ماذا بعد الانتخابات الأميركية 2020 ولماذا تأخر إعلان النتائج؟ بقلم منير الماوري

✍️ منير الماوري


بعد معرفة نتائج الانتخابات الرئاسية الأميركية، حتى وإن لم تكن النتائج رسمية أو لم يصادق عليها حكام الولايات الخمسين، فإن الرئيس المنتخب يبدأ في تلقي نسخة خاصة به يوميا من تقارير وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) وتقارير بعض الوكالات الأخرى، ليتم تهيئته لمواجهة المشكلات المحلية والخارجية عن طريق تزويده بذات المعلومات التي يتلقاها الرئيس المنتهية ولايته.
في ذات الوقت يعكف الرئيس المنتخب على إعادة تشكيل الحكومة واختيار كبار مساعديه بالتشاور مع كبار أعضاء فريق العمل في حملته الانتخابية وقيادات الحزب الذي يمثله الرئيس المنتخب.
كما يبدأ الرئيس المنتخب بالتعاون مع أصحاب الخبرات من داخل حزبه ومن خارج الحزب باختيار ما يقارب أربعة آلاف مسؤول تنفيذي لتعيينهم لاحقا في الدرجات العليا لإدارة مختلف الأجهزة والوكالات الحكومية.
ولأن العمل في الحكومة الفدرالية يحتاج إلى فحص السجل الأمني لأي مرشح قبل مباشرة العمل الفعلي ومنحه تصريحا أمنيا للإطلاع على أسرار الدولة فإن الرئيس يفترض أن ينتهي سريعا من تقديم الأسماء لإحالتها إلى الأجهزة الأمنية لبحث مدى صلاحية كل مرشح للموقع الذي تم اختياره له والتأكد من عدم تشكيله تهديدا أمنيا من أي نوع أو وجود ارتباطات خارجية له.
وتختلف مستويات التصريحات الأمنية من سري إلى سري جدا وما فوق وكلما ارتفعت حساسية المنصب أرتفع معه مستوى التصريح الأمني الذي يحتاج إليه المرشح. كما أن المناصب الكبرى تحتاج أيضا إلى مصادقة مجلس الشيوخ باستثناء مناصب معينة في البيت الأبيض مثل مستشار الأمن القومي الذي يعفى من مصادقة مجلس الشيوخ رغم حساسية ما يقوم به شاغر هذا الموقع.

لماذا تأخر إعلان النتائج؟

الانتخابات الرئاسية الأميركية السابقة التي تابعتها منذ عهد الرئيس كارتر حتى اليوم لم تعلن فيها النتائج (الرسمية) إلا بعد ايام أو أسابيع من إجرائها. أما النتائج التي نعلم بها في ليلة الانتخابات أو صباح اليوم التالي فهي نتائج غير رسمية تعلنها محطات التلفزة وشبكات الأخبار من ذات نفسها وعلى مسؤوليتها قبل انتهاء الفرز بناء على معلومات دقيقة من داخل لجان الفرز أو من الحزبين المتنافسين في حال تطابقت المعلومات الصادرة منهما ولم تكن مثار خلاف.

وعندما تعلن النتائج الرسمية بعد أيام أو أسابيع تكون مطابقة في العادة لما أعلنته المحطات بعد انتهاء التصويت بقليل فلا يلتفت أحد حينها إلى النتائج الرسمية لأن الجميع قد عرفها مسبقا عبر الإعلام.

لم يحصل أن اختلفت النتائج الفعلية عن النتائج التي تنبأت بها المحطات إلا إذا كان الاختلاف لصالح المرشح الفائز على هيئة زيادة في الأصوات، وهو أمر لا يكون مؤثرا بعد إعلان الفوز.

الشيء المختلف في انتخابات 2020 كان مشابها تقريبا لما حدث في عام 2000 عندما تقاربت النتائج إلى حد كبير بين المرشحين الديمقراطي والجمهوري (آل جور وجورج بوش) في ولاية فلوريدا الأمر الذي أربك محطات التلفزة وجعلها عاجزة عن التنبوء بنتائج مؤكدة فكان من الصعب على أي محطة أن تغامر بسمعتها في إعلان نتيجة قد يتضح لاحقا أنها غير فعلية.

لهذا السبب فإن معظم القنوات تكتفي بإعلان النتائج في الولايات التي كان فارق الأصوات فيها كبيرا لدرجة كافية حتى وإن كان الفرز لا يزال جاريا. ما يهم المحطات الاخبارية هو أن يكون العدد المتبقي من أوراق الاقتراع غير المحسوبة أقل من العدد الذي يمكن أن يغير اسم الفائز ، فتسارع المحطات بإعلان نتائج تلك الانتخابات في الولايات المعنية.

الصعوبة الكبيرة هذا العام لم تقتصر على ولاية واحدة فقط بل امتدت إلى ست ولايات ليست كلها متأرجحة ولكن تقارب الأصوات فيها كان شديدا بما لا يسمح بالمغامرة في التنبوء بنتائجها مسبقا.

في نهاية المطاف أعلنت محطة سي إن إن اسم الفائز بالرئاسة الأميركية (الديمقراطي جو بايدن) وتبعتها المحطات الأخرى، ولكن النتائج الرسمية لم يصادق عليها من أي ولاية حتى الآن، ولا أعتقد أن بإمكان الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب تغييرها بأي طريقة كانت.

عندما تتم المصادقة على نتائج انتخابات 2020 سنلاحظ أن الأصوات التي حصل عليها الفائز جو بايدن هي 306 من أعضاء الهيئة الانتخابية، وهو رقم يزيد عما توقعته محطة سي إن إن، لكن الزيادة على عكس النقصان لا تغير اسم الفائز.
عدد أعضاء الهيئة الانتخابية يساوي عدد أعضاء مجلسي الكونجرس (النواب والشيوخ) إضافة إلى ثلاثة أصوات إضافية مخصصة للعاصمة واشنطن دي سي أي 535 + 3 = 538.
الفائز في الانتخابات هو الذي يحصل على نصف عدد أعضاء الهيئة الانتخابية + 1 أو أكثر، وبما أن نصف عدد الهيئة هو نصف العدد 538 بمعنى آخر فإن الفوز يحتاج إلى 269 +1 = 270

لماذ يعتبر الحاصل على 270 صوتا انتخابيا فائزا بالرئاسة الأميركية؟ الإجابة ببساطة أن المرشح الآخر سيكون نصيبه من الأصوات هو ما تبقى منها أي 538-270 = 268 صوتا انتخابيا وهو أقل من النصف أو أقل مما حصل عليه المرشح المنافس.

المشكلة يمكن أن تحدث فقط إذا اختلفت النتائج الرسمية عن النتائج الإعلامية وهذا لم يحدث قط في أي انتخابات سابقة.

المحطات التلفزيونية وشبكات الأخبار الرئيسية حريصة على أن تجمع بين السرعة والدقة في إعلان النتائج لكن حكومات الولايات الخمسين ليست معنية بالسرعة بقدر ما تعنيها الدقة فقط، وهي ليست مجبرة على إعلان أي نتيجة قبل اكتمال الفرز بصورة نهائية. كما أن بعض الولايات تفضل أن تلتزم حرفيا بالجدول المحدد سلفا لكل خطوة من الخطوات المدرجة فيه.
الولايات التي صوتت لصالح المرشح المهزوم غير مطالبة بتعيين مندوبين أو بالأصح تصبح تلقائيا محرومة من المشاركة بمندوبيها كونهم يمثلون مرشحا مهزوما ولا حاجة لوجودهم.

أما الولايات التي صوتت للمرشح الفائز فإنها ملزمة بجدول تتغير مواعيده من انتخابات إلى أخرى ولكنه في الإجمال يشمل الخطوات التالية:

1- في الفترة بين 3 – 15 نوفمبر يتم الانتهاء من عمليات الفرز في كل ولاية وحساب الإجمالي النهائي للأصوات الشعبية التي حصل عليها كل مرشح.

2-في الفترة من منتصف نوفمبر حتى 14 ديسمبر المصادقة على نتائج الفرز من قبل كل ولاية بشكل منفصل. ويتم فيها إعتماد نتائج الانتخابات من قبل حكام الولايات.

3- في 8 ديسمبر، يتم اختيار المندوبين وتتخذ الولايات قرارات نهائية حول أسماء أعضاء الهيئة الانتخابية ويكون ذلك قبل 6 أيام من اجتماعهم.

4- في 14 ديسمبر، يجتمع أعضاء الانتخابية في ولاياتهم ويصوتون لاختيار الرئيس ونائب الرئيس عبر صناديق اقتراع منفصلة.

5- في 23 ديسمبر يتم إرسال نتائج الانتخابات في كل ولاية وأسماء المندوبين إلى واشنطن من ست نسخ إحداها لرئيس مجلس الشيوخ، ويفترض أن يتلقى رئيس مجلس الشيوخ أصوات المندوبين في موعد لا يتجاوز 9 أيام بعد اجتماع أعضاء الهيئة الانتخابية.

6- في 6 يناير تعقد جلسة مشتركة لمجلسي النواب والشيوخ (الكونجرس الأميركي) لإعلان الأصوات رسميا برئاسة نائب الرئيس بصفته رئيس مجلس الشيوخ.

7- في 20 يناير/ كانون الثاني 2021، يؤدي الرئيس المنتخب، القسم الدستوري ويصبح في ظهيرة ذلك اليوم رئيسا للولايات المتحدة الأميركية.


مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى