حرب إسرائيل على غزة – ماوراء عرقلة نتانياهو لصفقة التبادل!

أ د / دحان النجار
مخاض عسير تسير فيه عملية المفاوضات بين حماس واسرائيل بالرغم من الجهود المبذوله من قبل الوسطاء الولايات المتحدة الأمريكية ومصر وقطر. في كل مرة يصل الوسطاء فيها الى تفاهمات مع حماس يضع نتانياهو عراقيل اخرى امام انجاح الصفقة . من البديهي ان يكون سقف كل طرف مرتفع منذو البداية لكنه يتم ململة الطرفين من اجل تقديم تنازلات تسمح ونجاح الصفقة.
حماس ورقتها الاقوى من اجل وقف دائم لاطلاق النار هي ورقة الاسرى ونتانياهو يريد سحب هذه الورقة منها دون التزامات بوقف دائم لاطلاق النار بل اصبح خائف ومعرقل لوقف اطلاق النار المؤقت المتفق عليه في المرحلة الاولى من تنفيذ خطة الصفقة.
ويمكن الإشارة الى اهم الاسباب التي تدفع نتانياهو إلى عرقلة نجاح الصفقة ووقف اطلاق النار :
١.كان نتانياهو على امل انه بوصول جيشه إلى رفح سيكون بامكانه استعادة الاسرى لدى حماس لانه كان مقتنع انه تم تحريكهم من شمال ووسط القطاع إلى هناك حيثما لم يصل جيشه برا بعد لكن بعد كل الضربات التي وجهها لبنية المقاومة في رفح واحتلاله لها ولمحور فلاديلفيا او صلاح الدين الفاصل بين مصر وغزه حيث يامل بقطع الطريق على حماس في تهريب الأسرى وتهريب الأسلحة ويأمل بالإمساك بقادة المقاومة ومن أبرزهم يحي السنوار ومحمد ظيف الله وغير هم لم يسجل غير الاخفاق . نتانياهو يرى انه باستمرار البقاء هناك ومواصلة المداهمات قد يحقق هدف استعادة الاسرى او بعض منهم او اعتقال او قتل قادة المقاومة او بعضهم بحيث يكون قد حقق نصرا يعزز موقفه الذي أعلنه منذ بداية الحرب وهو القضاء على حماس. لا زال على امل انه بتشديد الضغط العسكري وإطالة امد المعركة والفتك بالفلسطينيين المدنيين سوف يحقق ولو جزء من اهدافه .المتشددون في حكومته وفي المجتمع يعتقدون بان استمرار المعركة وقتل وتجويع وتعطيش الفلسطينيين سيحقق هدف قريب وهو الاستسلام او دفع أثمان باهضة في الأرواح والممتلكات والمساكن والبنية التحتية كي لا يتم التفكير في اي مواجهه مستقبلية مشابهه لما حصل في سبعة اكتوبر من العام الماضي وجعل القطاع ارض غير صالحة للحياة وفرض التهجير بحكم الضرورة .
٢.ومن ضمن اهدافه في المماطلة انه حتى وقف اطلاق النار المؤقت لمدة ستة اسابيع سيفتح عليه ابواب جهنم داخليا بحيث قد تكون هذه الفترة كافية لانهيار الإتلاف الحاكم المتشدد والدعوة لبدء محاسبة حكومته بسبب إخفاقاتها والمطالبة الشعبيه بانتخابات مبكره وهذا ما يخشاه ويريد استمرار الحرب حتى يتولد وضع جديد قد يكون لصالحه.
٢.نتانياهو لا يريد ان يهدي الرئيس الأمريكي الحالي بايدن انتصار معنوي في تحقيق الصفقة قد يفيده في الانتخابات الرئاسية القادمة . نتانياهو اعلن ميوله للمرشح الرئاسي الجمهوري دونالد ترامب .
٣.ايضا حكومة نتانياهو تريد من اطالة المعركة الاستمرار في تقويض السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية ومضاعفة الاستيطان على طريق القضاء على اي مقومات لقيام الدولة الفلسطينية المستقلة .
٤.في استمرار التوتر في المنطقة يامل نتانياهو بان نطاق المعركة سوف يتسع إلى مناطق اخرى وتدخل في افق جديد قد يدفع بالولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها للتدخل عسكريا وضرب فصائل محور المقاومة وربما توجيه ضربه عسكرية لايران وهنا يكون الثقل العسكري قد رُفع عن كاهل الجيش الاسرائيلي وينتقل الرأي العام الاسرائيلي المناهض لنتنياهو إلى مستوى آخر من التفاعل مع الوضع .
٥.عدم القبول بالصفقة ووقف إطلاق النار سيقود إلى اتساع نطاق المعركة واشتراك قوى محور المقاومة فيها بشكل اكبر وأعمق وسيقود الى رفع بعض من الحرج عن إسرائيل المحاصرة اخلاقيا من قبل المجتمع الدولي والمنظمات الانسانية بسبب افعالها الإبادة الجماعيه في غزه ويظهرها بمظهر المُحاط بقوى عدوانية تريد القضاء عليها وجوديا وان تصرفاتها في غزه المدانة هي جزء من معركة الوجود .
لكن في المقابل غطرسة نتانياهو قد تجر إسرائيل إلى المزيد من الخسارة عسكريا ومعنويا وخاصة ان محور المقاومة لازال يُصعد وبكل وضوح يقول بان التهدئة ووقف مهاجمة إسرائيل ومصالحها من قبل فصائله مرتبطه بالتهدئة ووقف إطلاق النار في قطاع غزه والولايات المتحدة على وشك الانتخابات الرئاسية بحاجة الى وضع مستقر نسبيا . مهاجمة الحوثيين اليوم لمدينة تلابيب او يافا كما كانت تُسمى قد نقلت الصراع الى مستوى اكثر خطوره وسوف يفسد فرحة نتانياهو بانتصاره برفض صفقة التبادل التي يريد ان يُفاخر بها عند زيارته المرتقبة للولايات المتحده الأمريكية.
على ضؤ خسائر الجيش الاسرائيلي المؤلمه في قطاع غزه يبدو انه لن يكون جاهز لاي معركة اقليمية اخرى يكون فيها الزحف البري عنصر اساسي وسوف يستمر في الضربات الجويه في جنوب لبنان وفي كل لبنان وسوريا تستهدف قادة المقاومة وإمكانياتها وقد تمتد الضربات إلى اليمن والعراق وربما تلجاء اسرائيل إلى التهديد بسلاح الردع النووي إذا استمر حلف المقاومة في التصعيد وتلكؤ الولايات المتحدة الأمريكية في الدخول مباشره في المعركة . الوضع يسخن كل يوم اكثر واكثر وكل الاحتمالات مفتوحه ويشكل الوضع القائم تهديد فعلي للأمن والسلام الدوليين ونسال من الله السلامة لكل شعوب المنطقة.
د. دحان النجار ميشجان ١٩ يوليو ٢٠٢٤م.