التحالفات تتشكل … الحوثي في مرمى العزم المحلي والدولي

 

✍️ هيثم جسار

لم تعد جماعة الحوثي مجرد ميليشيا محلية تبحث عن نفوذ داخل اليمن، بل تحوّلت إلى واحدة من أبرز أذرع إيران التخريبية في المنطقة. ومع تصاعد عملياتها العدائية تجاه الملاحة الدولية، وتنامي تهديدها لحلفاء الغرب في الخليج، بات من الواضح أن هناك عزمًا يتبلور — محليًا وإقليميًا ودوليًا — لإنهاء هذه الحالة الشاذة، وقطع الذراع الإيرانية التي امتدت من طهران حتى الحديدة وصعدة.

أولًا: التحرك المحلي – الصحوة من الداخل

في الداخل اليمني، تتنامى الدعوات الشعبية والرسمية لمواجهة الحوثي كأولوية وطنية تتجاوز الانقسامات. القوى الوطنية في الساحل الغربي ومأرب وتعز باتت أكثر توحدًا خلف هدف اجتثاث المشروع الحوثي الذي اختطف الدولة، وحوّل المؤسسات إلى أدوات قمعية باسم “الولاية”. ولم يعد الحوثي يُنظر إليه كمكون يمني، بل كمندوب سياسي وعسكري لإيران داخل الحدود اليمنية.

ثانيًا: البعد الإقليمي – كسر الطوق الإيراني

الدول الخليجية، وعلى رأسها السعودية والإمارات، باتت أكثر صرامة تجاه التمدد الحوثي، ليس فقط من منظور أمني، بل كخطر وجودي يهدد استقرار شبه الجزيرة العربية. ويأتي التنسيق العسكري، وتبادل المعلومات، والضغوط السياسية على الداعمين، ضمن استراتيجية إقليمية متقدمة لعزل الحوثي وتجفيف منابع دعمه اللوجستي والمالي.

ثالثًا: المجتمع الدولي – التصعيد بعد صبر طويل

الولايات المتحدة وبريطانيا نفذتا منذ بداية 2024 ضربات نوعية ضد مواقع حوثية، ردًا على الهجمات ضد السفن في البحر الأحمر. كما كثّفت واشنطن ضغوطها على طهران لوقف دعمها للحوثيين، في ظل تقارير استخباراتية تؤكد تهريب طائرات مسيّرة وصواريخ دقيقة عبر شبكات الحرس الثوري.

وقد أعادت هذه الضربات الحوثي إلى قائمة التهديدات الإرهابية، وأرسلت رسائل مباشرة بأن الصبر الدولي تجاه هذه الجماعة قد بلغ منتهاه.

رابعًا: التوقيت السياسي – فرصة نادرة

يجمع المراقبون على أن اللحظة الراهنة تمثل فرصة سياسية نادرة:
• الداخل اليمني مستعد للتغيير،
• المجتمع الدولي يملك الذريعة والتأييد للتحرك،
• إيران تواجه ضغوطًا متصاعدة في أكثر من جبهة.

إن استثمار هذا الزخم قد يكون مفتاحًا لتفكيك واحدة من أخطر أدوات إيران بالمنطقة.

اليوم، يقف الحوثي في زاوية ضيقة، تتقلص فيها خياراته أمام زحف الإرادة اليمنية والإقليمية والدولية. لم يعد الحديث عن تسوية ممكنة مع جماعة تؤمن بـ”الحق الإلهي في الحكم”، بل عن تفكيك مشروع طائفي مسلح لا يعرف إلا لغة السلاح والارتهان.
وهكذا، فإن عزم الداخل والخارج معًا هو السبيل الحقيقي لاقتلاع هذا المشروع، وقطع شريان الفوضى الممتد من طهران إلى البحر الأحمر

هيثم جسار

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى