إيران مازالت تسلح الحوثي

صورة ارشيفية رويترز

 

✍️عبدالقادر الجنيد

يمكن توصيف وضع اليمن الحالي بالاعتماد على حدث كبير في ميناء عدن في الأسبوع الماضي وعلى عقوبات أمريكية جديدة يوم أمس على إيران بسبب تسليحها للحوثي.

واهتم الناس بحدث ميناء عدن على هيئة ترند أو صرعة بسيطة ولم يذكر أحد عقوبات أمريكا ولا حولوها إلى ترند- صرعة.
غاب الحدثان وسط ترندات وصرعات أخرى.
وانتقل اليمنيون في اليوم التالي إلى ترندات أو صرعات جديدة أخرى.

**
أولا: القبض على شحنة مسيرات في ميناء عدن
**

أعلنت جهاز مكافحة الإرهاب في عدن يوم الأربعاء (6 أغسطس 2025) عن إحباط محاولة تهريب شحنة تحتوي على طائرات مسيّرة (درونز) وقطع غيار أسلحة، قادمة من الصين، كانت في طريقها إلى جماعة الحوثي.
تم ضبط الحاويات المُشبوهة على سفينة تجارية وصلت إلى ميناء عدن.
وتم اتخاذ إجراءات قانونية عاجلة بالتنسيق مع النيابة العامة وأمن المنطقة الحرة.

سؤال: كيف تصل شحنة سلاح للحوثي عن طريق الميناء الرئيسي لعدوهم: دولة الشرعية— عدن؟

محاولة للإجابة:
إذا كانت شحنة كبيرة من الدرونز وصلت إلى ميناء عدن وكان هدفها صنعاء، فهناك واحد من ثلاثة احتمالات:
١- هناك شبكة فساد تديرها جهات أمنية تتحكم في الميناء تسلمها لشبكات تهريب بين عدن وصنعاء.
٢- أو اختراق مخابراتي وسياسي حوثي عميق داخل “الشرعية”.
٣- أو أن هناك تواطؤ سياسي على مستوى أعلى مما نتخيله.

كل ذلك يعيدنا إلى بيت الداء:
“غياب الدولة، وتحوّل مؤسسات الشرعية إلى كانتونات، وتفكك القيادة، يسمح بتحوّل الموانئ والمنافذ إلى ثقوب تهريب كبرى… تخدم العدو في وضح النهار.”.

وبيت الداء سببه أيضا الكانتونات التي تتبع دول الإقليم.
هل اليمنيون، هم من صنع الكانتونات؟
أم أنه لا يمكن أبدا قيام ولا بقاء هذه الكانتونات بدون السعودية والإمارات وإيران؟

**
ثانيا: تفاصيل شحنة السلاح في عدن
**

١- شحنة سلاح هذا الأسبوع
*
وفقًا لمصادر رسمية، تم ضبط على متن سفينة قادمة من الصين عند وصولها إلى ميناء عدن (حوالي ٢ أغسطس ٢٠٢٥)، حاويات تحتوي على:
١- طائرات بدون طيار (UAVs).
٢- وحدات تحكُّم متقدمة.
٣- أجهزة اتّصال لاسلكية.
٤- معدات عسكرية متنوعة وقطع غيار
(المصدر: موقع yemenonline info)

٢- شحنة سلاح يناير
*
تم القبض على شحنات سلاح سابقة في ميناء عدن.
شحنات سابقة (يناير 2025) شملت:
١- محركات طائرات بدون طيار تعمل بالوقود (عدّة 5 محركات صينية الصنع).

٢-نوعين من أجهزة التحكم، وعدد 15 وحدة لاسلكية للتحكُّم.

٣- طائرة مسيّرة صغيرة، بالإضافة إلى أجهزة كشف معدنية وأجهزة فحص بالأشعة السينية.
(المصدر: قناة يمن شباب (en yemenshabab net) )

٤- عدد 180 محرك سيرفو ذكي، يُستخدم في تحريك أجنحة الطائرات المسيّرة وإطلاق الحمولة (ويمكن استخدامه في الروبوتات).
(المصدر: yementdy org ) اليمن اليوم

٤- عدد 1,760 لوحة إلكترونية ومستشعرات تُستخدم للتحكُّم في المحركات، إدارة الطاقة، كشف الغازات وتفادي العوائق الجوية

**
ثالثا: تطوير القدرة العسكرية الحوثية
**

المكونات المصادرة تشير إلى أن الحوثيين يسعون لتعزيز قدراتهم في تصنيع وتشغيل الطائرات المسيّرة، عبر:
محركات وقود.
أجهزة تحكُّم لاسلكية.
معالجات إلكترونية متقدمة ومستشعرات.
(المصدر: en yemenshabab net ) يمن شباب

وفقًا لمراجعة (يوليو–سبتمبر 2025) من مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، يُحتمل أن تكون بعض هذه المكونات جزءًا من تحوّل تكنولوجي نحو:

١- محركات نفّاثة صغيرة
*
(على غرار JetCat P500‑PRO‑S أو P550‑PRO‑S)، وهي أسرع بكثير من المحركات التقليدية بنسبة تصل إلى 4 مرات—مما يجعل المسيرات أقل عرضة للرصد وأسهل في الانخراط في هجمات مفاجئة.
( المصدر: sanaacenter org – مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية )

٢- ابتكارات إضافية حديثة:
*
تم رصد أنظمة خلايا وقود هيدروجينية، تُستخدم لزيادة مدى الطائرات المسيّرة بشكل كبير—أكثر من ثلاث مرات بالمقارنة مع الطائرات التقليدية، ما يمنحها قدرة على الطيران لمسافات بعيدة وصعوبة في الاكتشاف
( المصدر: civitas global – منصة بحثية تهتم بالتقنيات العسكرية الناشئة في الشرق الأوسط.)

٣- خصائص مركبة ومتطورة:
*
مجموعات مثل “وايد 2” (Waid 2)، وهي نسخ من الطائرة Shahed‑136، يمكن أن تحمل نحو 40 كغ من المتفجّرات وتصل مدى يصل إلى 2000 كم، مما يجعلها قريبة من أنظمة صواريخ صغيرة الحجم.
( المصدر: Orion policy – مركز أبحاث أمريكي متخصص في الأمن والدفاع في الشرق الأوسط )
( المصدر: – reddit منتدى دولي مفتوح يتيح نقاشات وتحليلات تقنية (مصدر غير رسمي) )

**
رابعا: أمريكا وشحنات أسلحة إيران للحوثي
**

أعلنت وزارة الخزانة الأمريكية يوم 7 أغسطس 2025 فرض عقوبات جديدة شملت 18 كيانا وشخصا مرتبطين بإيران، بتهمة المساعدة في التهرب من العقوبات وتوليد الأموال، بهدف حرمان إيران من الموارد المستخدمة في أنشطتها التدميرية حول العالم.

هناك أمور لافتة للنظر في هذا الموضوع:
١- علاقة القط والفأر (توم وچيري) بين أمريكا وإيران بشأن إرسال الأسلحة للحوثي.
أمريكا (توم)، لا تتوقف.
إيران (چيري)، لا يتوقف.

٢- لماذا لم تنجح أمريكا في إيقاف شحنات السلاح الإيرانية للحوثيين؟

لأن إيران لا تعتمد مسارا واحدا، بل شبكات تهريب متعددة ومتداخلة: بحر، بر، ووسطاء.
ولأن أدوات أمريكا في اليمن مترددة، متفرقة، وأحيانا متواطئة

رغم العقوبات والمراقبة البحرية، تفشل أمريكا في وقف تدفق السلاح الإيراني للحوثيين، لأن الجهات اليمنية التي يُفترض أن تتصدى لذلك—كالرئاسة، والدفاع، والداخلية، والاستخبارات، وخفر السواحل، وكانتون عدن المجلس الانتقالي، واللجان الأمنية، وحلفاء اليمن: السعودية والإمارات— كلها تعيش في جزر معزولة، بلا إدارة حديثة، ولا توصيف وظيفي، ولا احترافية، ولا متابعة، ولا مساءلة.”

٣- لماذا إيران لا تهدأ؟
*
لماذا لا تلعق إيران جراحها وتنزوي بصمت؟
ولماذا مازالت إيران بعد كل نكساتها، مستمرة بمساعدة الحوثي؟
مسألة أن إيران مازالت تريد إيذاء اسرائيل بواسطة الحوثيين، غير مقنعة تماما.
واضح أن إيران لم تغير أهدافها تماما تجاه السعودية حتى بعد المصالحة بينهما في الصين.
وجود الحوثيين في خاصرة السعودية هو رئة استراتيجية تتنفس منها طهران في المنطقة.

**
خامسا: أسئلة في الخلاصة والخاتمة
**

أبواب موضوع اليوم، تفتح أسئلة وتثير التأملات.

١- مصالحة السعودية وإيران
*
التأمل في المصالحة الإيرانية السعودية الذي هو الطريق إلى فهم الإهمال الحالي اليمن من قبل السعودية والإمارات وإيران.
ما الذي اتفقت عليه إيران مع السعودية بشأن اليمن؟

٢- وضع اليمن تحت نفوذ السعودية والإمارات وإيران؟
*
السعودية والإمارات وإيران، معهم إمكانيات كبيرة داخل اليمن وأعوان أقوياء ومناطق كاملة تحت النفوذ والتأثير المطلق والحصري.
ولا يبدو أن الدول الثلاث تريد التخلي عن نفوذها داخل اليمن.
ولكن المؤكد أن الدول الثلاث لا تريد أيضا تحمل مسؤولية أو نفقات أو لوم وعتاب أو إدانة.

٣- توصيف وضع اليمن الحالي؟
*
يمكن توصيف وضع اليمن الحالي بأن السعودية والإمارات وإيران، قد قرروا ترك اليمن لتتفاعل مكوناتها بداخلها، وليفعل اليمنيون ببلادهم ما يشاؤون، بدون إلقاء اللوم على السعودية والإمارات وإيران.
لقد تركوا اليمن تغلي على نار هادئة بفعل الكانتونات.
وانشغلت اليمن بانفعالات الأحداث الصغيرة الهبلاء والترندات اليومية.

وتغافل اليمنيون عن مصيبتهم الوجودية.
هل هناك من يعمل بجهد يومي متواصل على تخليص اليمن من مصيبتها الوجودية؟

٤- أسئلة مؤجلة ليوم آخر
*
هل وضع اليمن في داخل قدر يغلي فوق نار هادئة، هو بقرار مخطط له ومقصود من السعودية والإمارات وإيران؟
أم أن اليمنيين قد فقدوا عقولهم وقد دخلوا في حالة مزاجية من الرضى والقبول بتوافق السعودية والإمارات وإيران؟
.. والاستمتاع بالكانتونات والشرذمات؟
.. والفوران الهادئ حسب التعليمات؟
.. والتنفيس عن الكروب بعنتريات الترندات؟

عبدالقادر الجنيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى