*أنسنة المعاناة •••اسماء بلغة الارقام*

 

✍️ بسمة العواملة

في أيار من عام 2020 ، خصصت صحيفة نيويورك تايمزالاميركية عبر صفحتها الأولى اسماء و اعمار الاشخاص الذينتوفوا بسبب فيروس كورونا ، معللة دلك بأنسنة هذه المعاناة بحيثذكرت من أن هولاء الذي رحلوا بسبب الجائحة ليسوا مجرد أرقامو انما هم خسارة مؤلمة لا يمكن حسابها ، كان هذا العددللصحيفة استثنائي بشكل كبير

بحيث تناولت المقالات بذلك العدد ملخصات و لمحات عن حياةهؤلاء الضحايا عما كانوا من منظور إنساني و بُعد مهني لرسالةالصحافة و الإعلام لجعل الارقام اكثر إنسانية

حقيقة ما دعاني لتذكر هذه الحادثة هو اصرار بعض المواقعالصحفية العريقة على تزويدنا يومياً بقائمة صماء تتضمنحصيلة باعداد الشهداء و المصابين ، كم نسبة النساء منهم كذلكالأطفال ، قبل ايام وصلتني هذه الاحصائية وأنا بصدد كتابةمقالي الاسبوعي ، هذه الاحصائية جعلتني اصمت لدقائق و اناأتأمل بها ليس من باب التحليل ، و إنما تعجباً و استنكاراً ،فكيف اختزلت مأساة شعب باكمله و إبادة جماعية من قتل وتشريد و غيرها من ضروب الوحشية بمجرد ارقام ،

صماء ؟!

فالارقام لا تعلق بالذاكرة كما الأسماء

عندما اقرأ تلك الاحصائيات ، اشعر بخيبة أمل كبيره تجاه هذاالاداء المخجل لبعض وسائل الاعلام التي حصرت رسالتهابمجرد تجميع لارقام و تعداد الشهداء ، و اكاد اجزم بأن هذاالاعلام اما متواطئاً او فاقداً لمنهجية العمل الصحفي الذي يقععلى عاتقه تسليط الضوء على المعاناة الحقيقية لشعب يقبع تحتالاحتلال ، هذه الحرب التي حصدت الكثير من الارواح البريئة ،فهذه الارواح ليست ارقاماً  بل اسماء لاشخاص لكل منهم حكاية، حلم شغف و طموح دُفن معه ، لكل منهما عائلة و اصدقاء وأحبه عانوا جراء هذا الفقد

نرفض أن تُستباح ذاكرتنا بأن يصبح كل هؤلاء الشهداء مجردارقام لا قيمة لها

بمقابل أن يحتفل عدونا الغاصب في كل عام بيوم تذكاري بمايسمى بالمحرقة و البطولة  ، حتى أنه في احد الاعوام كانموضوع الاحتفالية تحت عنوان ( الاطفال في المحرقة ) يالا سخرية القدر قتلة أطفال غزة يحتفون بالطفولة ، و من باب أنلكل انسان إسم ، كانت تتلى في هذه الاحتفالية و بصوت مرتفعاسماء الاطفال الذي ماتوا فيها تكريماً و تخليداً لذكراهم

يالا سخرية القدر قتلة أطفال غزة يحتفون بالطفولة

فهل اطفالهم يستحقون الحياة و التكريم و اطفالنا يستحقونالموت و القتل ، اطفال غزة الذين رأيناهم رغم كل المعاناة التيمروا بها و كل القسوة التي شهدوها من الاحتلال الغاشم  كانيصطحبون  معهم حبواناتهم الاليفة في نزوحهم الطويل، ظلواعلى فطرتهم السليمة قلوبهم صافية بريئة محبة تمنح الامان والطمأنينة ، ليأتي  احتلال غاصب يسلب منهم الحياة و الحلم .

فلكل اعلامي و صحفي يتوارى خلف احصائية منقوله نقول نحن غير معنيين بالارقام و الاحصائيات

و لا نريد أن نعتاد المشهد بالتكرار ، نريد أن نقرأ و نسمعقصصهم حتى ولو بنبذة بسيطة او حتى بكتابة اسماءهم   فالارقام لا تنصفهم

و أنسنة الأرقام توجب توثيق المعاناة بالحديث عنهم ولو بمجردذكر اسماءهم  حتى لا يصبحوا مجرد ارقام .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى