خمسة واربعون سنة حكمة لا تلغي الصرامة.

✍️ ثريا بن رحو

ذكرى المسيرة الخضراء روحانيات وطنية يعيشها المغاربة بكل ففخر واعتزاز من طنجة الى لگويرة .

ملحمة وطنية تربط الشعب في كل سنة منذ انطلاقها يوم  6 نوفمبر سنة 1975 من أجل استرجاع الأراضي الصحراوية المغربية وإنهاء الاستعمار الإسباني ،حدث تاريخي حققه الشعب المغربي  بالنصر والتمكين والإرادة الوطنية تحت قيادة جلالة الملك الحسن الثاني رحمه  الله وطيب ثراه .نصر على الاستعمار الغاشم الذي سيطر على الجنوب المغربي لعقود عدة ثلاثة ارباع قرن من الزمن تحت الاحتلال المرير للأقاليم الجنوبية .

 عبر هذه الملحمة السلمية التي مكنت المغرب من تحقيق و استكمال الجزء الاكبر من وحدته الترابية مسيرة ضمت ثلاثمأئة وخمسون الف شخص لبوا نداء الوطن ليكونوا رمزا للتضحية وللروح الوطنية، بعد أن اثبتت المحكمة الدولية بلاهاي بحق المغرب في صحرائه مؤكدة على وجود روابط قانونية تاريخية وروابط البيعة المتجذرة كانت دائما قائمة بين العرش المغربي وابناء الصحراء المغربية.لذا جاءت المسيرة الخضراء السلمية لتضع حدا فاصلا لمنطق الحرب والنزاع وأسلوب المغامرة ونبذ العنف واللجوء الى الحوار والحل السلمي لتجنب الصراع والمنطقة كافة من حروب مدمرة .

ضمت  المسيرة الخضراء 350 الف مشارك من الرجال والنساء ومشاركة قيمة من وفود من بلدان شقيقة  مثل العربية السعودية، والأردن، وقطر، والإمارات، وسلطنة عمان، والسودان، والغابون والسنغال، والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي. وكان اختيار الملك الحسن الثاني لعدد المشاركين المغاربة يساوي عدد الولادات بالمغرب في تلك الفترة. التي قادتهم في مسيرة سلمية سلاحها القرآن كتاب الله مرفوعا بأيديهم آملين اللقاء بإخوانهم المغاربة الذين يسألونهم الرحم مسيرةخضراء سلمية انطلقت يوم الخميس 3 ذو القعدة 1395 (6 نوفمبر 1975) نحو الأراضي الصحراوية المغربية بهدف استرجاعها وإنهاء الاستعمار الإسباني بروح عالية ومعنويات مرتفعة بعد الخطاب التاريخي للمغفور له الملك الحسن الثاني مناديا فيه جميع المغاربة للمشاركة في عناق الجزء الغالي من وحدة المغرب الترابية قائلا :(غدا ان شاء الله ستخترق الحدود غدا إن شاء الله ستنطلق المسيرة الخضراء ،غدا إن شاء الله ستطأون طرفا من اراضيكم  وستلمسون رملا من رمالكم ويتقبلون ثرى وطنكم العزيز ) .جاءت المسيرة الخضراء بمنطق بديلا للحرب حرصا من جلالة المغفور له الحسن في قيادة مسيرة سلمية بعد إثبات قانوني وتاريخي قدمه المغرب أمام محكمة العدل  الدولية وبثها فيه وإصدار حكم وحق الشرعية للمغرب في ضم أراضيه الجنوبية    وذلك باعتياد شيوخ القبائل تقديم البيعة لـ “سلاطين المغرب” وإعلان ولائهم لهم منذ قرون مضت هذا الى جانب الروابط الجغرافية والتجارية بين القبائل وأرض المغرب (التي عُرفت بالمخزن).أما من الجانب القانوني فان توقيع المعاهدات الدولية فيما يتعلق بامور الصحراء بين المغرب والدول الأوربية يؤكد مغربية الصحراء ومن الناحية الإدارية فقد تم تعيين قضاة وقواد بظهائر ملكية وحتى من وجهة نظر اقتصادية واجتماعية فان القبائل الصحراوية شاركوا من خلال الأجيال المتعاقبةفي خلق تنوع اكسب المغرب تجانسا مميزا .وقد حرص ولاة وخلفاء السلاطين المغاربة على الصحراء والجنوب المغربي، على بناء الطرقات وحمايتها من قطاع الطرق، بالإضافة إلى أخذ البيعة وجمع الزكاة وتحصيل الضرائب، وحفر الآباروبناء المساجد والزوايا وغيرها من المهام، والتي تحفظ ارتباط الدولة المغربية بصحرائها وارتباط المغرب بافريقيا، والتي كانت تجمع بينهما مصالح اقتصادية كبرى عبر القوافل التجارية والعلاقات الدبلوماسية العميقة  فكانت الصحراء المغربية هي جسر الوصل بين شمال القارة الافريقية ( المغرب الدولة المركزية) ومملكة السودان وباقي جنوب القارة.

 

ومن خلال  هذا السرد التاريخي هو أن القبائل الصحراوية والجنوبي المغربي بصحرائه إلى نهر السينغال كانوا  في تواصل دائم وتفاعل مستمر مع الدولة المغربية سياسيا واقتصاديا ودينيا واجتماعيا وثقافيا ووجدانيا.

كما ان الجانب التاريخي يؤرخ كذلك لأول  مملكة مغربية تأسست في عهد الاسلام وهي دولة الإدارسة عاصمتها فاس مضى على تأسيسها اليوم ثلاثة عشرة قرنا والصحراء المغربية آنذاك كانت ساكنة وأرضا مندمجة في هذه الدولة الكبيرة بعملتها ولغتها وبمدارسها الدينية وشيوخها وزعماء قبائلها الذين كانوا مندمجين تماما في هذا المحيط المغاربي فقبائل صنهاجة بأفرادها مثلا كانت تسكن في الجنوب وقبائل جدولة في الشمال ،تفرق بينهما الساقية الحمراء ومن المعلوم أن جدولة وصنهاجة من القبائل المغربية الا صيلة .سيادة المغرب ايضا كانت تمتد بعد سقوط الأندلس من طنجة الى نهر السنغال .


عمل المغرب على تقديم الحكم الذاتي بعد  النزاع المفتعل الذي تبنته 

البوليساريو كحركة انفصالية مدعمة من عدة جهات غرضها المساس بالوحدة المغربية وكذلك بسسب التعقيد التي نسجت خيوطه الأطماع الغربية وواقع الاحتلال وتخلي الدولة الاسلامية عن بعض الواجبات الشرعية إضطر المغرب لاقتراح مشروع الحكم الذاتي باعتباره حلا سياسيا توافقيا لمشكل الصحراء في اطار الجهوية الموسعة وينص مفهوم الحكم الذاتي على تفويض السلطة الى سكان الإقليم ظمن اطار السيادة المغربية، ومعناه ان يسير السكان شؤونهم المحلية الخاصة مع الضمانات الكافية وبدون إخلال الامتيازات السياسية المملكة المغربية وسيادتها الإقليمية ووحدتها الترابية . وكل ما يأخذ بجانب من الرشد والعقلانية من طرف المغرب لا يعني ذلك ضُعفا ولا خوفا، بل يمكن أن يلجأ إلى كلّ ما من شأنه أن يعيد الأمور إلى نصابها، في حالة تغيير الوقائع على الأرض.


وعلى هذاه الحقائق التاريخية والعزيمة المتوقدة لدى كل المغاربة كيفما يكلفهم الامر  سيظل شعار المغاربة الخالد عن صحرائهم “المغرب في صحرائه والصحراء في مغربها الى أن يرث الله الارض ومن عليها “

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى