الاتجار بالبشر.. جريمة عابرة للحدود

 

✍️ بسمة العواملة

لعل الاتجار بالبشر ، هي من اقدم الجرائم التي عرفتها البشرية ، والتي كان اول شكل من اشكالها استرقاق وبيع البشر ، سواء بهدف إجباهم على العمل بالسخرة ، او ارغامهم على إمتهان البغاء وتجارة الجنس ، كذلك العمل في المصانع والمناجم بظروف للانسانية قاسية ، وبيع الأعضاء البشرية او من خلال تجنيد الاطفال في الجماعات المسلحة وإجبارهم على خوض الحروب والقتل ، وغيرها الكثير الكثير من صورالإستغلال واشكال العبودية (الرق) في العصر الحديث .
و لكون هذه الجريمة تمثل إنتهاكاَ صارخاً لحقوق الانسان وكرامته الإنسانية ولما زادت هذه الظاهرة وتشعبت وخصوصاً أثناء جائحة كورونا وما خلفته من آثار تمثلت بصعوبة الأوضاع الإقتصادية وزيادة مستوى الفقر ، كذلك ظروف الإغلاقات والحجر بحيث ادت الى زيادة الساعات التي أصبح الأشخاص يقضونها أمام شاشات الإنترنت وعلى صفحات التواصل الإجتماعي ، سواء بهدف متابعة الدراسة او العمل ، جميع هذه الظروف وغيرها اوجدت بيئة خصبة مشجعة للتجار لزيادة وتوسيع شبكة تجارتهم وسهلت لهم سبل الوصول الى الضحايا المحتملين وبخاصة من الأطفال والفقراء منهم تحديداً .
من هنا أصبح من الضروري أن تتعاون وتكاتف جهود جميع الدول حول العالم جنباً الى جنب للتصدي لهذه الجريمة بكافة اشكالها وصورها للمساعدة في وقف هذه الجريمة العابرة للقارات بكافة الوسائل والطرق ، سواء اكان من خلال المساعدة في تقديم المتاجرين الى العدالة ، وتقديم الدعم للضحايا ، او من خلال التعاون والشراكة وتبادل الخبرات بين الدول ووضع الخطط والبرامج والإستراتيجيات الوطنية لمعالجة أسباب هذه الظاهرة وإجتثاثها من جذورها.
و قد كان الأردن من اوائل الدول في المنطقة في مجال مكافحة جريمة الإتجار بالبشر من خلال الإنضمام والتصديق على العديد من الإتفاقيات والبروتوكولات الدولية التى تتعلق بإتخاذ كافة الإجراءات والتدابيروالتي تهدف الى مكافحة جميع اشكال الإستغلال للإنسان وبخاصة الأطفال والنساء بإعتبارهم اكثر الفئات عرضة
للإستغلال .
و قد تكللت جهود الدولة الأردنية في التصدي لهذه الجريمة في صدور قانون معدل لمكافحة الإتجار بالبشر لسنة 2021 ، تضمن إضفاء مزيد من الحماية للضحايا ، وإنشاء صندوق مساعدة الضحايا ، وفي تشديد العقوبات ،كذلك إيجاد قضاء متخصص لهذا النوع من الجرائم ، بلإضافة الى تضمين وإدراج التسول المنظم ضمن مفهوم الإتجار
بالبشر .
و لعل جائزة المركز الأول عن الشرق الاوسط وشمال افريقيا والتي حصدتها وحدة مكافحة الإتجار بالبشر التابعة لإدارة البحث الجنائي في مديرية الأمن العام قبل ايام ،ضمن إحتفال تم فيه تكريم العديد من الجهات والافراد البارزين في التصدي لهذه الجريمة ، خير دليل على تميز وكفاءة وحدة مكافحة الإتجار بالبشرفي التصدي لهذه الجريمة من أجل ضمان إحترام حقوق الإنسان وتعزيز سيادة القانون ضمن ايطار التنسيق بين جهاز الأمن العام والجهات القضائية المختصة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى