حكم قضائي يقضي على النخبة وأطباءه

+ صفوان ردمان

كنا ولا نزال نعتبر أن تكرار الأخطاء الطبية في مستشفياتنا العامة والخاصة كارثة حقيقية تدفعنا إلى التفكير الف مرة قبل أن نلجئ إلى الطبيب ونجبر تحت وطأة المرض إلى وضع عزيز علينا تحت رحمة أطباء يخطئون أكثر مما يصيبون ونكون بذلك كالمستجير من الرمضاء بالنار .. ولهول ما نراه ونسمعه عن أخطاء طبية أن لم تقتل المريض فأنها تتسبب في معاناته ما تبقى من أيام حياته فنحاول البحث عن طبيب متمكن ذو خبرة وكفاءة وعن مستشفى به التجهيزات اللازمة ونسقط من حساباتنا التكاليف المالية المرتفعة التي نجهد أنفسنا في توفيرها لأن حياة مريضنا وسلامته اهم من المال .

ونعتبر أيضاً أن تفاقم الأخطاء الطبية هو نتاج لعدم وجود حساب وعقاب وقانون يردع الأطباء المستهترين بحياة المرضى ويجعلهم أكثر حرصاً على تلافي أي خطا طبي مهما كان بسيطاً لأنهم يدركون أن حياتهم المهنية على المحك وأن المرضى ليسوا فئران تجارب ,, وأن القضاء والقدر لا يجب أن يبقى شماعة نعلق عليها اهمال الأطباء واستهتارهم وعبثهم بحياة مرضاهم .

وطالما أكدنا أن دور نقابة الأطباء ليس الدفاع على الأطباء وتبرير أخطائهم والتستر على جرائمهم بقدر ما هو دور رقابي على زملاء المهنة للحفاظ على قيمها واخلاقياتها وقدسيتها وعليها أن تتخذ أيضاً اجراءات عقابية ضد من ثبت تسيبه وأساءته لقدسية مهنته وتعريض حياة مرضاه للخطر .

ونرى أن لجوء ضحايا الأخطاء الطبية أو ذويهم إلى القضاء ظاهرة ايجابية ودليل وعي مجتمعي بعدم السكوت عن الأخطاء التي يرتكبها الأطباء متى ما ثبت ذلك فعلاً .

اما أن يتحول القضاء إلى وسيلة لتصفية حسابات شخصية مع الأطباء وابتزاز للمستشفيات فهذا غير مقبول فالقانون والقضاء وسيلة لتحقيق العدل والانصاف وليس لشيء أخر .

والحقيقة أن ما دفعني للكتابة في هذا الشأن ما تضمنه الحكم الصادر بحق مستشفى النخبة وعدد من الأطباء العاملين فيه والذي ظهر متحاملاً وغير منطقي  بشكل يجعلنا نشعر أن القاضي لديه خصومة شخصية مع الأطباء والمستشفى أكثر مما هو انصاف للمريض الذي قيل أنه تعرض لخطا طبي ادى إلى اصابته بالشلل ويظهر ذلك من خلال العقوبات التي أوقعها القاضي بالأطباء والمستشفى وشملت الحبس سنة مع وقف التنفيذ و تغريم الأطباء مبلغ 14مليون 400 الف ريال دية خطأ .. كما تضمن الحكم دفع تكاليف العلاج والمحامي وجلسات التقضي كاملة ودفع المدانين مع المستشفى مبلغ 200 مليون ريال أضافة إلى حرمان الأطباء من اجراء العمليات الجراحية أو الاستمرار فيها وعدم منحهم التراخيص بأجرائها وتعميم ذلك على المجلس الطبي والمستشفيات والمنشآت الطبية ووضع تعميم بهذا الخصوص في أماكن بارزة .

ولست أدري ما هي المرجعيات القانونية التي استند اليها القاضي في توقيع هذه العقوبات .. فالأطباء مشهود لهم بالكفاءة وأجروا أكثر من 4000 عملية ناجحة من هذا النوع ..كما أن  المجلس الطبي نفى وجود خطأ طبي ..والمعروف أن  دية القتل الخطأ بنص القانون مليون و400الف ريال .. والأهم أن المريض تم تسفيره إلى الهند للعلاج على حساب المستشفى ولازال على قيد الحياة .ومع ذلك لم يطلب القاضي تقريراً من المستشفى الذي يعالج فيه المريض يوضح السبب وراء حالته الصحية . كل هذا يؤكد أن القاضي حكم بعاطفته وبما في نفسه وليس بموجب القانون وأن الحكم قضى على مستشفى النخبة وأطباءه ولم يقاضيهم .   

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى