احتفال صاخب في زمن الجوع

 

بقلم / هيثم جسار

بينما تغرق صنعاء في العتمة ويئنّ أهلها تحت وطأة الجوع والحصار، أصرّت ميليشيا الحوثي على إشعال سماء المدينة بالألعاب النارية، في مشهد أقرب إلى الاستفزاز منه إلى الاحتفال. ففي الوقت الذي يبحث فيه المواطن عن لقمة عيش أو جرعة دواء، تُهدر الأموال على مشاهد استعراضية لا تُشبع جائعًا ولا تداوي مريضًا، بل تزيد من حدة الغضب الشعبي وتعمّق الفجوة بين الحاكم والمحكوم.

استعراض للقوة لا فرحة للشعب

الحوثيون لم يشعلوا سماء صنعاء فرحًا، بل رسالةً للقهر والاستعلاء: نحن نملك القوة، وأنتم لا تملكون سوى الصمت. فالألعاب النارية التي أضاءت سماء العاصمة لم تكن إلا غطاءً لصوت البطون الخاوية، ووسيلة لصرف الأنظار عن الأزمة الإنسانية الخانقة التي يعيشها اليمنيون تحت سلطتهم.

الجوع في مواجهة البذخ

المفارقة الصارخة أنّ آلاف العائلات في صنعاء عاجزة عن توفير الخبز، بينما تُصرف ملايين الريالات على دقائق من اللهب والدخان. هذا الاستهتار بمعاناة الناس يعكس عقلية سلطة ترى في الاحتفال وسيلة لإثبات الوجود، ولو على حساب كرامة المواطن وجوع أطفاله.

السخط الشعبي المتصاعد

وسائل التواصل الاجتماعي ضجّت بانتقادات حادة، رافضة تحويل العاصمة إلى مسرح ألعاب نارية في زمن يموت فيه الناس من الجوع. السخط لم يعد همسًا في الجلسات المغلقة، بل صار صرخة علنية، تكشف أن سياسات الحوثيين تزرع مزيدًا من النقمة، وأن الاحتفالات الصاخبة لا تستطيع أن تخفي وجع الجائعين.

إنّ إشعال سماء صنعاء بالألعاب النارية لم يكن إلا تعبيرًا عن انفصال الحوثيين عن الواقع الشعبي. فبينما يفتش الناس في القمامة عن ما يسدّ رمقهم، تصرّ الجماعة على صناعة مشهد استعراضي فارغ لا يزيد إلا الغضب والاحتقان. إنها سياسة “الاحتفال فوق الركام”، التي تُشبه إلى حد بعيد “رقصة الموت” على جراح شعب يذوي في صمت.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى