حرب غزة-لماذا إسرائيل تريد تصديرها شمالا؟

أ د /  دحان النجار

المتابع للحرب في غزة والأهداف التي وضعها ناتانياهو في البداية وهي تفكيك حماس والقضاء عليها وضمان ان لا تشكل غزة تهديد امني لإسرائيل مستقبلا وهذه الاهداف الظاهره اما الخفية منها هي ترحيل سكان غزه إلى دول الجوار والعالم واعادة السيطرة عليها وعلى مياهها الإقليمية وما تحتويه من ثروات طبيعية واهمها الغاز وكذلك تامين خط تجاري دولي بري او بحري يجعل من إسرائيل مركز تصدير واعادة تصدير دولي مهم في كل ما يحمله من مزايا اقتصادية وتحكم سياسي باقتصاديات المنطقة وبالذات اضعاف دور قناة السويس وهيمنة مصر على ذلك الممر الدولي الهام .

إسرائيل تعودة على الحروب الخاطفة والمدمرة ضد جيوش نظامية عجزت عن مواجهة جيشها صاحب اكبر وأحدث ترسانة حربية في المنطقة بل ومن أكبرها في العالم.
حرب غزة تدور رحاها مع جيش غير نضامي يحترف حرب العصابات ويتحصن تحت الارض ويحمل عقيده جهادية تجعل من مقاتليه مشاريع شهادة اختيارية ينشدها المقاتل وجها لوجه مع الجنود الاسرائيليين الذين تعودوا على انها الحروب الخاطفة والعودة السريعة إلى أحبائهم للاحتفال بالنصر والاستمتاع بمكاسبه في حانات وبارات تل ابيب وحيفا ومنتجعات اوروبا وأمريكا. حرب غزة من نوع خاص أذلت الجندي الاسرائيلي الذي فرضت عليه التخندق لأشهر في ساحات القتال قبل عودته إلى محبيه وخلانه للاحتفال وقضى الاوقات الممتعة ، وأسرع من يعود هم الجرحى والقتلى الذين هم بحاجة إلى مصحات نفسية وبدنية ومقابر شهداء تنثر عليها الورود وتدوي فيها اهات ونواح الأمهات والأطفال والحبيبات. الحرب في غزة طالت وثمنها باهض وفي حالة وقفها او انكسارها تخشى حكومة نتانياهو السقوط بل والمحاكمة نتيجة لإخفاقات وعدم تحقيق هدفها النهائي باستئصال حماس والتصرف بشؤون غزة، وعليه هذه الحكومة بدأت تبحث عن نصر آخر ولو في جغرافيا اخرى من اجل تعزيز موقفها الداخلي وكذلك استغلال الفرصة في الوجود الأمريكي العسكري الكبير الداعم لإسرائيل في تحقيق هدف استراتيجي على سواعد الجنود الأمريكيين والياتهم العسكرية المتطورة وهذا الهدف هو الجنوب اللبناني.
نتانياهو يريد ايضا خلط الأوراق في المنطقة بتفجير جبهة الشمال بحجة ايجاد منطقة آمنة في الجنوب اللبناني حتى نهر الليطاني مستندا إلى قرار اممي سابق برقم ( ١٧٠١) ويريد ايضا تعطيل المفاوضات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة الأمريكية وايران حول استئناف الاتفاق النووي من اجل تعطيله بل ودفع الولايات المتحدة الى توجية ضربه عسكرية لايران تشل من قدرتها العسكرية الإقليمية واخراجها من المعادلة كي تصبح إسرائيل آمنة وتقود المنطقة حسب أهوائها .
ايضا حرب غزة أعطت القضية الفلسطينية حقها الإعلامي دوليا بانها قضية شعب محتل وليست خلاف عربي اسرائيلي عام واصبحت الشعوب الاوروبية والأمريكية تعي هذه الحقيقة وتتعاطف قطاعات منها مع الفلسطينيين وهو الامر الذي تخشاه إسرائيل وتحاول خلق جبهة حرب اخرى تاخذ طابع اقليمي تحرف أنظار الرأي العام الغربي عن حقيقة القضية الفلسطينية كقضية احتلال يجب ان ينتهي .
الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بجانبها على مايبدو لا تريد ان تخوض هذا الصراع الإقليمي بشكل مباشر حاليا ولذلك تعمل على تهدئة الموقف في الجنوب اللبناني والمنطقة بشكل عام حتى اشعار آخر. الصعوبات التي واجهتها الولايات المتحدة وبريطانيا في تشكيل تحالف دولي عسكري في البحر الأحمر ورفض الدول العربية الانخراط فيه عدى دولة البحرين الغير مؤثرة في الاحداث كان مؤشر على التململ في المنطقة والاستياء من الدعم الأمريكي الغير محدود لإسرائيل وان الاحداث في حال انفجار الموقف اقليميا قد تخرج عن السيطره وتضعف الوجود الأمريكي في المنطقة عسكريا وسياسيا واقتصاديا.
هل سينجح نتانياهو وحكومته في تفجير جبهة الشمال والإقليم وكما يقول المثل عليا وعلى اعدائي ؟ الجواب ممكن لكن الاحتمال الأكبر لا يمكن ذلك حاليا وخاصة قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية . توجيه ضربات وقائية هنا وهناك يظل احتمال كبير وشبه مؤكد وبصمود غزه في الايام القادمة او تراجعها سوف تتحدد كثير من الاحداث الإقليمية.
د. دحان النجار ولاية ميشجان
٧ يناير ٢٠٢٤م

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى