تعز من الثقافة والمدنية إلى الفوضى والهمجية

كتب خالد عبدالله الصوفي

كنا ولسنوات طوال نتغنى بثقافتنا نحن أبناء تعز ونبني على مدنيتنا آمال عريضة وكثيراً ما راهنا على سلميتنا وتقيدنا بالنظام والقانون والمواطنة المتساوية وعشقنا للحب والسلام ..ولهذا كنا نرفض أي تصرفات وسلوكيات يرتكبها البعض وتنطوي على شكل من أشكال الهمجية والعنف والكراهية والاستعلاء والاستخفاف بالنظام والتعدي على القانون ..ونرى في ذلك تشويه لمدنيتنا وإساءة لأخلاقنا وقيمنا وثقافتنا وسلميتنا وحلمنا بدولة المؤسسات

وكم تمنيننا أن يتولى الحكم والإدارة في تعز رجال من أبناءها دون سواهم ليكونوا قدوة حسنة ويضعوا مصلحة تعز ومواطنيها فوق كل المصالح ويقدموا نموذجاً فريداً في إدارة مؤسسات الدولة ومواردها ويضرب بهم المثل بالشفافية والنزاهة والتعايش واحترام النظام والقانون ..وسيكون المواطن البسيط واحتياجاته محور اهتمامهم وغاية عملهم ..فلا تمييز ولا انحياز ولا تواطؤ  وحده القانون يحكم الجميع ويحمي حقوقهم ويصون كرامتهم .

هكذا كنا ..ولفرط تفاؤلنا توهمنا أن تعز في كنف أبناءها ستكون هي المدينة الفاضلة التي تخيلها أفلاطون …وحين صار الأمر كما تمينا وأصبحت تعز بيد رجال من أبناءها الذين يتربعون على كل مفاصل السلطة ويديرون مؤسساتها الخدمية والأمنية والعسكرية أصبحت تعز تعيش أوضاعاً مأساوية في مختلف الجوانب ..وبات الفساد والانفلات الأمني وتدهور الخدمات سمة لهذه المرحلة لدرجة عجزت فيها السلطة المحلية عن رفع أكوام القمامة المكدسة في شوارع المدينة ..وظهرت أكثر عجزاً في كبحها جماح المسلحين الذين يجوبون شوارع المدينة وحوارييها وأسواقها ومدارسها وجامعاتها ليبتزوا المواطنين ويقاسموهم لقمة عيشهم ويقلقون سكينتهم ليل نهار .

كما ظهر أبناء تعز أكثر همجية وأكثر فساداً وأكثر بلطجية وفوضوية وأكثر تعدياً واستهتاراً بالنظام والقانون وأكثر انتهاكاً لحقوق المواطنين الذين أصبحوا طرائد وعرضة للنهب والسلب والقتل والاخفاء والتشرد حتى المنازل لم تسلم من النهب ..فلا قانون يحميهم ولا نظام ينتصر لهم ولا سلطة تدافع عنهم ولا قضاء يستجيرون به ولا امن ينقذهم من الظلم والفساد والبلطجة والإرهاب .

فأين ذهبت مدنيتنا وثقافتنا وسلميتنا ووعينا وتعايشنا ؟؟؟

وكيف أصبحت تعز مرتعاً لعصابات السطو والنهب والقتل والإرهاب وملاذاً أمناً للخارجين على القانون ؟؟؟

وكيف تحول من رفعوا شعار النظام والقانون والمواطنة المتساوية والنزاهة والكفاءة إلى أكثر من في الأرض تعدياً على النظام والقانون وأكثر انتهاكاً للحقوق والحريات ؟؟ وأبعد ما يكون عن النزاهة والكفاءة واصبح التقاسم الحزبي والعائلي هو المعيار الوحيد لشغل المناصب فلا مؤهلات ولا كفاءة ولا خبرة ولا هم يحزنون .

وضع مأساوي لا يمكن تصوره لدرجة جعلت المواطن البسيط بفضل الصمت حفاضاً على حياته ويرى أن السكوت عن حقوقه والتغاضي عن كل ما يتعرض له هو طوق النجاة وطريق الخلاص .. أما اللجوء للقضاء والجهات الأمنية فهذه مغامرة غير محسوبة العواقب وتنطوي على مخاطر لا يحمد عقباها ..

أما عن معاناة أبناء تعز في سفرهم وتنقلاتهم لم تعرها السلطة المحلية بالاً وذهبت تبرر ذلك بتبريرات سخيفة وأعذار واهية لا يصدقها جاهل ولا يقبلها عاقل .

وحقاً إن كان السفر قطعة من جهنم فإنه لأبناء تعز جهنم بكلها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى