غسيل الأموال و الخروج من اللأئحة الرمادية

✍️ بسمة العواملة
لطالما كان موضوع غسل الاموال و تمويل الإرهاب من المواضيع الساخنة على الساحة الدولية لعدة عقود لربما بسبب حداثة هذا الملف على المستوى الدولي او نظرا لتوسع هذه الظاهرة في ظل الحروب المشتعلة في اكثر من بقعة حول العالم .
و من هنا كان لزاما على الدول كافة التشبيك معا لتبني سياسة شبه موحده تهدف الى إيجاد الحلول الناجعة بغرض التصدي لهذه الظاهرة الحديثة نسبيا في المجتمع الدولي ككل و محاربتها بكافة الوسائل و على كافة الصعد .
و لكون الاردن كان دوما من الدول السباقة في مواكبة المستجدات و توافق التشريع الأردني مع المعايير الدولية في ذات الإيطار و بفضل الرؤية الثاقبة لجلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين ، اعلنت المملكة عن خطة تتولاها عشرون جهة وصفت بالمتكاملة لتعزيز نظم مكافحة غسل الأموال و تمويل الإرهاب و منع إنتشار اسلحة الدمار الشامل.
تم كذلك إقرار قانون مكافحة غسل الأموال رقم 46 لعام 2007 ، و الذي بموجبه أنشئت وحدة مكافحة غسل الأموال و تمويل الإرهاب ترتبط مباشرة بمحافظ البنك المركزي
و على الرغم من حداثة نشأة هذه الوحدة إلا أنها استطاعت تحقيق كثير من الإنجازات بحسب منظمة مجموعة العمل المالي و التي هي هيئة غير حكومية و مقرها باريس ،
و مهمتها وضع معايير فعالة لمكافحة غسل الأموال محليا و دوليا و ابرز ما صدر عنها التوصيات الاربعون و التي من خلالها يتم تحديد الدول الملتزمة او المقصرة بقضايا مكافحة غسل الاموال عند إجراء تقييم سنوي لها عن طريق مجموعة مراجعة ،
وقد تم وفق آخر تقييم وضع الأردن على اللأئحة الرمادية ضمن قائمة الدول تحت المتابعة المتزايدة ، بسبب عدم إنجاز بعض التشريعات المطلوبة الخاصة بمكافحة الفساد و تمويل الإرهاب للخروج من هذه القائمة من خلال المضي قدما بالاجراءات التي تكفل تنفيذ خطة مجموعة العمل المالي ، و وضع آلية لمتابعة التحقق من مدى الإلتزام بهذه الخطة .
علما بانه قد تم تنفيذ 71 بالمئة من مجمل الخطة ، من خلال تنفيذ 17 إجراء من أصل 24 موزعة على المؤسسات و الجهات المعنية بتنفيذ بنود الخطة ، و تعتبر هذه النسبة مؤشر على التقدم المحرز في مستوى الإنجاز .
و بفضل هذه الاجراءت المتخذة لم تزل الفرصة قائمة امام االاردن للخروج من هذه اللأئحة الرمادية و تجنب الوقوع ضمن القائمة السوداء .
وفي ذات السياق لا بد من إتخاذ بعض من الخطوات لمعالجة القصور الحاصل ، فكما هو معروف معظم عمليات غسل الاموال تتم من خلال الدفع النقدي المباشر ، فكلما تم التقليل من التعاملات المالية المباشرة لصالح التعاملات الالكترونية ، كلما كانت عملية مراقبة و معرفة مصادر الاموال اكثر دقة ، كذلك السير بتفعيل قانون ( من أين لك هذا ) للتحقق من مدى توفر مشروعية هذه الاموال في ارصدة بعض السياسين و التأكد من عدم وجود شبهات فساد لمصدر هذه الأموال و التحقيق مع اصحابها و اجراء محاكمتهم وفق احكام القانون .
فخروج الأردن من اللائحة الرمادية يكفل زيادة ثقة المستثمرين الأجانب في الاستثمار داخل المملكة بالإضافة الى تعزيز القوة التفاوضية للاردن لدى صندوق النقد الدولي ، و هذا يتطلب مزيد من الإجراءات التشريعية و المالية و النقدية في هذا المجال .