الحوثي وإيران يضربون بينما اليمنيون والسعوديون يتأقلمون

والآن دور تجارة الاستيراد وتصدير النفط
“عبدالقادر الجنيد ”
***
أولا: مقدمة : لقد فقدنا الدهشة
**
كلنا قرأنا قصة الملك العاري الذي يتبختر بين الحاشية كاشفا عورته وفتحاته وأعضائه.
كان قد نصب عليه محتالان بأنهما يستطيعان أن يحيكان له ملابس فاخرة من أروع الأقمشة التي يراها فقط الأذكياء الأكفاء بينما يعجز عن ذلك الأغبياء فينفضحون.
ضحك النصابان على الملك بأنه سيتمكن بهذا من كشف عديمي الذكاء والكفاءة والموهبة بين حاشيته ومستشاريه.
بعد شهر من الغياب، طلب المحتالان من الملك أن يتعرى ليلبساه اللا شيئ الذي بين أيديهما.
الملك خاف من أن يظنه القادة والمستشارين والحاشية بأنه غبي فتظاهر بارتداء الملابس وكان يروح ويجيئ عاريا متباهيا ومختالا ويراقب من الذي سينبهه أو يعترض عليه.
لم يعترض أي أحد خوفا من تهمة الغباء ولكنهم زادوا بالإعجاب بهذه الملابس المطرزة الغير مرئية وبالغوا بالمديح لهذا الملك المتألق بهذه الملابس.
واستمر هذا الوضع حتى تأقلم الملك وأفراد الحاشية والقادة (والشرعية والتحالف) وتعودوا على رؤية الفتحات والأعضاء العارية.
خرج الملك ذات يوم في موكب مهيب تسبقه الطبول والمزامير في وسط حراسة كثيفة بين الجماهير المحتشدة على الجانبين التي قد كانت تعرف الحكاية ولكنهم مع هذا تبلدوا وهتفوا وهللوا خوفا من أن يتهموا بالغباء.
احتاج الأمر لأن يتواجد طفل لم يفقد الدهشة ولم يتأقلم، ليصرخ: “الملك عاري”.
وعندها لم يتمالك الجميع نفسهم وانفجروا ضاحكين ساخرين من الملك المخدوع.
الحاشية والناس يتأقلمون وربما كان يجب أن يبكوا على أنفسهم أيضا.
الحكاية مغربية الأصل وقد كتبها بعد ذلك بقرون الكاتب الدانماركي هانس كريستيان اندرسون وأصبحت من الحكايات العالمية.
والآن سننتقل إلى تأقلمنا وتكيفنا في اليمن مع الضربات الحوثية الإيرانية التي نتأقلم معها ولا ندري ما نعمل إزاءها فننكفئ على أنفسنا ونتأقلم زيادة من جديد.
**
ثانيا: محطات على التأقلم والمتأقلمين
**
الحوثيون والإيرانيون، يضبطون الإيقاع ويدقون الطاسات والمرافع والطبول ويبترعون ويزملون، وباقي اليمنيين والسعوديين والأمريكيين، يتكيفون ويتأقلمون.
وهذه بعض محطات التأقلم والمتكيفين المتأقلمين.
بسبب تجنب الإطالة، ألغيت التحدث عن قائمة طويلة بانكساراتنا تشمل فرضة نهم وكتاف صعدة والجوف والمحافظين والسلطات المحلية وانعدام تواجد الدولة وفوضى المؤثرين في الوسائط الاجتماعية وانعدام قيادة الرأي العام وعدم القدرة على كسب عقول وقلوب اليمنيين واختلالات وتوزيع الإغاثات والمساعدات والانتباه على النازحين ورعاية أسر الشهداء والعناية بجرحى الحرب.
*
١- الحوثي يستولي على عاصمة اليمن، فيتأقلمون
*
جاء الحوثيون، من أقصى الشمال وأنهوا عملية سياسية انتقالية تحت إشراف الأمم المتحدة وبقرارات مجلس الأمن، ويحبسون الرئيس هادي ويلطمونه، ثم يقتلون الرئيس صالح، ثم ينهبون الممتلكات بإسم “الحارس القضائي” وينفردون بالحكم ويجلبون إيران والموت والتشريد والخراب.
معنا ٤٠ مليون يمني، ويتأقلمون.
*
٢- الحوثي يستولي عل جيش اليمن، فيتأقلمون
*
مجاميع مسلحة عنصرية مع شذاذ آفاق تستولي على مخازن سلاح وجيش وأمن ومخابرات تقدر أعدادهم بمئات الألوف.
ولم يقاوم جندي أو ضابط دفاعا عن شرف الزي العسكري والنسر اليمني.
ويلبسون الميري تحت قيادة حوثي عنصري أو إيراني، ويتأقلمون.
*
٣- الحوثي يروض قبائل صنعاء والشمال، فيتأقلمون
*
الحوثي، يروض القبائل الناشدة للزَّامِل والراقصة للبَرَع، والمترابطة بالداعي والمغرم من شمال نقيل جبل سمارة حتى أقصى شمال صعدة.
الحوثي، روَّعَ كل هذا المخزون القبائلي، وجوَّعهم ، وأخضعهم، وجعل مربطهم مربط شبر، ثم أعالهم وأطعمهم حد الكفاف من معونات المانحين والأمم المتحدة والبنك الدولي وصندوق الغذاء العالمي
وبعدها غسل أدمغتهم وشحنهم وحشدهم وربطهم ثم أطلق عنانهم مثل كلاب الصيد على بقية اليمنيين القبائل والمتقبيلين الذين بلا داعي ولا مغرم والمدنيين.
وبعد الإباء القبلي والزامل والبرع صار الركوع والخنوع والاستعمال، ويتأقلمون.
*
٤- الحوثيون يستعبدون تهامة وإب وتعز، فيتأقلمون
*
هذه مناطق بلا زامل ولا برع ولا داعي ولا مغرم.
وهؤلاء ناس اليمن الذين يزدهرون فقط في ظل دولة ويُستعبدون ويخنعون في ظل الفوضى.
هذه أيام فوضى وقد تم استعباد هؤلاء الناس، ويتأقلمون.
*
٥- الحوثيون يحلون محل التجار ورجال الأعمال، فيتأقلمون
*
الحوثيون، بدون علم ولا تعليم ولا أعمال.
الحوثيون، جائعون وشرهون ويبتزون كل أرزاق وأعمال الناس.
الحوثيون يستولون بهمة على التجارة والاستيراد والتصدير وكل الأعمال وبعدها ستأتي المصانع.
وينحني التجار ورجال الصناعة والأعمال، ويتأقلمون.
*
٦- الحوثيون يحاصرون تعز، فيتأقلمون
*
الحوثيون مزقوا تعز ويحاصرونها.
ويقصفون أحياءها السكنية ويقنصون المارة وعابري السبيل.
هذه جريمة نكراء بكل الأعراف والشرائع والقوانين والأخلاق.
تعز المحاصرة الممزقة إلى أجزاء، لا تستطيع بعض العائلات رؤية أهاليها في شوارع مجاورة للسنة الثامنة على التوالي.
اليمن والتحالف يتفرجون.
أهل تعز يصمدون ويتألمون و ٤٠ مليون يمني لا يَغِيرون ولا يهبون ولا ينجِدون، ويتأقلمون.
*
٧- الحوثيون يهاجمون ومارب تكتفي بالدفاع، فيتأقلمون
*
للسنة الثامنة على التوالي يهاجم الحوثيون يريدون سرقة نفط وغاز مارب.
وأهل مارب والمقاومة وجيش اليمن ينزفون ببطء ولا يقدرون بغير الدفاع، ويتأقلمون.
*
٨- الحوثيون يكذبون على العالم أنهم الأغلبية، فيتأقلمون
*
الحوثيون تنظيم ميليشياوي مسلح شرس تمكن من إخضاع اليمنيين الواقعين في المناطق التي تحت سيطرته.
كل اليمنيين الذين يدعي الحوثيون أنهم الشعب الذي يؤيده، يكرهونه ويتمنون اليوم الذي يتخلصون فيه من كابوسهم.
بلادة وضعف همة حكومة ورئاسة الشرعية والتحالف، هي السبب الوحيد لاختيال وتباهي الحوثيين بهذا العدد السكاني.
وحتى مع هذا فإن سكان تعز ومارب والجنوب وبعض تهامة والمغتربين والنازحين، كلهم مع الشرعية وقد يفوقون عددا أهلنا الذين تحت سيطرة الحوثي والذين هم أصلا يكرهون كل ما يمت للحوثيين والإيرانيين بأي صلة.
الحوثيون يكذبون على العالم، ويتأقلمون.
*
٩- الحوثيون والايرانيون يضربون دول التحالف، فيتأقلمون
*
ضرب الحوثيون والإيرانيون المنشآت النفطية والمدنية في السعودية والإمارات بالطائرات المسيرة، فأخرجوهم من حرب اليمن.
تم إرغام وردع التحالف، ويتأقلمون.
*
١٠- الحوثيون يرفضون هدنة جروندبيرج وليندركنج، فيتأقلمون
*
أمريكا قد أقنعت السعودية ومجلس الرئاسة اليمني بوقف الحرب.
لسان حال السعودية، هو:
“بركة اللي جاءت منك يا بيت الله”
“تفضلي يا أمريكا وتحملي المسؤولية”
ومجلس رئاسي الشرعية يوافق على أي شيئ توافق عليه السعودية.
وأمريكا تستعمل الأمم المتحدة وسلطنة عمان لتقنع الحوثيين لوقف الحرب وتوقيع هدنة والتفاوض على سلام شامل.
والحوثي يستعمل سلطنة عمان لتقنع أمريكا بالضغط على السعودية والشرعية لتقديم تنازلات.
الحوثيون، يبتزون أمريكا ويجبرونها على مراضاتهم بمكاسب لمجرد أن يتكلموا مع جروندبيرج الذي يدفعه من خلف الستار المبعوث الأمريكي ليندركنج.
وبعد أن لطش الحوثيون من أمريكا ومن السعودية ومن الرئاسة اليمنية ما استطاعوا، فإنهم قد انقلبوا ورفضوا تجديد الهدنة والبدء بمفاوضات الحل السلمي الشامل.
الحوثيون رفضوا الهدنة والتفاوض على السلام ولكنهم قالوا أنهم سيهدؤون الحرب قليلا مجاملة لصديقتهم سلطنة عمان.
جروندبيرج وليندركنج مبغوتون دائخون، ويتأقلمون.
*
١١- الحوثيون يقصفون موانئ تصدير نفط اليمن، فيتأقلمون
*
هم يقصفونا ونحن نتأقلم.
الحوثيون يهددون بأنهم سيفجرون أنابيب الغاز الممتدة من حقول مارب إلى محطة إسالة الغاز في بلحاف في شبوة إذا قامت شركة توتال الفرنسية بتصديره.
الحوثيون، يقصفون موانئ تصدير النفط في شبوة وحضرموت ويفرضون حظرا على تصدير النفط اليمني للشهر الرابع على التوالي.
**
ثالثا: من الذي يحاصر من؟
**
سؤال بسيط:
من الذي يحاصر من؟
هل السعودية وشرعية اليمن هما من يحاصر الحوثيين في ميناء الحديدة؟
أم أن الحوثيين هم من يحاصر حكومة ورئاسة شرعية اليمن بمنعهم للاستيراد من ميناء عدن؟
ومنعهم تصدير النفط والغاز من موانئ شبوة وحضرموت؟
رئاسة وحكومة الشرعية اليمنية مبغوتون ودائخون، ويتأقلمون.
**
رابعا: الاستيلاء على تجارة الاستيراد وتصدير النفط
**
تهديدان حوثيان جديدان.
الحوثي يهدد الشرعية والتحالف بالتسليم والتأقلم أو أن صبره سينفذ ثم سيضرب.
التهديد الأول: تجارة الاستيراد
*
تهديد التجار وأصحاب المصانع وشركات الملاحة بأن تدخل مواد الخام والبضائع عن طريق ميناء الحديدة وليس عن طريق عدن.
وهكذا سيحصل الحوثي على الجمارك والضرائب والرشاوي والفساد والتوظيف لأتباعه.
وبعد أن يهضم الحوثي هذه الوجبة الدسمة، سيستولي هو شخصيا أو أهله أو قطط صعدة السمان على كل مجالات تجارات الاستيراد في كل اليمن، بالرخص والميزات والامتيازات لنفسه وأصحابه.
وبعدها سيتحول الحوثي نحو المصانع ويحول حياة رجال الأعمال والصناعة إلى جحيم حتى يستولي قطط صعدة السمان على قطاع الصناعة والتجارة والتسويق الداخلي.
التهديد الثاني: تصدير النفط والغاز
*
عبد الملك الحوثي يهددنا في خطبتين هذا الأسبوع.
وقال أن النفط والغاز من حقه وأن اليمنيين يسرقون منه هذا النفط والغاز.
وقال أن صبره سينفذ.
وقال أنه سيضرب.
وقال أن تأقلم الشرعية وتعودها على فكرة الاستسلام لمنعه لعملية التصدير لم تعد تكفي.
وقال أن تصدير النفط والغاز يجب أن يتم وأن يرضخوا لطلبه بالإشراف على عمليات تصدير النفط والغاز واستلام ٨٠٪ من العائدات وبعملة الدولار الأمريكي وتسلم عدا ونقدا ليده شخصيا.
هل سترضخ السعودية والمجلس الرئاسي اليمني بتسليم الاستيراد والتصدير، ثم يتعودون ويتأقلمون؟
إذا فعلوها هذه المرة، حسب العادة على التعود والتأقلم، فإنه سيكون عليهم في نفس اللحظة قفل دكان الشرعية والتحالف.
**
خامسا: حقائق وأسئلة للشرعية والتحالف
**
حقيقة ١: العدو الباغي هو الذي يجب أن ينكسر ويتأقلم وليس نحن
*
أما آن الأوان لأن نكف عن تجرع الانكسارات وعن التأقلم؟
حقيقة ٢: التبلد يبعد النصر
*
أما آن الأوان لنستعيد قدرتنا على الدهشة ونعيش الانتصارات؟
حقيقة ٣: الصراع يعني تكتيك واستراتيجية
*
هل يوجد معنا من يضع تكتيكات واستراتيجيات لمواجهة الحوثيين والإيرانيين؟
حقيقة ٤: ردع العدو من أركان الصراع والحرب
*
هل يوجد معنا من يفكر ويخطط ويجهز لكيفية ردع الحوثيين والإيرانيين؟
حقيقة ٥: الحرب إرادة وموارد وحشد
*
نحن لا نشعر بالإرادة ولا نرى تجهيز الموارد ولا أي تحشيد.
هل يوجد معنا من يملك الدماغ والإرادة والقوة لتغيير معادلات الحرب والحكم في صراع اليمن مع الحوثيين والإيرانيين؟
**
سادسا: رسالة لرئاسة شرعية اليمن وقيادة السعودية
**
هل نحتاج لمن يصرخ وينبهنا:
بأن الحوثي يريد إزالة الشرعية.
وبأن هذه الحرب ستطول.
وبأن كل حركات جروندبيرج وليندركنج ستزول.
نحن نتألم من انكسارات الشرعية.
ونحزن ونضطرب من تفرقكم كلكم وعلى تآمركم على بعضكم البعض ومعارككم ضد بعضكم البعض.
ونخزى عندما تتقاعسون عن العمل ضد الحوثيين والإيرانيين، وإذا قمتم بأي عمل فإنه لا يكتمل ولا نجني منه الثمر.
ونضيق بتوقعاتكم بأن علينا أن نستمر بالتحمل والتكيف والتأقلم.
نحن معكم لأنكم تمثلون الشرعية وتدعمون الشرعية.
نحن الشرعية.
نعم نحن الشرعية.
نحن الشرعية ونحن من يؤيد الشرعية.
ولولا قبولنا نحن بمفهوم الشرعية، لما وجدتم أنتم.
ولكنكم غائبون.
ونحن نطالب بأن تتواجد الشرعية على الأرض.
ونريد أن نرى منكم “القيادة” و “الإرادة” و “العزيمة” و “الحشد” لطاقاتنا ومواردنا وإمكانياتنا ومواهبنا.
والشعب مستعد لبذل الجهد والتضحية والفداء من أجل الشرعية إذا شعر أنها موجودة فعلا على الأرض وتقوم بدورها.
وعندها سنكون على مشارف النصر واستقرار اليمن.
عبدالقادر الجنيد
٢٤ فبراير ٢٠٢٣