الديوك الأقوياء.. و”ديك اليهودي”.. الهزيل


✍️ عبدالله حموده

بطبيعة الحال.. ليس كل ما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي سيئا، كما أنه – كله أيضا – ليس جيدا، ولذلك.. علينا تبني الانتقاء بين ما تقع عليه العين، والتمعن فيما يستحق الاهتمام. ومن ذلك القصة التالية.. التي تلقيتها دون تحديد للمصدر، أو اسم الكاتب. لكن – باستعمال نهج القياس تحليل المضمون – يتضح أنها تتضمن عبرة ذات قيمة؛ تتماشى مع كثير تعلمناه، ويتفق مع المنطق. تقول القصة..

“يُحكى أن أحد ملوك فرنسا.. بلغه أن حاخاماً يهودياً يقول: إن اليهود سيحكمون العالم.

فاستدعاه الملك. وقال له: أنتم مستضعفون في الأرض، ومتفرقون في البلاد، فكيف تحكمون العالم؟ هات برهانك.

أجابه الحاخام: لو سمح لي جلالة الملك، أن أطلب من الوزراء والأمراء في مملكتكم.. أن يحضّروا لمصارعة ديوك، وأنا بدوري سأحضر ديكي.. وسأغلبهم جميعاً.

تعجب الملك من هذه الثقة.. التي يتكلم بها الحاخام اليهودي، لكنه أراد أن يصل معه الى النهاية، وصار متشوقاً.. ليرى كيف أن اليهود سيحكمون العالم.

استجاب الملك لطلب الحاخام، وأمر جميع الوزراء والأمراء.. أن يحضّر كل واحد منهم ديكاً قوياً، إلى حلبة مصارعة الديوك.. لتتصارع الديكة، ويتثبت من كلام الحاخام وادعائه.

… بعد ثلاثة أيام.. انعقدت الحلبة، وجاء الوزراء والأمراء بديوكهم، وجاء الحاخام اليهودي – بدوره – مصحوباً بديك هزيل.. ضعيف.. وأدخله الحلبة مع باقي الديوك، وبدأت المصارعة بين الديوك الأقوياء، الا انَّ ديك الحاخام اختبأ.. وظل بعيداً عن الصراع؛ تاركاً الديوك القوية تتقاتل.. وتتصارع مع بعضها البعض، حتى تغلب ديك واحد على جميع الديوك الأخرى.. الموجودة في الحلبة.

وقف ذلك الديك منتصراً.. متبختراً على أرض الحلبة، وقد أنهك الصراع جسمه.. والدماء تتقطّر منه.

… فجأة.. خرج ديك الحاخام اليهودي – الهزيل الضعيف – واقترب من الديك المنتصر المنهك؛ فقفز على رأسه.. ونقره نقرة قوية.. أدت إلى مقتله.

انتصر ديك الحاخام.. الهزيل، ووقف اليهودي امام الملك.. قائلاً له: أرأيت كيف سنحكم العالم؟”

لم يكتف موزع القصة على وسائل التواصل الاجتماعي، بنشر القصة، وترك المجال مفتوحا أمام القارئ.. للتمعن في مغزى مضمونها، وإنما عقب عليها بما يلي:

“هذا واقعنا، في أمتنا العربية.. وفي كل وطن من أوطاننا؛ واقع مرير.. نصنعه بأيدينا، فينتصر علينا الآخرون.

نقاتل بعضنا البعض.. حتى يأتي من ينقضُّ علينا.. ويقاتلنا، ويكون النصر من نصيب هذا العدو.. وإن كان هزيلا، أو أن النصر لا يكلفه ولا يكلفه الكثير.

نقاتل أنفسنا بذاتنا؛ بطوائفنا وتعنّتنا.. وتفرُّقنا.. وكراهيتنا بعضنا البعض.

… جهلنا يقتلنا!

لم نتعلم من تجارب الماضي.. ومن الحروب الأليمة التي حلّت بنا، نحن الديوك القوية؛ فالأقوياء ليسوا على بعضهم البعض فقط، ندمر ذاتنا، ونخرب مؤسساتنا وبنياننا.

فمتى نستفيق من سباتنا؟”

وهنا تجدر الإشارة إلى أننا – أيضا – نستدعي الآخرين لحمايتنا من بعضنا.. أو للتوسط بيننا، ونحكمهم فينا؛ وندفع لهم ما يطلبون لقاء “خدماتهم”. حتى وإن كانوا لا تهمهم مصالحنا – ونحن نعرف ذلك – لكننا نتغاضى.. ونتجاهل، حتى وقعنا في براثن “القرد الذي يقسم الجبن”.

هذه قصة أخرى.. من تراثنا.. أما القرد في واقع حالنا، فلا يخفى على القارئ اللبيب.. ودمتم بخير إن شاء الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى