لعبة الكرة والسياسة في الحرب الناعمة .

✍️ علي مستور – عين اليمن الحر

________________

لم تعد لعبة كرة القدم هي ذلك النشاط الرياضي واسع الجماهيرية انتشارًا في العالم فقط ؛ و لم تعد اليوم الرياضة مجرد ممارسة وهواية رياضية.

بل اصبحت الفعاليات والأنشطة والاندية والاتحادات الرياضية استثمار وتجارة و صناعة احترافية ربحية وسلم سياسي للعديد من الساسة ، بل وغطاء ومظلة سياسية وانساني لتمرير العديد من الصور الذهنية المغايرة لحقيقة العديد من الأدوات و الأشكال الاجرامية .

كما ان لعبة الكرة تعتبر وسيلة سياسية لخلق تجاذبات وتقارب سياسي او لأشعال فتيل من النزاعات والفتن وتاريخ ملي من تلك النماذج للكرة السياسية .

لعبة الكرة ظاهرة اجتماعية تعكس جوانب من سيكولوجية المجتمع، وكما أنّ الأنشطة الرياضية قللت من وطأة وحدة الانغلاق القومي، لكنها تُرى بشكل أوسع كظاهرة ترتبط بالسياسة والاقتصاد، ولا سيما السوق الاقتصادي العالمي.

كرة القدم كلعبة رياضية من المفترض أن تنفصل عن أيّ ارتباط سياسي، فالرياضة بكلّ أنشطتها ومجالاتها هي نشاط إنساني مشترك بين الأمم والمجتمعات لا تُحيز تحت قيد اعتبارات عرقية/ إثنية أو قومية أو دينية إنما تعبّر عن ثقافة إنسانية تحمل ألوان التنوع والاختلاف الثقافي.

ولكن مع تقنين وتنظيم وتسييس النشاطات الرياضية وخروجها من الإطار الثقافي والممارسة الشعبية كهواية إلى العالمية بأدوات العولمة، أصبحت جزءًا من الكيانات السياسية، تمثّلها وتخضع لسيادتها واداة من ادوات العولمة .

يقول الكاتب الأمريكي سيون كوبر: “كرة القدم ظاهرة لها مدلولها السياسي، وهي رمز للفوضى ولحكم الأقلية وهي تؤدي إلى إسقاط سياسيين وانتخاب رؤساء وتحدد الطريقة التي يفكر بها الناس تجاه بلادهم”، والسؤال هنا: كيف يستغل القادة السياسيون شغف جماهير كرة القدم؟ والاحداث المترافقه معها واستثمارها سياسيا ، وكيف يمكن لكرة القدم أن تتأثر بالسياسة؟ أو ربما العكس؟.

منذ تأسيس الأندية الرياضية كان الارتباط مع المنظومة الاجتماعية والسياسية وثيقًا، يصاحبه مسار التطورات العامة في البنية خطوة بخطوة.

والحضور السياسي المصاحب في الظاهرة الرياضية غير مفارق على الدوام، ما دام ارتبط بالقدرة على الالتحام مع الوعي المشاعر والعاطفة الجماهيرية ، وخلق تصورات داخل مخيلة الجماهير تقودهم لتحقيق غاية سياسية من خلال التلاعب المصاحب لصخب انفعال العاطفة الجماهيرية حيث يتوقف العقل عن التفكير وتضل المشاعر والعاطفة هي من تتحكم في مسار القضية والحدث المثار مع اللعبة .

وفي ظلّ الوضع الحالي الذي استشرت به الأزمات على كل الأصعدة، وتحت حكم الاستبداد العالمي للأعلام ومواقع التواصل الاجتماعي ، تكون حالة التغاضي عن استغلال الساسة والسلطات والحكومات والأنظمة العالمية للكرة – بل التماهي مع النشاط الكروي باعتبارية أنه غير ذي صلة بالواقع السياسي – لَمِن الخداع للحقيقة وهروب من مواجهة حروبها وتجاذباتها السياسية في الواقع بأعتبار اختيار الانحياز للميل الشخصي في حب كرة القدم بتجرد عما يتم توضيفة سياسيا .

وهذا لا يعبّر عن موقف نقدي وتحليلي لظواهر التشجيع والكرة، سواء سيكولوجيًا أو سوسيولوجيًا طالما وقد دخلت في التوضيف السياسي والاعلامي والدعائي واستثمار مباشر في حرب استهدافية عبر العاطفة الجماهيرية الجياشة .

لقد أصبحت كرة القدم جزءًا من الثقافة المشتركة لشعوب العالم ومكونًا رئيسًا لظاهرة العولمة، التي تتحكم بمقاليدها الأمبريالية العالمية بقيادة الولايات المتحدة الامريكية وحليفتها بريطانيا .

كما ان لعبة الكرة أصبحت مكونًا مهمًّا في الدراسات السياسية، فبعض الصراعات بين الدول بدأت من داخل الملاعب، وكثير منا يتذكر التوتر في العلاقات المصرية الجزائرية الذي تصاعد بعد أحداث مباراة كرة القدم بينهما عام 2009 في تصفيات كأس العالم، والتي جرت بمدينة أم درمان بالسودان.

في حالة أخرى تم استثمارها و أدت مباراة كرة قدم – عام 1969- إلى اندلاع حرب حقيقية بين هندوراس والسلفادور، عرفت بحرب كرة القدم.

البعض أيضا استخدم سلاح المقاطعة والتطبيع والتقارب والتنافر عبر مسابقات رياضية او لدعم دول او لمعاقبة دول على سلوك سياسي معين، مثل معاقبة الدول الغربية للاتحاد السوفيتي بعد غزوه أفغانستان بمقاطعة دورة الألعاب الأوليمبية التي أقيمت بموسكو وحاليا روسيا في مونديال قطر ، وكما هو الحال للبعد السياسي والاقتصادي من تمكين قطر من اقامة الفعالية .

وبالتالي قد يحاول سياسيون استغلال حدث رياضي لجذب سياسي وشعبي ، وقد يكون الرد على هذا الغزل السياسي من الطرف الاخر عبر لاعبي اوجماهير او متابعي ذلك الحدث عبر العاطفة الجماهيرية المستثارة والمنفصلة عن العقلانية بفعل نشوة المصاحبة مع اللعبة .
وهذا ما يجب ان نعية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى