المعلم اليمني من بناء العقول الى تربية العجول

كتبت | زهرة اللوتس ..خاص لعين اليمن ..

سقطت القيم والاخلاق التربوية التي تعلي من شأن المعلم وترفع من قدره في المجتمع تحت اقدام المتصارعين الذين داسوا على المبادئ وتنكروا لكل قيم وثقافة المجتمع اليمني تارتاً باسم الحزبية وتارتاً أخرى باسم المذهبية …كما افرغ التعليم من محتواه العلمي والتربوي والقيمي واصبح الذهاب إلى المدارس والجامعات مجرد روتين لدى معظم الطلاب الذين يذهبون مجبرين لا مختارين.  كما اصبحت مقولة من علمني حرفا صرت له عبدا ..وكاد المعلم أن يكون رسولا .. عبارات بالية لا مكان لها في قاموس جيل الربيع العربي وشباب السوشيال ميديا , بعد أن فقد المعلم هيبته ومكانته في نفوس طلابه وفقد احترامه في مجتمعه وتحول من باني عقول إلى مربي عجول أدمية اذا جاز لي التعبير . عجول أدمية تنطح وترفس كل من يقف أمامها دون أي اعتبارات أو قيود .

عوامل عديدة ساهمت في هذا الانحطاط القيمي والاخلاقي وتحول المعلم في نظر طلابه ليس أكثر من اجير يتقاضى مقابل عمله ولا يحق له أن يتدخل بسلوكهم وتصرفاتهم او حتى مجرد توجيه انتقاد لهم من باب النصح والارشاد .. والا لاقى ما لا يرضيه من اهانات وتعنيف يصل حد الضرب المبرح , فلا قانون يحميه ولا مجتمع ينتصر له .

من هذه العوامل المعلم نفسه الذي حط من قيمته بدءا من مشاركته بظاهرة الغش وصولا إلى قبوله ترفيع الطلاب الراسبين بما يسمى النجاح الالزامي , وانتهاءً بطريقة تعامله مع طلابه وكثر المزح الذي وصل حد الاستخفاف به وبمكانته وهيبته , فلم يعد هناك أي حواجز لدرجة أن يطلب طالب من معلمه أن يعطيه سيجارة والعكس .. اضف الى ذلك الحالة الرثة لمعظم المعلمين وعدم اهتمامهم بمظهرهم الخارجي يحط من قدرهم لدى الأخرين , وقبل هذا وذاك المستوى التعليمي والثقافي لدى الكثيرين منهم .

وهو ما جعل النجاح والانتقال من مرحلة إلى أخرى هو الهدف الأول والأخير وهذا هدف يسهل تحقيقه بطرق عديدة منها رشوة المعلم والمدير ولا يعتمد على التحصيل العلمي والمثابرة والجد والاجتهاد , ولا علاقة له بكفاءة المعلم وقدراته وانضباط وحزم الإدارة كما كان من قبل ..المهم في نهاية المطاف الحصول على شهادة تمكنه من الوصول للجامعة ومن بعدها وظيفة بفهلوته وماله وليس بعلمه وكفاءته , ولهذا يسعى المعلم اليوم جاهدا كي يرضي طلابه قبل ضميره… والكارثة العظمى حين تكون الدولة شريك في انهيار العملية التعليمة في مختلف المراحل وغير مكترثة للنتائج المترتبة على هذا التدمير الممنهج للعملية التعليمة , فإهمال المعلم وعدم الاهتمام والانتصار لقضاياه ادى إلى اضعاف موقفة ووصوله إلى هذا الوضع المزري , كما أن تغييب دور إدارة التوجيه وغياب الموجه صاحب الخبرة والكفاءة كان له الدور الأكبر في تدني المستوى التعليمي والإداري .

فالأمية المتعلمة يا سادة  يا كرام أشد خطرا وأكثر ضررا على الأوطان والشعوب من الأمية الغير متعلمة , لأن المتعلم الأمي سيصبح طبيبا ومهندسا وقاضيا ومعلما وغير ذلك من المهن التي تتعلق بحياة الناس وارواحهم وعقولهم ,

فالمعلم هو حجر الزاوية في النهضة والتقدم والرقي ووراء كل نجاح في مختلف المجالات , فاذا صلح صلح شعب ونهض وطن واذا فسد فسد شعب وضاع وطن , وهذا ما استوعبته الدول الأخرى واغفلته العربية حيث يقبع المعلم في الدرك الأسفل في قائمة اهتماماتها.

وأقرب مثل على هذا العبث الذي يستهدف التعليم و مستقبل وطن ومصير شعب نتيجة الثانوية العامة القسم العلمي التي  اعلنتها حكومة الشرعية والتي هي فضيحة اخلاقية وتعليمة وتربوية بكل المقاييس .. 300 طالب وطالبة يحصلون على المركز الأول على مستوى الجمهورية وبدرجة 100% وليس هذا فقط كل هؤلاء من محافظة واحدة هي محافظة الضالع

نتيجة فاجأت حتى الطلاب انفسهم والمعلمين الذين اكدوا استغرابهم واندهاشهم لهذه النتيجة الأعجوبة .

حتى العبث والفساد والاستهتار والفوضى لها حدود ولا تصل الى هذا الحد من الاستخفاف بعقول شعب ومصير وطن . وأن كان هذا هو التوجه الحكومي فلا عجب أبدا أن تصبح المدارس حضائر لتربية العقول العجول الأدمية أقرب منها إلى مدارس للعلم وتربية النشء وبناء العقول المعول عليها تقدم الأوطان ورقي الشعوب وازدهارها .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى