والإيرانيين؟

نعم، نحن نريد إنقاذ السعودية والشرعية.

وكيف يمكن أن نختلف مع الشرعية والسعودية، بدون أن نثير حنقهن وبدون أن نتسبب لهن بالأضرار؟

نعم، نحن نختلف- الآن- مع السعودية والشرعية.
لكن لا نريد أبدا أن نسقط في مهاترات واتهامات ونلحق الضرر بهم وبنا وباليمن.

وكيف يمكن في نفس الوقت ألا نتخلى عن أهم ما يهمنا، وهو اليمن؟

نعم، نحن لن نتخلى أبدا أبدا أبدا عن اليمن.

الحافز لكتابة هذه المقالة، ثلاثة مواقف:
*
الموقف الأول:
ما قاله وزير خارجية الشرعية بن مبارك للسفير السعودي آل جابر بعد زيارته للحوثيين في صنعاء:
“نرحب بالوصول إلى حل سياسي شامل ودائم مبني على المرجعيات الثلاث ”

تعليق:
*
١- هذا لن يحدث لأن الحوثي يكره المرجعيات الثلاث.
٢- الديبلوماسية اليمنية- أو أي ديبلوماسية- لن تستطيع أن تحقق إلا ما فرضه الجيش والمقاومة في الميدان.
٣- كيف يمكن فرض شروط بعد أن حصل الحوثي على كل طلباته وبعد أن قيل له أن السعودية واليمنيين لن يحاربوا الحوثيين.

الموقف الثاني:
رئيس المجلس السياسي الحوثي مهدي المشاط، يشرح نتائج زيارة السفير السعودي في اجتماع، ويقول:
١- سنجبر السعودية على تحمل المسئولية عن كل ما نجم عن العدوان والحصار.
وأن الحوثيين سيتفاوضون فقط مع السعودية وليس مع رشاد العليمي أو أي أحد من اليمنيين.
٢- يد اليمن هي الطولى والأقوى إذا ما فكر تحالف العدوان ومن ورائه أمريكا استئناف المواجهات العسكرية.
٣- ستعود السعودية لمفاوضة الحوثيين بعد عيد الفطر.

تعليق
*
١- إذا كان يقول هذا عن السفير السعودي ومهمته بعد أن جاء يصالحهم ويخطب ودهم وفي عقر دارهم، فكيف يمكن لرشاد العليمي أن يجلس معهم على طاولة واحدة؟

٢- لا داعي لإضافة أي نقطة وإن كان من الممكن أن أملأ صفحة كاملة.

الموقف الثالث:
بيان من وزارة الخارجية السعودية:
“لقاءات السفير السعودي في صنعاء كانت إيجابية”
“ستكون هناك لقاءات أخرى مع الحوثيين حتى التوصل إلى حل شامل يرضي كل الأطراف اليمنية”

تعليق
*
١- لا يوجد حل شامل في ظل قوة الحوثي الحالية.

٢- لا يوجد حل يرضي كل الأطراف اليمنية.
ما هو إيجابي بين السعودية والحوثية لا يمكن أن يكون إيجابيا بين السعودية والشرعية ومن المستحيل أن يكون إيجابيا بين الشرعية والحوثية.

٣- الحوثي، لن يتخلى عن ميليشياته ولا سلاحه ولا الموارد التي تحت يده.

٤- لا توجد طريقة لإقناع الحوثي بالمناقشة والتفاوض للتخلي عن الفلوس والسلاح.

٥- قد تم التخلي عن محاولة السعودية والشرعية لإرغام الحوثي للتخلي عن الميليشيا والسلاح والفلوس.

٦- ممكن إرغام الشرعية “الرسمية” على الاستسلام لكن المرارة ستطغى على اليمنيين ولا ندري ماذا ستكون عواقب هذه المرارة والغبن والقهر.

**
هذا هو فهمنا للأوضاع
**

١- إيران
*
>>إيران، لن تتخلى عن كل غنائمها في المنطقة في ال ٤٠ سنة الماضية ومنها الحركة الحوثية.

>>إيران، تريد تهدئة الصراع مع السعودية وفي نفس الوقت يبقى صراعها مع أمريكا.
وقد ألغت طهران تسمية أحد شوارعها بإسم الشيعي السعودي “النمر” الذي أعدمته المملكة والذي تسبب باقتحام السفارة السعودية وقطع العلاقات.
واليوم قد ردت المجاملة السعودية ووجهت الدعوة للعاهل السعودي الملك سلمان لزيارة طهران.

>>إيران، كانت في وضع سيئ داخليا وخارجيا واقتصاديا، فحدث لها نوع من الانفراج باتفاقها مع السعودية داخلي وخارجي واقتصادي أيضا.

>>إيران، لن تتعرض لأي ضغط من الصين من أجل السعودية ناهيك عن اليمن، لأنه ببساطة لا في حدود قدراتها ولا يخدم لها أي مصلحة حيوية عليا.

٢- السعودية
*
>>نحن نتفهم أن المملكة السعودية تريد أن تزيح أمريكا من البت والحل والعقد في أمور المنطقة، بعد أن اتضح أن أعباء مصادقة واشنطن أكثر من فائدتها.
وبعد أن اتضح عدم جدوى تحالف العرب معها في الحماية ولا في المساعدة ولا في التنمية.
وتتدخل أمريكا فيما لا يعنيها من نظام الحكم.

>>والحدثين الأخيرين- إتفاق الصين بين إيران والسعودية وزيارة السفير السعودي للحوثيين في صنعاء- يطردان المبعوثين الديبلوماسيين العقيمين الثقيلين جروندبيرج وليندركنج من الرحلات المكوكية في المنطقة، ومراضاتهما للحوثي التي لا تتوقف.
ولكننا لا نريد أيضا استبدال مراضاة جروندبيرج وليندركنج للحوثي بمراضاة السفير الديبلوماسي آل جابر.
وفي نفس الوقت أخرج الحدثان- الإتفاق والزيارة- أمريكا من مسألة حل مشكلة اليمن.

>>نحن نتفهم أن السعودية قد خرجت من حرب اليمن، وهذا من حقها.
المملكة، أدرى بمصلحتها ولن تسمع منا أي كلمة لوم أو عتاب.

وقد طلب السفير السعودي من الحوثيين أن يوافقوا على أن يقبل بالمملكة “وسيطا” بينهم وبين رشاد العليمي وعيدروس الزبيدي وعثمان مجلي وسلطان العرادة، الخ…
وقد رفض الحوثيون هذا العرض بحدَّة زائدة.

في اليمن كل شيئ جائز.
وقد مرت علينا في ال١٠ سنوات الماضية من العجائب والتقلبات ما يجعل مصالحة المملكة للإيرانيين والحوثيين بعد كل ما حدث صدمة قابلة للمرور.

>>كل ما نرجوه فقط، هو ألا تكون مصادقة عبد الملك الحوثي على حساب صداقة رشاد العليمي.
وطبعا نرجو ألا يكون التصالح مع حركة الانقلاب والتمرد الحوثية على حساب التخلص من الشرعية اليمنية والمرجعيات الثلاث لحل مشكلة اليمن.

>>كل ما نطلبه- نحن اليمنيون- من السعودية التي قد خرجت من حرب اليمن، هو ألا يكون مصير شرعية اليمن، هو نفس مصير أفغانستان التي اكتسحتها حركة طالبان بعد انسحاب أمريكا.

>>نحن نعرف أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وأخيه وزير الدفاع قد وعدا المجلس الرئاسي علنا بألا يخافوا وألا يتوجسوا من تقاربهم مع إيران والحوثيين وأن السعودية لن تضحي باليمنيين.
ولكن نحن معنا عقدة نفسية وأن جعبتنا مليئة بالوعود والعهود والضمانات التي لم تنجز ولم تتحقق.

>> ونطلب أيضا- نحن اليمنيون- من السعودية ألا يضغطوا على حكومة ورئاسة الشرعية في مسائل مثل إرغامها على مشاركة الحوثيين في دخل النفط والغاز تحت مسميات “المرتبات” و “حسن النية” و “التهدئة” أو “الخوف من تهديد الحوثي بالعودة للقتال”.

**
إعادة ضبط الإعدادات
**

نحن نعرف أن المياه قد جرت، وأن المياه التي تحت أعيننا لم تعد هي نفس المياه.
ونحن نعرف أن السعودية قد خرجت من حرب اليمن، ولن تعود.
ونحن نعرف أن الحوثيين في وضع أفضل بكثير.
ونحن نعرف أننا والشرعية ورشاد العليمي في وضع أسوأ بكثير.
ونحن لا يعجبنا كل هذا.
ونحن نريد إعادة ضبط الإعدادات ولكن بدون زعل وبدون مهاترات وبدون أن نفقد السعودية ولا الشرعية ولا رئيس اليمن ولا اليمن.

نحن نرى أنه يجب إزالة اللبس بين مهمة “الحليف” و “الوسيط” و “العدو”.
كيف يمكن التنقل بين حالات الحليف والوسيط والعدو؟
الرأي العام اليمني، مصدوم من هذا الوضع الجديد ويضيفه إلى مخزون صدماته السابقة.

نحن نرى بأنه إذا لم يتم إعادة ضبط الإعدادات، فإننا نسير إلى مصير مقيت وكريه وكارثي.

*
إعادة ضبط إعدادات السعودية
*

١- يجب على السعودية ألا تهرول في مراضاة الحوثيين والإيرانيين على حساب اليمن واليمنيين.
هذه كانت هي نفس طريقة الأمريكي ليندركنج وهو الذي دفع بنا إلى هنا.

٢- يجب التخلي عن سياسة “الصدمة” وزيارات السفير ووضع الشرعية واليمنيين أمام الأمر الواقع.
هذا لا يأتي بعده إلا التنازلات.

٣- يجب أن تكون المفاوضات مع الحوثيين على مستوى محترفين محاميين ومشارعين ومكارحين وناس يفهمون الحوثيين، وليس على مستوى أرفع مثل السفير آل جابر أو الوزراء.
هذا ليس بخسا وتنزيلا لقدرات السفير ولكن هكذا يجب أن تكون الأصول.
المفاوضات لا يجب أن تكون بتوظيف وتعيين من يخاف من فشل المفاوضات فيضطر لتقديم تنازلات من جانب واحد.

٤- يجب عدم الخوف من “تهويش” و “بجاحة” الحوثيين من أنهم سيضربون السعوديين واليمنيين إذا لم يخضعوا لطلباتهم.

٥- الرئاسة اليمنية، ضعيفة جدا أمام الرغبات السعودية ولا تستطيع أن ترفض لها أي طلب مباشر.
ويجب تجنب إحراج الرئاسة اليمنية ويجب إعطائها المجال وفسحة الوقت لأن تختار بنفسها ما تقبل وما تريد وما يقبله ويريده الرأي العام اليمني وأن ترفض ما لا نريده.

٦- يجب ألا تقدم تنازلات للحوثيين من نفط وغاز اليمن.
يجب عدم إعطاء مرتبات للميليشيا الحوثية ولا للموظفين الحوثيين الذين تم تعيينهم بعد انقلاب ٢٠١٤.

٥- أي تعويضات سعودية أو إعادة إعمار يجب أن تكون لكل اليمن وأن تكون فقط تحت إدارة رئاسة الشرعية.

٦- يمكن أن تتجمد الحرب.
ويمكن أن يتجمد الصراع.
ويمكن أن تنسحب السعودية
ويمكن أن تستمر معاناة اليمن.
ولكن يجب تجنب الاستسلام للحوثي وإيران.
سيكون قمة البؤس أن تنتهي هذه الحرب باستيلاء الحوثي وإيران على اليمن.

*
إعادة ضبط إعدادات رئاسة اليمن
*

١- نحن نؤيد الرئيس رشاد العليمي لأنه الرئيس- كما أيدنا من قبل الرئيس هادي- لأننا نحتاج رئيس.
ولأن الرئيس يحتاج تأييدنا.

٢- يجب أن يستلهم الرئيس اليمني ما يمكن أن نسميه “الرأي العام اليمني”.
وأنا على يقين أن هناك رأي عام يمني.
نحن نشعر بالرأي العام اليمني ونستجيب له.
المؤتمرات والمنظمات والمرأة والشباب والندوات والتكوينات والتوصيات، لم تنفع ولن تنفع.
ويجب أن يكون للرأي العام نبض حي.
ويجب أن يحاول الرئيس رشاد العليمي أن يتحسس ما يقبله وما يرفضه الرأي العام،
ويجب أن يعمل الرئيس حسابا للرأي العام وأن يتلمسه وأن يتجنب تجاهله.

٣- يجب على الرئيس رشاد العليمي أن يحاول أن يقترب منا- نحن الرأي العام اليمني- مثلما نحاول نحن أن نقترب منه.

٤- يجب أن يستعملنا رشاد العليمي كأداة ضغط لصالحه ولا يجب أن يفرط بنا.
نحن من عوامل قوة الرئيس اليمني.
هذا هو ما يفعله كل القادة.
وهذا هو ما يفعله “حليفنا” ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي يعتبر المحللون أن أحد أركان قوته وأسباب جرأته هو القبول العام للرأي العام السعودي باتجاهاته وأعماله وإنجازاته.

٥- إذا نجح الرئيس رشاد العليمي بالتجاوب مع مشاعر ومخاوف وطلبات الرأي العام اليمني، فإن الشعب اليمني – حتى الذين تحت سيطرة الحوثيين وحتى الجنوبيين- سيزودونه بالتأييد وبالقبول الذي يحتاجه أشد الحاجة.

٦- يجب على الرئيس رشاد العليمي- وبمساعدة الحليف السعودي- البقاء في العاصمة عدن وممارسة مهامه من عدن.
ويجب إعفاءنا من مماحكات نواب الرئيس السبعة.
ونتمنى أن يعرفوا كم يسببون الضجر والضيق للشعب اليمني بتصريحاتهم وآرائهم وأهدافهم وعلاقاتهم ومصادر تمويلهم التي لا علاقة لنا بها.

٧- يجب التعامل مع المناطق المواجهة للحوثيين كمناطق حربية في لحج والضالع وأبين وشبوة ومارب وتعز والمخاء بغرفة عمليات واحدة تحت قيادة واحدة من محترفين في وزارة الدفاع.
ويجب أن تكون حضرموت وسقطرى تحت إدارة الحكومة اليمنية وأرض إمداد ومدد.
ويجب الاقتراب من أهل اليمن الواقعين تحت سيطرة الحوثيين.

٨- نحن نعلم بمهارات الرئيس اليمني ولكننا نرى بأنه لا يستعمل مهاراته.
نحن نشعر أن رئيسنا مكبل بالقيود.
يمكن للرئيس اليمني بحنكته ومهارته التي نعرفها أن يقنع الحليف السعودي بالتعامل مع ما يريده الرأي العام اليمني.
ويمكن للرئيس التعامل مع سلبيات نوابه السبعة إذا ضمن تأييد ولي العهد السعودي.
ويمكنه بعدها كسب الرأي العام اليمني وقلوب وعقول اليمنيين وتأييد الشعب اليمني.
وسنحصل بعدها على رئيس وعلى قيادة.
وسنحصل بعدها على انتصار واستقرار اليمن.

٩- نكرر مرة أخرى:
يمكن أن تتجمد الحرب.
ويمكن أن يتجمد الصراع.
ويمكن أن تنسحب السعودية
ويمكن أن تستمر معاناة اليمن.
ولكن يجب تجنب الاستسلام للحوثي وإيران.
سيكون قمة البؤس أن تنتهي هذه الحرب باستيلاء الحوثي وإيران على اليمن.

من صفحة الكاتب على الفيسبوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى