الحرب الروسية الاوكرانية-تعود إلى الواجهة الإعلامية وتقدم روسي طفيف:

 

✍️  أ د /  دحان النجار

بعد فترة غياب طويله عن تدوين تطورات الحرب الروسية الاوكرانية بسبب اشتعال الوضع في غزة وحولها وتوجه أنظار العالم اليها بشكل اساسي لما تمثله من حدث تاريخي خطير يقلق كل العالم وخاصة مع تدخل معظم الدول الغربية الفاعله بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية عاد الاعلام العالمي وعدنا كمدونين مجتهدين لتسليط الأضواء علي الحرب الروسية الاوكرانية من جديد .

حرب غزة بالتاكيد شكلت فرصة تأريخية لتخفيف الضغط على روسيا من ناحية الغرب وتمويله العسكري والاقتصادي لأوكرانيا الذي تاثر بالفعل بتوجيه الكثير منها إلى إسرائيل كاولوية استراتيجية في المنطقة والعالم. ايضاً الإعلام العالمي اهتم بحرب غزه اكثر لفترة تقارب الثلاثة اشهر ولا زال مهتم لان التوقعات في اتساع نطاقها الإقليمي وربما الدولي يظل احتمال وارد ولو انه بداء يخفت قليلا.
وبالرغم من تراجع الدعم العسكري والاقتصادي الغربي الطفيف لأوكرانيا إلا ان الاوكرانيون صمدوا واثبتوا انهم اصبحوا قوة ذاتية قادره على مواجهة الزحف الروسي وان القدرات الدفاعية الاوكرانية في نمو مستمر وخاصة بعد توطين بعض الصناعات وارتفاع مستوى الثقة لدى المقاتل الاوكراني.
ومع ذلك الجانب الروسي استفاد من حرب غزة بشكل مباشر وغير مباشر ؛ حيث ان المجازر الاسرائلية في غزه والتي راح ضحيتها عشرات الالاف من المدنيين العزل بما فيهم الاف الأطفال ودمرت الاحياء والمنازل على قاطنيها والمستشفيات والمدارس بمن فيها وبأسلحة فتاكة البعض منها تلقتها إسرائيل مباشره من الغرب وبالذات من الولايات المتحدة مخالفة لقواعد القانون الدولي لحماية المدنيين اثناء الحروب والنزاعات المسلحة اخرج روسيا ولو مؤقتا من دائرة الاتهام بارتكاب نفس المخالفات في أوكرانيا بحسب تصوير الغرب لها إعلاميا وفي اروقة الامم المتحدة والمنتديات الدولية ،هذه الحرب أعطت روسيا فرصة الخروج من الضغط الحقوقي والأخلاقي الانساني الذي ضغط فيه الغرب وصور روسيا وجيشها بالوحوش الكاسره التي لا تابه بحياة المدنيين والالتزام بقواعد القانون الدولي الإنساني بحماية المدنيين اثناء الحروب، ما ارتكبته إسرائيل في غزه من مخالفة لتلك القواعد القانونية الدولية وقطع المياة والكهربا والإمدادات الغذائية وقتل الأطفال بالالاف في الاحياء والمنازل والمستشفيات والمدارس ودون ادانة أمريكية بل وأوروبية واضحة وامداد إسرائيل بأجود انواع الأسلحة الفتاكة وتحريك الأساطيل وحاملات الطائرات لحمايتها قد افرغ كاهل روسيا من ذلك العبىء الاخلاقي وصورها امام الرأي العام العالمي وامام مواطنيها وامام الاوكران كدولة وجيش اكثر التزاما بمعايير القانون الدولي الإنساني لحماية المدنيين اثناء الحروب.
من الناحية العسكرية الاستراتيجية الضغط في غزة ادى إلى تركيز اهم القوى العسكرية الأمريكية والأوروبية في المنطقة وتوجيه الجزء الأكبر من الذخائر وامدادات السلاح إلى إسرائيل وهو الأمر الذي اثر على تسليح الجيش الاوكراني سلبا وعدم توفير المعدات والذخائر المتطوره بشكل كاف وهو الأمر الذي سهل للقوات الروسية تحقيق اختراقات مهمة كان من اهمها الاستيلاء على بلدة “مارينكا ” في اقليم دونيتسك يومنا هذا الجمعه التاسع والعشرين من ديسمبر ٢٠٢٣ والذي سيبعد الهجمات الاوكرانية عن عاصمة الاقليم وربما يقود إلى الاستيلاء على بلدات اخرى كانت تحضى بنفس المواصفات والتحصينات الدفاعية الرصينة بما فيها التخندق تحت الارض.
أوكرانيا مساحة شاسعه ومدنها وقراها متباعده وتقليد حرب الانفاق فيها لن تكون مجديه بنفس القدر كما هو الحال في غزه لكنها ايضا سوف تشكل قوة ردع دفاعية مؤلمه للجيش الروسي المهاجم وفي نفس الوقت سوف تشكل نفس الحالة إذا كانت القوات الاوكرانية هي المهاجمة.
ثبوت الاوكران في مواقعهم لسنوات اثناء الحرب اكسبهم خبره في التعامل مع والثبات في وجه الجيش الروسي واتاح لهم الفرصة لتعزيز التحصينات وتقليد الجديد من الاستراتيجيات الدفاعيه وفي نفس الوقت الجيش الروسي الذي بداء هجومه بحرب تقليدية على أوكرانيا وخسر الكثير من جنوده وعتاده والأراضي التي كان قد سيطر عليها لا شك هو الاخر استفاد من الحرب وبداء يغير أساليبه وتكتيكاته القتاليه ابتداء من الاستخدام المكثف للمسيرات والروبوتات وغيرها من الأسلحة الذكية واستفاد الجنود والضباط من إخفاقاتهم السابقه واصبحوا الان اكثر خبره وصلابه وقادرين على المهاجمة والدفاع بشكل متقن .
المؤشرات تدل على ان هناك تفوق روسي وهو الامر الذي يحتمل الاستيلاء على بلدات جديده وبصعوبة بالغه بسبب صمود الاوكران وتثبيت دفاعاتهم إلا ان الثابت الوحيد في هذه الحرب بانها تحولت إلى حرب استنزاف للطرفين وصعب الخروج منها إذا استمرت سلطات كييف وسلطات موسكو الحالية في الحكم ولم تاتي قيادة جديده في احدى العاصمتين تتخذ قرارات مؤلمة وتقدم على تنازلات تؤدي إلى وقف نزيف الدم والإمكانات الروسية والأوكرانية.
د.دحان النجار ولاية تنسي الامركية ٢٩ ديسمبر ٢٠٢٤

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى