حرب إسرائيل على غزة ولبنان-طوفان سوريا وتقاطع المصالح

أ د / دحان النجار

سوريا ميدان صراع عالمي لما لموقعها من اهمية استراتيجية وكذلك لخياراتها السياسية المكلفة والمتمثلة برفض التطبيع مع إسرائيل والتمسك بالنهج العروبي البعثي( هذا لا يعني بان النظام كان ديمقراطيا بل العكس). وفي سوريا تقاطعت وتعارضت المصالح السياسية والاقتصادية لعديد من الدول الفاعلة اقليميا وعالميا ومن اهمها الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا واسرائيل وايران وتركيا،وهنا سوف نخوض في تقاطع المصالح لهذه الدول وبالذات الولايات المتحدة واسرائيل وتركيا وايران وتداخلها وتناقضها المعقد من اجل تقييم وفهم اسباب ما حدث بها من زلزال هز المنطقة والعالم وممكن تسميته “طوفان سوريا”والتوقع بما سوف تؤول اليه الأوضاع مستقبلا.

نقاط التقاطع الرئيسبة للمصالح:
١.اضعاف النفوذ الايراني والروسي
٢.تعزيز النفوذ ومحاربة الارهاب
٣.الاقتصاد والتحكم بمصادر الطاقة
4. اعادة ترتيب اوضاع الشرق الأوسط.
تعمل إسرائيل على إضعاف النفوذ الإيراني في المنطقة، وخاصة في سوريا، حيث تعتبر وجود إيران تهديدًا مباشرًا لأمنها القومي وتركز على مكافحة الجماعات المتطرفة التي تعتبرها تهديدًا لأمنها، مثل حزب الله وحماس وداعميها ومنهم سوريا التي يجب تجريدها من السلاح وإجبارها مستقبلا على التطبيع والتنازل عن الجولان بعد سقوط نظام الاسد وفرض دور ها القيادي في المنطقة. بسقوط نظام الاسد في سوريا حزب الله فقد خلفيته الامنية والسياسية والعسكرية واصبح غير قادرا على اعادة تسليح نفسه وانقطع شريان التواصل مع ايران وبالتالي خروجه من المعادلة الاستراتيجية، ويعني ابعاد ايران من الجبهة المباشرة مع اسرائيل وانكفائها الى الداخل وهذا يقود إلى اضعافها ونقل المعارك بشكل او بآخر إلى داخلها او إلى حدودها المباشرة وليس بالضرورة ان تكون معارك عسكرية فهناك العديد من أشكال الحروب . بخروج سوريا وحزب الله من المعادلة اصبح الطريق معبدا ومهيئا للتصرف بحرية بشان قطاع غزة والضفة الغربية وربما ضمهما إلى الكيان وترحيل سكان غزة والقطاع الى الأردن ومصر بدرجة رئيسية بعد تهيئة الأرضية هناك بطريقة او بأخرى، وبذلك تكون اسرائيل قد ضمنت حل القضية الفلسطينية نهائيا بحسب شروطها.
واقتصاديا تسعى إسرائيل إلى تأمين إمدادات الطاقة وتنويع مصادرها، وتعتبر حقول النفط والغاز في شرق المتوسط، بما في ذلك تلك الموجودة في المياه الإقليمية السورية، ذات أهمية استراتيجية.
اسرائيل تعمل على قيادتها للمنطقة سياسياواقتصاديا وعسكريا .
تعارض تركيا أيضًا النفوذ الإيراني في المنطقة، وتخشى من تمدد الميليشيات الشيعية المدعومة من إيران إلى داخل أراضيها. وتريد ان تكون لها ورقة قويه في سوريا لمحاربة الانفصاليين الأكراد الذين تعتبرهم ارهابيين وبالذات حزب العمال الكردي ،اما اقتصاديا فهناك العديد من الاهداف مثل تحويل سوريا إلى سوق لمنتجاتها ، ترحيل اللاجئين السوريين المشاركة في اعادة الأعمار ومن بين الاسباب الاقتصادية ايضا الطاقة حيث تعتبر تركيا من أكبر مستهلكي الطاقة في المنطقة، وتسعى إلى تأمين إمداداتها وتنويع مصادرها أيضًا. كما تسعى إلى تطوير قطاع الطاقة لديها، وخاصة في مجال الغاز الطبيعي.
مد خط الغاز القطري عبر سوريا وتركيا وصولا إلى أوروبا وهو الخط الذي رفضته سوريا في عام ٢٠٠٩ وقبلت بخط آخر من ايران وكان الشعرة التي قصمت ضهر البعير بين سوريا وتركيا وقطر وعارضته روسيا ايضاً لانه كان خط غاز منافس لها في أسواق أوروبا.
تركيا ايضا تسعى إلى تعزيز نفوذها في المنطقة، وخاصة في سوريا والعراق، وتطمح إلى إنشاء منطقة آمنة في شمال سوريا.
تهدف الولايات المتحدة إلى الحد من النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، وتعتبر وجود إيران في سوريا عقبة أمام تحقيق أهدافها الاستراتيجية في المنطقة وتهديد مباشر لأمن حليفتها الاستراتيجية إسرائيل ومع الولايات المتحدة تتفق معظم دول آوروبا
وتهتم الولايات المتحدة بتأمين حرية الملاحة في المنطقة، وضمان تدفق الطاقة إلى الأسواق العالمية. كما تسعى إلى تقويض نفوذ روسيا وإيران في قطاع الطاقة.
الولايات المتحدةتركز على مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، وتسعى إلى استئصال جذوره في سوريا والعراق.
و تودالحفاظ على نفوذها وتعزيزه في المنطقة، وضمان تدفق النفط والغاز، والتحكم به ومواجهة التحديات التي تشكلها روسيا والصين .
الدول الثلاث ايضاً لا تلتقي في كل شي فلكل اهدافه وأساليبه المختلفة التي يريد تحقيقها وهو الأمر الذي ينعكس سلبا على الاستقرار في سوريا، وسوف تظل التحالفات والأهداف تتغير بحسب متطلبات المرحلة وتطور الاحداث وهذا يجعل الوضع اكثر تعقيدا ومفتوح على كل الاحتمالات ويقود إلى صعوبة التوقع او التنبؤ بما سيحصل مستقبلا، وربما تحصل الكثير من التقلبات والتغييرات في التحالفات التي تعكس نفسها على الوضع الامني في سوريا خصوصا وفي المنطقة عموما.
د. دحان النجار
ميشجان ١٧ ديسمبر ٢٠٢٤م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى