الوطن هو الحياة
كتبت |سحر علوان
الوطن هو الحياة ولا حياة لمن استهوته رياح المهجر فراح يلهث خلف بريق زائف في أوطان الأخرين ناسياً أو متناسياً أن ساعة يحياها بحرية وكرامة فوق تراب وطنه وبين أهله ومحبيه اثمن الف مرة من حياة الف عام في ذل ومهانه واستعباد .ومهما بلغت معاناتنا فلا أعز ولا أكرم ولا أرحم من أن تحتضن أجسادنا رحم الأرض التي خرجنا منها يوم ميلادنا، ومهما قاسينا من شظف العيش في وطننا فلا نتمنى الموت في أعماق أحد البحار ونحن في طريق هجرتنا المزعومة بحثاً عن حياة أفضل . كما لا نريد أبداً أن نودع أجساد أطفالنا الصغار وندفنهم مع أحلامهم البريئة على رمال شواطئ دول الأحلام الوردية التي تمنوا الوصول اليها ..كما ودع العالم في صيف 2015 الطفل السوري( آلان الكردي) في حادثة هزت مشاعر الملايين وستبقى محفورة في ذاكرتنا تحكي مأساة الواهمين بالهجرة، حادثة حظيت بردود أفعال غاضبة على صفحات التواصل في كثير من البلدان وكشفت حجم المخاطر التي يتعرض لها المهاجرين في البر والبحر وهم يبحثون عن الحياة فلا يجدون سوى الموت ..وتبقى الهجرة تحصد أرواح واحلام الاطفال والشباب دون رحمة. وغير بعيد كلنا نتذكر اللاعب اليمني الدولي( هلال الحاج) في رياضة الكنغ فو الذي ابتلعته مياه البحار الاسبانية في سبتمبر 2019 م الذي دفع حلمه وحياته ثمناً لرغباته الجامحة في الهجرة وطموحه الكبير في الشهرة في بلد المشاهير فكان الموت هو قدره المنتظر بعيداً عن أهله ووطنه ..ألم تكن اليمن اهلاً لوجوده ومنها يستطيع أن يحقق أحلامه وطموحاته وقد سبق أن رفع علم اليمن عالياً في المحافل الدولية ولمع نجمه بها . الهجرة ليست الخيار الأفضل ولا نريد أن نرى أثار التعذيب على أجساد شبابنا على يد حراس الحدود في الدول الخليجية أو الاوربية أوالصينية أو الأمريكية والاسبانية ولا نريد أن نسمع أنهم انتشلوا جثث شباب يمنين قضوا غرقاً أثناء محاولتهم الهجرة غير الشرعية نحو سواحل اوروبا ,, ولا نريد أن ينعتنا أحدهم بالعبيد إن كان لون بشرتنا أقل بياضاً من بشرته ونكون عرضة للتميز العنصري والعرقي والديني .. وكم من مغترب اصيب بكورونا في المهجر ومات غريباً وحيداً دون كلمة وداع ..وقبل كل هذا سيبقى المغترب عرضة للترحيل والرمي به على أرصفة الطرقات بعد أن يكون قد افنى عمره وسلب منه كل ما جمعه طوال سنوات غربته ما يحصل للمغتربين في السعودية خير مثال لمن أراد العبرة.. ومهما حاول التعايش مع مجتمعه الجديد فإنه لن يستطيع محو القلق الذي يلازمه فنصفه مشغول ومعلق بأمور غربته ونصفه الأخر معلق ومشغول على أهله وبلده . وان قيل أن اليمن فقير وغير صحي وموبوء بالحرب والقتل والدمار وتجتاحه الأمراض الفتاكة فلن نجد الأمن الا في وطننا ولن نعيش سعداء الا فوق ترابه وسنظل نشتاق له شوق الساجدين وهم يصلون إلى ارض الوطن ويقبلوا الارض فرحاً بعودتهم من الدول التي كانوا بها سواء كانوا عالقين أو مهاجرين
وكما قال الشاعر :
بلادي وأن جارت علي عزيزة ..واهلي وأن ضنوا علي كراموا




