يجب إعادة ضبط الماكينة في تعز وكل اليمن

 

✍️ عبدالقادر الجنيد

ماكينة اليمن، تسير على حسب الريح.
من حيث تهب الريح عليها، سارت.

سنحاول اليوم البحث في هذه المسألة وربما نستطيع أن نكشف هذه الرياح.
كشف الرياح التي تتلاعب باليمن، هو أول خطوة لإبطال مفعولها.

**
أولا: رياح عصفت بالرئاسة
**

ماكينة رئاسة اليمن كانت خربانة.

كانت رئاسة الجمهورية الانتقالية الثانية برئاسة عبده ربه منصور هادي، خربانة من رأسها ومن مكوناتها ومن خارجها.

١- رياح فتكت بالرأس
*
ماكينة رئاسة الجمهورية الانتقالية الثانية، كانت معطلة لأسباب ذاتية من داخل “الموتور” و “البطارية” ذاتها، أي من مكتب الرئاسة نفسه.

٢- رياح فتكت بالجسد
*
وكانت ماكينة معطلة بفعل نخر سوس مكوناتها في “هيكل” و “جسد” الماكينة، أي بفعل النخب والأحزاب والقيادات والمسؤولين.

فشلت رئاسة الشرعية في الحفاظ على وحدة هدف مكوناتها فتناحرت النخب والأحزاب والفئات والمناطق حتى ظهر الذَّحل والصدأ في هيكل وجسم الماكينة.

وفشلت مكونات الشرعية في التحكم بنزواتها ونزقها، فتقافزوا لتمزيق بعضهم البعض بدلا من مراقبة ما يفعله الحوثيون بهم ناهيك عن الدفاع عن أنفسهم أو إلحاق الأذى بالحوثيين.

٣- رياح اقتلعت الماكينة
*
الماكينة، كانت خربانة من “داخلها”.
وكانت تهب عليها رياحا “خارجية” تزيد من بلَّة طينها ومن غرقها في أوحالها التي بعضها كانت حتمية ولا مفر منها وبعضها الآخر من عدم فهمها لما يحدث ولما يجب أن يحدث، ومن صنع يدها ومن سوء تدبيرها ومن دَبُورِها ونحسها.

كل ما عملته السعودية، هو اقتلاع رأس الماكينة وتبديله بمجلس رئاسي.

الذي يريد فتح مسألة السيادة وكبرياء الدولة، في هذا الزمان الذي تتعرض فيها اليمن لهجمة الحركة الحوثية وجمهورية إيران الإسلامية وفي ظل تشرذم مكونات الشرعية فإنه إنما يفتح لنا مجالا جديدا لنقاط الخلاف والتنابذ والتشرذم لن تتحقق به السيادة اليمنية ولا القدرة على مواجهة الحوثية.

الذي يريد أن يفهم ما يحدث في اليمن وأن يساعد اليمن لأن تخرج من محنتها، يجب أن يستوعب:
مسائل رأس الماكينة؛
ومسائل تيارات ودوامات الهواء والغُبار داخل مكونات جسم الماكينة؛
ومسائل الرياح المحيطة بالماكينة من الخارج.

**
ثانيا: رياح زَنَّانَة على الرئيس الجديد
**

نحن الآن نبدأ الرئاسة الانتقالية الثالثة برئاسة الرئيس رشاد العليمي.
ويبدو أن الرياح التي تتعرض لماكينة الرئاسة الجديدة مازالت باقية.

الرياح، ربما هي عاصفة أكثر عند رأس الماكينة.
الرياح، مازالت بنفس دوامات غبار مكونات الشرعية، تُذَحِّل وتُصدئ بجسم الماكينة.
ولا توجد رياح خارجية ضارة “مُتعمدة” من جهة التحالف حتى الآن.

رياح زَنَّانة عند رأس الماكينة
*
لقب الرئيس هو رئيس مجلس القيادة الرئاسي.
ومعه سبعة أعضاء مجلس قيادة رئاسية يحرصون على أن يكتب بعضهم عن لقبه أنه “نائب” الرئيس وكأنه شيئ أعظم من مجرد “عضو” مجلس رئاسة.
هذا يقول لنا الكثير عن الرياح التي قد تَزِنْ وتَطِنْ كبعوضة أو تحوم كذبابة حول مؤسسة الرئاسة الجديدة.

هل سيستطيع الرئيس أن يكون رئيسنا ويقودنا جميعا، ومن حوله كل هذا الزنين والطنين الذي لا علاقة له بأهدافنا وأولوياتنا.

وما هي مهمات رئيس اليمن الجديد.

**
ثالثا: مهمات الرئيس
**

هذه هي مهمات رئيس جمهورية اليمن الانتقالية الثالثة:

١- يحتاج الرئيس لبناء الدولة من الصفر.

٢- يحتاج الرئيس لبناء علاقة متينة خاصة مع السعودية والإمارات.
هؤلاء حلفاء، ولا يمكن أن نخوض معارك السلام والحرب بدون حلفاء “حقيقيون”.
مرة أخرى وأخرى، يجب أن تكون علاقتنا بالسعودية والإمارات في منتهى القوة والعمق.
السعوديون والإماراتيون يقولون بأنهم حلفاء اليمن ورئاسة اليمن يقولون بأننا حلفاؤهم.

فلنتصرف جميعنا كحلفاء.

٣- يحتاج الرئيس للتعامل مع الضغوط الدولية لإيقاف الحرب والتصدي لرغباتهم لتقديم تنازلات.

٤- يحتاج الرئيس لأن يساير المجتمع الدولي في كذبة “السلام” المستحيل مع الحركة الحوثية.

٥- يحتاج الرئيس لأن يصبر ويعاني من تصرفات أعضاء مجلس الرئاسة.

٦- يحتاج الرئيس لأن يحسن من أحوال شعب اليمن في حياته اليومية.

٧- يحتاج الرئيس لأن يكون “فعلا” و”فعليا”:
القائد الأعلى للقوات المسلحة،
ويحدد العقيدة العسكرية للجيش اليمني
ويبني الجيش اليمني،
ويقودنا نحو النصر.

٨- يحتاج الرئيس لأن يشعرنا أننا فعلا قد حصلنا على رئيس لليمن يكسب قبولنا وقلوبنا وعقولنا لأول مرة في اليمن.
يحتاج الرئيس أن يكون هو الذي يحدد ما يجب أن يشغل اليمنيين في كل أنحاء اليمن ولا يتركهم يعتجنون ويعتصدون في دوامات غبار الأحزاب والتيارات المتصارعة داخل البلاد.

الرئيس رشاد العليمي، عليه أن يجد طريقة التعامل مع كل هذه المهمات بدون أن يصاب بالإعياء والإرهاق أو السهو والإغفال.
وهناك شيئ مخيف إسمه “الإحتراق الذاتي”.
اليابانيون، هم أول من ابتكر كلمة لهذا المعنى وهي “كاروشي” Karoshi
المعنى الحرفي لها هو “العمل حتى الموت”.

**
رابعا: دوامات غبار تعز
**

انظر إلى دوامات غبار تعز وأوحالها.

تعز، مُحتلَّة مسروقة منهوبة محاصرة مقصوفة مقنوصة من الحوثيين.
تعز، يقصفها الحوثيون بطيارة مسيرة ثالث أيام عيد الفطر ويروعون أطفالها.
تعز، بها انفلات أمني وانعدام أمن للمواطنين.
تعز، غارقة في القمامة.
تعز، أقامت حشد صلاة عيد ضخمة، يصفها البعض ب “الحزبية” في ساحة الحرية؛
وصلاة عيد أخرى يصفها البعض الآخر ب “الرسمية” في جامع المظفر بحضور المحافظ.

لكن تعز غارقة في دوامات غبار.

تعز، مشغولة بثوب أخضر لعروسة ومعطف أخضر لعريس وكأن هذا هو كل ما تحتاجه تعز لإثبات “الهَوِيَّة” و “الحداثة”،
وكأن هذا هو رمز لرفض تعز للهجمة الحوثية الإيرانية،
وكأن هذا هو التوضيح لعدم قبولهم لأفكار السلفية،
وكأن هذا هو ما سيثبت تواجدهم ووجودهم ضد المصلين في ساحة الحرية وخطباء المساجد الذين يتفننون في خلق المعارك الفرعية.

نحن نعرف أن كل هذه التيارات موجودة،
ونعرف أن هذا هو حال الدنيا في كل مكان في العالم، والعالم كله يتعايش مع هذه التناقضات.

لكن هذا ليس ما هو أولوية الضحية المسروقة المنهوبة المحتلة المقصوفة المحاصرة.

لكن أن تختار تعز أن تشغل نفسها بهذا الفستان والمعطف الأخضر ليلا نهارا يوما بعد يوم وهي بهذه الحالة المزرية، فهو قمة الضياع.

لكن أن تحتار تعز وتختار تعز أن تغرق في أوهام أنها قائدة “الحداثة” و “المعاصرة” وأنها معركتها، بينما يذلها الحوثيون على كل مستوى فهو قمة المهانة.

لكن أن تحتار تعز وأن تظن أنها هي حامية حمى الدين والإسلام والخلافة والأمة الإسلامية والمذاهب السنية والصلاة في ساحة الحرية، بينما الحوثيون والطائرات المسيرة الشيعية يبهذلونهم ويجرحونهم بصفة يومية، فهو قمة الضياع.

وهناك من يفتح بابا يدخل منه غبار النكاية لأن الرئيس الجديد، لم يقم بأي رد على قصف طيارة الحوثي المسيرة التي روعت أطفالها ثالث يوم العيد.

**
خامسا: حل دوامة تعز لحلحلة اليمن
**

محاولة كشف دوامات غبار تعز، يمكن أن تكون مدخلا لحلحلة دوامات غبار اليمن.

١- حزب الإصلاح، هو القوة الرئيسية في تعز.
٢- حزب الإصلاح، لا يمكن أن يحرر تعز بإمكانياته وقوته.
٣- حزب الإصلاح، لا يمكنه توحيد القوى الأخرى معه ولا استعادة بناء تجمع اللقاء المشترك ولا حشد الأغلبية الصامتة في معركة كبرى ضد الهجمة الحوثية الإيرانية.
٤- حزب الإصلاح، محرك لا ينضب لإثارة ردود الأفعال المحلية القاسية وحتى المتجنية ضده وإدخالنا في دوامات غبار.
٥- حزب الإصلاح، محرك قوي لإثارة ردود أفعال قوية ضد تعز من قبل السعودية والإمارات.
٦- حزب الإصلاح، هو أكبر قوة وحيدة متماسكة ضد الهجمة الحوثية الإيرانية ولا يجب التفريط بها.
٧- حزب الإصلاح، سيكون النبراس والفنار والمنارة إذا رضي وقبل أن يكون الماكينة التي تتكئ عليها الأغلبية الصامتة والنواة التي تلتف حولها قوى اليمن الجبارة بدون الالتفات للمكاسب الآنية أو ضمانات الوراثة للعهود القادمة.
مكافأة حزب الإصلاح، يجب ألا تكون بالطلب والمحاصصة والشروط المسبقة.
يجب أن يكتفي حزب الإصلاح بأن يكون له شرف المساهمة بإنقاذ اليمن.

شرف إنقاذ اليمن، هو أكبر شرف.

هذه هي دوامات الغبار في تعز.
وهذه هي أوراقنا.

**
سادسا: أسئلة للرئيس العليمي
**

١- كيف يمكن أن تقود ما يجب أن ينشغل به الناس خارج الفستان والمعطف الأخضر؟

٢- كيف يمكن أن تقودنا لنختار طريقنا، بدون أن تعتمي عيوننا وبصرنا وبصيرتنا بدوامات الغبار التي تثيرها مكونات الشرعية؟

٣- كيف يمكن أن تخرج تعز وهي أكثر محافظات اليمن تعدادا وسكانا من دوامات غبارها؟

٤- كيف يمكن أن تحشد الأغلبية الصامتة في هذه المعركة التاريخية التي تخوضها اليمن وكل الجزيرة العربية؟

٥- كيف يمكن أن تجذب السعودية والإمارات في صف واحد مع اليمن في عملية كبرى لتحرير اليمن وإعادة إعمارها؟

٦- كيف يمكن أن تكون أنت القوة المحركة لماكينة اليمن وليست تلك الرياح التي تحركها كما هبت وكما شاءت؟

من صفحة الكاتب على الفيسبوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى