العبث ب” النيل” لعب بالنار

كتب | راسل القرشي …

أتعجب كثيراً من مواقف وتناولات قناة “الجزيرة” والإخوان المسلمين لقضية سد النهضة الإثيوبي حيث يذهبون صوب التشفي بالسيسي وكأن نهر النيل يخصه هو والذي كما يقولون انقلب على مرسي رحمة الله عليه ورماه في السجن وقام بالتخلص منه..!!

النيل ليس ملكاً للسيسي ولا لآبي أحمد وإنما لكل الدول التي يمر بها هذا النهر الخالد .. ولأن المشكلة الماثلة حالياً ليست مع كل الدول التي يمر بها هذا النهر وإنما بين إثيوبيا والسودان ومصر..

إثيوبيا تريد أن تنتفع بمياه نهر النيل لتوليد الكهرباء وتوفير مياه الشرب النظيفة – كما تقول – وذلك من خلال بناء سد النهضة والتحكم بتوزيع المياه لدولتي السودان ومصر دون أن يكون هناك اتفاق عادل يرضي تلك الدولتين اللتين قد تتضرران كثيراًٍ من نقص إمدادات مياه النيل سواء في الشرب أو الزراعة أو الصناعة ..، فمصر مثلاً تعتمد على 90% من مياه نهر النيل في الزراعة والشرب والصناعة .. وأي نقص قد يؤدي إلى كارثة حقيقية تنعكس تلقائياً على حياة المصريين..

القضية ليست فرصة لاستهداف النظام المصري أو عبدالفتاح السيسي كما تنظر إليها “الجزيرة” وينظر إليها الإخوان المسلمون سواء أكانوا مصريين أو يمنيين أو غيرهم ، ولا يمكن النظر لمثل هذه القضايا الحساسة والحيوية والاستراتيجية للشعب المصري والشعوب العربية من هذه الزاوية الضيقة التي اوصلتنا إلى هذه الحالة المهترئة .. لهذا نحن لن ننجر خلف “الجزيرة” ولا الإخوان المسلمين بل علينا أن نفكر بعمق ونسأل أنفسنا ما أسباب إصرار إثيوبيا على ملء السد دون اتفاق؟! فهذه الدولة التاريخية في افريقيا أيضاً تهمنا ، ويهمنا أيضاً تنميتها وتطورها وازدهارها ، وما يربطنا بالشعب الإثيوبي لا يقل أهمية عما يربطنا بالشعب المصري ولكن لا نريد أن تشن إثيوبيا حرب مياه على مصر نيابة عن الآخرين..!!

القضية فيها حياة أو موت ، فالنيل هو مصر ولا حياة للمصريين بدون النيل.. بوروندي ورواندا وأوغندا وتنزانيا وكينيا والكونغو لماذا لم تفكر هذه الدول بالانتفاع من هذا النهر والتوجه صوب بناء سدود لها وتغطية احتياجاتها من الكهرباء ومياه الشرب..؟!

إن كان ثلثا مياه نهر النيل منبعهما الرئيسي النيل الأزرق الذي ينبع من بحيرة تانا في إثيوبيا فهذا لا يعطي لإثيوبيا الحق في التوجه صوب بدء ملء السد دون اتفاق بينها والسودان ومصر ، ومن ثم التحكم بمياه النيل والإضرار بالسودان ومصر اللتين يمر عبرهما قبل أن يصب في البحر الأبيض المتوسط.. منذ آلاف السنين وهذا النهر يمثل لكل دول المصب حياة وهو نهر سيادي لجميعها ولا يمكن لأي دولة ان تفرض سيادتها عليه دون الآخرين أو الإضرار بالآخرين ِ.. هذه قضية محسومة ولا ينبغي الاختلاف حولها ..

كما أن دول المصب ليس من حقها أن تمنع أي دولة من الاستفادة من نهر النيل ولكن بطريقة لا تشكل أي ضرر على الآخرين.. من حق إثيوبيا ان تستفيد من نهر النيل ولكن وكما قلت سابقاً بما لا يضر بالدول الأخرى المستفيدة منه.. إثيوبيا تعرف أن مصر هي هبة النيل وأن أي نقص في مياه هذا النهر سوف يلحق ضرراً فادحاً بشعبها، وإصرار إثيوبيا على ملء السد دون اتفاق معها يعني أنها مبيتة شيئاً لمصلحة طرف ثالث ، ولنكن واضحين أن هذا الطرف الثالث هو دولة كيان العدو الصهيوني لأن إثيوبيا ليست مستفيدة مما تقوم به ، وكما يقال إذا أردت ان تعرف خلفيات هذه القضية فعليك أن تعرف من المستفيد وإذا عرف السبب بطل العجب.. ما قامت به وتقوم به مصر وإثيوبيا ليس في مصلحة شعبيهما وكلا النظامين يدرك هذه الحقيقة .. السيسي يريد البقاء في السلطة بأي ثمن لهذا اكتفى باتفاق المبادئ بيمين آبي أحمد، وبقدر ما يثير ذلك السخرية إلا إنه يكشف لنا حقيقة واقع الحال الذي وصلت إليه مصر العظيمة في ظل الحكام الأقزام .. وكذلك إثيوبيا نراها تلعب بالنار من خلال آبي أحمد الذي يدرك أن الشعب الإثيوبي لا يحتاج إلى مياه تحجز نهراً بكامله تحت ذريعة الكهرباء..

ولهذا نحيل المسألة للشعبين المصري والإثيوبي اللذين عليهما مراجعة حساباتهما وقراءة علاقتهما التاريخية برؤية جامعة مستقبلية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى