الحقيقة الغائبة و الحق في معرفتها

✍️ بقلم  /  بسمة العواملة

لطاما كان البحث عن الحقيقة في خضم ما يشهده العالم اليوم من حروب مطلباَ ملحاَ ، و خاصة في ظل الإنتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان و التجاوزات التي يشهدها القانون الدولي الإنساني في بشتى بقاع العالم ، ونتائج و ويلات هذه الحروب ما تزال ماثلة امامنا سواء اكان منها بإختفاء بعض الأشخاص في ظروف غامضة دون التوصل الى معرفة مصيرهم او اماكن تواجدهم ، كذلك مصير الأطفال المخطوفون او الذين تم اخفاءهم اثناء الحروب و النزاعات عدا عن قضايا التعذيب و الإعدام التي تتم بدون محاكمة عادلة و إفلات الجناة من العقاب ،

جميع هذه الإنتهاكات و اكثر لا بل أن بعض هذه الإنتهاكات و التي ترقى لجرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية لم يتم محاكمة مرتكبيها حتى هذه اللحظة ، و ما زال ذوي الضحايا و اقاربهم يطالبون بمعرفة مصير المفقودين و كشف الحقيقة من خلال إجراء التحقيقات لمعرفة الظروف التي حدثت فيها الإنتهاكات و أسبابها لإنصاف الضحايا من خلال جبر الضرر و إعادة المفقودين قسريا الى بلدانهم .
و نظراَ لفظاعة هذه الجرائم المرتكبة ضد الإنسانية و رغبة المجتمع الدولي المتمثل بالقانون الدولي الإنساني و القانون الدولي لحقوق الإنسان في التصدي لهذه الإنتهاكات الجسيمة و مكاكمة مرتكبيها و ضمان عدم افلاتهم من العقاب ، اعلنت الأمم المتحدة الرابع و العشرين من آذار في كل عام يوماَ دولياَ للحق في معرفة الحقيقة فيما يتعلق بالإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان و لإحترام كرامة الضحايا .
و يأتي الإحتفال بهذا اليوم لتسليط الضوء على أهمية الحق في معرفة الحقيقة و من أن هذه الإنتهاكات لا يمكن أن تظل طويلاَ في الخفاء ، و لإرتباط هذا الحق إرتباطاَ و ثيقاَ بحقوق أخرى كالحق في الوصول الى المعلومة ، الحق في الهوية ، الحق في جبر الضرر ، الحق في محاكمة عادلة و الحق في الحصول على الإنصاف .
يمر هذا اليوم و لا تزال الانتهاكات الفظيعة تمر في كثير من بقاع العالم دون أي تحقيقات جادة كجرائم الخطف و القتل و التهجير و الإعتداء على الأملاك و الإبادة الجماعية و غيرها من الإنتهاكات ، مما ساهم في تزايد ظاهرة الإفلات من العقاب ، و لا تزال المطالبات تعلو مطالبة بإنفاذ القانون و إنصاف الضحايا و لعل الحق في كشف الحقيقة هو اول ما ينصف به الضحايا و ذويهم .
و قد توصلت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان بإن هذا الحق هو حق غير قابل للتصرف ، و على الدول كافة أن تعمل على توفير الحماية و إجراء التحقيقات الفعالة بشأن الإنتهاكات الخاصة بقوانين حقوق الإنسان و القانون الدولي الإنساني .
و أن أي عائلة فقدت أحد افرادها في ظروف غامضة الحق في معرفة مصيره و بذات الوقت فإن أي مجتمع ارتكبت فيه أحد هذه الإنتهاكات الجسيمة الحق في معرفة مرتكبيها دون تعتيم على الحقيقة او إنكار لها و معاقبة مرتكبيها لضمان عدم إفلاتهم من العقاب .
يبقى أن نذكر بأن إختيار هذا اليوم جاء بهدف الإشادة بالذين كرسوا حياتهم لتعزيز و حماية حقوق الإنسان و بذات التاريخ الذي تم فيه إغتيال رئيس الأساقفة أوسكار روميرو من السلفادور ، و الذي عاش مدافعاَ عن حقوق الفقراء و استنكر الإغتيالات و التعذيب و إنتهاكات حقوق الإنسان التي كانت ترتكب بحق الشعب السلفادوري تحت عين و مرأى الحكومة الأمريكية آنذاك .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى