معايير الجمال ما بين التنمر و العنف

✍️ /  بسمة العواملة

لطالما كانت مقاييس الجمال متفاوته من شخص للآخر، و قد قيل بأن الجمال نسبي فما يراه البعض جميلا يراه آخرون اقل من العادي ، و هذا التفاوت في وجهات النظر لا يجوز باي حال من الأحوال أن يخلق حالة من انعدام قبول الإختلاف و التنوع  بين البشر،  

ولكن في ظل ما نشهده من إجتياح لتكريس معايير جمال محددة في وسائل الإعلام المرئي و المسموع ، بحيث يعمد الى إنتاج قوالب نمطية تتقبل كل من تتوفر لديه هذه المعايير المعدة مسبقاَ و تستبعد كل من لا تنطبق عليه ، مما يؤدي الى حالة من الكآبة و القلق النفسي قد يعاني منها  هؤلاء المستبعدين و الذين قد يتعرضوا ايضا الى التنمر و السخرية من الآخرين ، مما يخلق لديهم من أزمات نفسية عميقة من الصعب تجاوزها

و لعل حادثة وفاة ابن أحد المطربين العرب مؤخرا  نتيجة إجراءه لعملية تكميم للمعدة رغبة في الوصول الى الشكل المثالي من وجهة نظر المقربين منه ، و للتخلص من تعليقات السخرية و الاستهزاء المستمرة من شكله ، خير دليل على ما يعاني منه المتنمر عليه من الالام نفسية و تدني إحترام الذات و إنعدام الثقة بالنفس

هذه النتائج تدق ناقوس الخطر ،فظاهرة التنمر  بلغت حداً مثيراً للقلق يتطلب الوقوف عندها كثيراً و بخاصة في المدارس و قد يتطلب الأمر تعديل بعض احكام قانون العقوبات بإضافة مادة جديدة تجرم التنمر و تتصدى لهذه الظاهرة بكل حزم .

وهذا التعديل المطلوب يتوافق مع تعريف منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونسيف) للتنمر بأنه أحد اشكال العنف الذي يمارسه فرد او مجموعة من الأفراد ضد آخر او إزعاجه بطريقة متعمدة و متكررة

فمظاهر العنف متعددة و كثيرة و يصعب حصرها ، و على الرغم من وجود تشريعات  تجرم التنمر بشكل غير مباشر ، الا أنها تبقى نصوص متناثرة و لا تجتمع بنص واحد صريح يجرم  فعل التنمر ، مما يسهم بشكل او بآخر بإفلات الفاعل من العقوبة لعدم وضوح النص القانوني .

و قد درجت  كثير من الدول في الآونة الأخيرة على ايقاع العقوبة الرادعة بحق كل من يمارس التنمر على الغير سواء كان تنمر جسدي او لفظي ، و افردت مواد في قانون العقوبات لمعاقبة المتنمر بالحبس و الغرامة بل و شددت العقوبة في حال التكرار .

ولكن لا يكفي أن نطالب فقط بتعديل التشريعات للقضاء على هذه الظاهرة ، بل يجب أن يوازي هذه الخطوة العمل على رفع مستوى الوعي لدى الأطفال و الطلاب بمختلف مستوياتهم باضرار هذه الظاهرة و ما تعكسه من تأثيرات على نفسية اقرانهم ، و العمل كذلك على تطبيق تعليمات الضبط المدرسي و الجامعي ، ووضع برنامج وقائي من التنمر و رصد نتائج البرنامج بشكل دوري و قياس الأثر لمعرفة مدى إستجابة التلاميذ و إنعكاسه على خفض نسبة الحالات و بالتالي  ضمان القضاء على هذه الظاهرة القديمة الجديدة بتظافر كافة الجهود التربوية والثقافية و جهات إنفاذ القانون .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى