هل وحدة اليمن، هي أكبر كذبة كونية؟ أم أنها نافعة وضرورية وعملية؟

✍️ عبدالقادر الجنيد
***
أنا وحدوي، لأسباب عملية بحتة.
وهناك اتجاهات ووجهات لا تريد الوحدة، من داخل جنوب وشمال اليمن ومن داخل السعودية والإمارات.
وهناك تصرفات وإجراءات عملية، تضر الوحدة.
وصلتني جملة من صديق عزيز:
“عندما يكتب د. أحمد عبد الإلاه، فعلى الآخرين أن يقرؤوا لهذا القلم الرشيق.”
ولأنه صديق عزيز ولأني من الآخرين، فقد قرأت المقالة.
ولأن موضوع الوحدة يشغلني، فقد قررت الكتابة عن المقالة.
مقالة الأخ الكريم د. أحمد عبدالإلاه، هي:
عن “آلام” الجنوب في الماضي،
وعن “خيبة أمل” الجنوب في الحاضر،
وعن “مخاوف” الجنوب من المستقبل.
وسأدرج المقالة، في أول تعليق.
سأفصفص النقاط التي شغلتني في المقالة الطويلة للأخ د. أحمد عبدالإلاه، وأضع لها عناوين.
ثم سأستجيب لما شغلني في المقالة بدون استعمال “قلمي الرشيق”، لأني أفضل ألا تضيع النقاط وسط البلاغة والرشاقة.
**
أولا: مقالة تؤكد أن الوحدة أكبر كذبة كونية
**
١- “بعد نوڤمبر ١٩٦٧ (بعد خروج الاحتلال البريطاني)
*
“لم يتم احترام الكيان الوجودي للجنوب، ولا إيجاد مدخل موضوعي لفهم تاريخه السياسي والاجتماعي الخاص”
“تم إقصاء مفهوم وهوية الجنوب، لأسباب ثورجية، وحدثت “مقايضة مصيرية” بادلوا فيها دولة الجنوب مقابل الطموح القومي واليساري والوحدة”
٢- “بعد حرب ١٩٩٤ (حرب الرئيس صالح لاجتثاث الحزب الاشتراكي من الجنوب)
*
“كان الجنوب على استعداد لأن يذهب إلى أي كوكب في أبعد جالاكسي، لكي لا يسمع طقوس التثليث السياسي المقدس: “الثورة الجمهورية الوحدة”.
“وكانت المفردة الأخيرة (الوحدة) تسقط كالجمرات في دم الجنوب، لأن الوحدة عُرفت بأنها أكبر كذبة كونية لا مثيل لها في الزمن المقروء والمنظور منذ أرباب الأولمب حتى أنصار الله (الحوثيون)”.
٣- ” بعد ٢٠١٤ (الانقلاب الحوثي)
*
“واستمرت آلام الجنوب تحت سيطرة الرئيس صالح، حتى حلت الكارثة الأدهى في ٢٠١٥ وانتهى كل وهم”
صبغ الحوثي صنعاء بأفكار الشيعة وأصبحت الفوارق بينها وبين كل اليمن “فوارق كربلائية”، وهي تحفر في شقوق الصراعات الدينية وتبني تحالفات طائفية، وتتغول فيها ولاءات “فوق وطنية” تعتبرها مقدسة ومتجذرة في الماضي البعيد (الولاية والغدير وأن الحوثي حفيد الرسول).
٤- الآن، بعد مجيئ السعودية والإمارات… وإيران
*
“لا يوجد ما يؤكد بأن الإقليم سيسلم كل شيئ وينصرف في حال أن يتم إتفاق هش بين القوى السياسية والعسكرية في اليمن”
“السيناريو الأسوأ والأسوأ جدا للجنوب، هو: أن يخرج التحالف من وحل اليمن اليوم أو غدا مقابل ضمانات لا يكون للجنوب فيها أي مكسب سياسي”
**
ثانيا: وحدة اليمن ضرورة عملية
**
١- بالنسبة لمسألة “احترام الكيان الوجودي للجنوب”، سيختلف مع هذا الطرح، إخوة لهم في الجنوب في حضرموت والمهرة وشبوة وسقطرى وأبين والضالع ويافع،….
ومثلما الشمال متنوع، فإن الجنوب أيضا متنوع.
وهذا هو نفس الحال في كل بلاد الدنيا.
٢- يوجد من يقول نفس هذا الكلام حرفيا: في تهامة وفي تعز وفي مارب.
كل ما تحتاجه هو وضع كلمة “تعز”، أو “تهامة”، أو “مارب” محل “الجنوب”.
كل المناطق، تعتبر أنها فريدة ومعها كيانا وجوديا خاصا بها.
وكلهم يطالبون ب “احترام الكيان الوجودي لمناطقهم”.
٣- التنوع، موجود.
نحن، لسنا شيئا واحدا.
التنوع، ليس عيبا ولا إعاقة.
التنوع، يمكن أن يكون مصدرا للإثراء الثقافي والفني والاقتصادي والمادي والمعنوي والإزدهار.
٤- التوترات والاضطرابات وحتى الحروب الأهلية، تحدث في كل مكان.
هناك سبب واحد فقط لا غير للتوترات والضغائن.
تحدث التوترات والضغائن بسبب الصراع على السلطة والموارد وفشل الحوكمة.
٥- التوترات والضغائن، قد تدمر أوطان وشعوب.
٦- لكن التوترات والضغائن، قد يخف مفعولها وأثرها وحتى قد قد تختفي إذا تم التوصل إلى وضع يحل إشكالية الصراع على السلطة والموارد والحوكمة تحت سيادة القانون والدستور.
٧- في شمال اليمن، لا يستطيع “الوسط” (تعز وإب) ولا “الشرق” (مارب) ولا “الغرب” (تهامة)، أن يصمد أمام العصبيات العنصرية والمناطقية الشمالية.
ولا حتى في “الجنوب” (الذي كان اليمن الديموقراطي)، يستطيع أن يصمد وحده أمام العصبيات الشمالية الثلاث التي هي القبائل الشمالية، والهاشمية الشمالية، والمناطقية الشمالية، خصوصا إذا كانوا قد أخضعوا واستعملوا الوسط والشرق والغرب.
٨- أيام الفوضى في اليمن
*
وهذه تقدر بعشرات السنين خلال الألفية الماضية.
العصبيات الشمالية الثلاث في فترات قصيرة جدا من الألف السنة الماضية- في أيام الفوضى وانعدام الدولة- كانت تسقط على بقية كل اليمن مثل الجراد، حتى على عدن ولحج وشبوة وحضرموت.
وهذه الأيام التي نعيشها، هي من أيام الفوضى في اليمن.
٩- أزمان الدول في اليمن
*
العصبيات الشمالية الثلاث، تنزوي جانبا وتصبح عديمة التأثير ولا تترك أي أثر عندما تقوم الدول والممالك اليمنية: الزيادية والصليحية والرسولية والطاهرية وفي فترتي الخلافة العثمانية والتي تبسط راياتها وعظمتها ومجدها على كل ربوع اليمن.
والمفروض أن نعمل جميعا في الشمال والجنوب والوسط والشرق والغرب على الخروج من سنين الفوضى الحالية لنبني معا الدولة.
١٠- الحوثي وصالح، ليسا حججا ضد الوحدة
*
لن ندخل في ذم ولا مدح استيلاء الحوثي على العاصمة صنعاء الآن ولا على استيلاء علي عبدالله صالح على العاصمة صنعاء من قبل.
لكن سنؤكد على أن كل من صالح والحوثي، قد ألحقا أكبر الضرر بإمكانية بناء الدولة اليمنية والوحدة اليمنية واستقرار اليمن وازدهار اليمن.
هذا ليس ذما ولا هجوما على صالح ولا على الحوثي.
سنوات حكم صالح- ٣٣ سنة-، هي التي أتت بالحوثي.
سنوات حكم الحوثي- ٩ سنوات-، هي التي تقتل، وتشرد اليمنيين، وتدمر الوطن، وتخترق الهوية اليمنية وهي التي تمزق كل نسيج اجتماعي داخل كل اليمن، وهي التي جلبت لنا إيران والسعودية والإمارات.
١١- ما يصلح لمنطقة هو الذي يصلح لكل المناطق
*
يجب على الشبواني أن يريد للإبي ما يريد لنفسه.
يجب على الحضرمي أن يريد للتهامي ما يريد لنفسه.
يجب على التعزي أن يريد للمهري ما يريد لنفسه.
يجب على الصعداوي أن يريد للسقطري ما يريد لنفسه.
يجب على اللحجي أن يريد للمحويتي ما يريد لنفسه.
يجب على العدني أن يريد للماربي ما يريد لنفسه.
كلنا يجب أن نريد لغيرنا، ما نريده لأنفسنا.
كلنا نحتكم للدستور.
كلنا سواسية أمام القانون.
الجيش: حقنا كلنا، ومنا كلنا، ويحمي الدستور، ويحمينا من المغامرين، ويحمي الحدود.
كلنا نحصل على نفس الشيئ.
الواحد من أجل الكل، والكل من أجل الواحد.
والتنوع، يبقى.
١٢- لن تستقر اليمن إلا بالدولة والوحدة والدستور
*
الوحدة، لا يمكن أن تقوم إلا بسيادة القانون والدستور.
القانون والدستور، لا يمكن أن يبقيا إلا في ظل الوحدة.
الشمال، لا يمكن أن يبني دولة محترمة، بمفرده.
الجنوب، لا يمكن أن يبني دولة محترمة، بمفرده.
الشمال، يحتاج الجنوب.
الجنوب، يحتاج الشمال.
من صفحة الكاتب على الفيسبوك