الأجندات الخارجية .. والمصالح الوطنية ..!!

 

✍ إبراهيم ناصر الجرفي ..

من المعلوم ……

بأن العمالة والتبعية للخارج ، في أي بلد في العالم ، تتعارض تماماً مع المصالح العليا لهذا البلد أو ذاك ، لأن العمالة للخارج ، تعني الإرتباط بالأجندات الخارجية ، والإلتزام بها ، والعمل وفق مصالحها ، وتحقيق أهدافها ، ووفق الرؤية التي تخدم سياساتها وأجنداتها وأهدافها ، كما أن العمالة والتبعية للخارج تجعل الوطن مجرد رهينة لهذه القوة أو تلك ، وتفقد الوطن سيادته وكرامته واستقلاله ، وليس هناك ما هو أسوأ من فقدان الوطن للسيادة والكرامة ولقراره السياسي ، لأنه بذلك يكون في حكم الوطن الواقع تحت الاستعمار أو الوصاية الخارجية ..!!

ومن المعروف …….
بأن لكل دولة سياساتها وأجنداتها وقرارها السياسي المستقل ، ومصالحها الخاصة بها ، والتي تختلف مع غيرها من الدول ، وبذلك فٱن الأجندات الخارجية ، من المؤكد بأنها سوف تتعارض مع الأجندات الوطنية الداخلية ، فلكل دولة مصالحها الخاصة بها ، وسياساتها الخاصة بها ، وأهدافها الخاصة بها ..!!

ومن الطبيعي جداً أن تعمل الجهات العميلة للخارج في هذا البلد أو ذاك ، بما يخدم الأجندات والمشاريع الخارجية ، وبما يتلاءم مع أهدافها ومصالحها ، والتي حتماً سوف تتصادم مع المصالح الوطنية العليا ، وهو ما سوف يدفع بالجهات العميلة ، إلى الإضرار بالمصالح الوطنية ، طالما وهي تتعارض مع الأجندات الخارجية ، التي تعمل لحسابها ، وهنا تتجسد سلبية العمالة والتبعية للخارج في أبشع صورها ، وتتجسد أضرارها الفادحة على مصالح الشعب ومستقبله ..!!

لذلك كانت ولا تزال وستظل العمالة والإرتهان للخارج ، في كل الدساتير والقوانين الوطنية ، من أسوأ وأفدح أنواع الخيانة للوطن ، ولمصالحه العليا ، ولا حاضر .. ولا مستقبل .. ولا أمل .. ولا تطور .. ولا تقدم .. لوطن تقوده جهات لها ارتباطات بأجندات خارجية ، مهما تغنَّت بإسم الوطن والوطنية ، ومهما إدعت حرصها على الوطن ، وعلى مصالحه ، لأن أفعالها وسياساتها تثبت عكس ذلك ..!!

وأتعس وأشقى الشعوب في العالم ، هي الشعوب التي تقودها جهات لها إرتباطات بأجندات خارجية ، كون تلك القوى لن تتردد في تسخير كل امكانيات ومقدرات شعوبها في خدمة الأجندات الخارجية ، حتى لو وصل الأمر ، إلى الزج بشعوبها في أتون الحروب والدمار والخراب ، طالما وذلك يصب في خدمة الأجندات الخارجية المرتبطة بها ، دون أي مراعاة لمعاناة ومآسي ومصالح شعوبها ..!!

وما يحدث في الدول العربية اليوم من صراعات وحروب ودمار ، وثورات وربيع عربي ، هو النتيجة الطبيعية ، لإرتباط وارتهان القوى السياسية والنخب الحاكمة والمعارضة فيها بقوى ، وأجندات ، ومشاريع خارجية مختلفة سواء كانت دولية أو إقليمية ..!!

وبذلك لا غرابة أن تجد الشعوب العربية نفسها ، وهي تخوض غمار حروب وصراعات ، لا ناقة لها فيها ولا جمل ، ولا تخدم مصالحها الوطنية ، لا من قريب ولا من بعيد ، ولا غرابة أن تجد وطنها وقد أصبح ميداناً لمعارك ليست معاركها ، وساحة لحروب ليست حروبها ، وأن دماء أبناءها ليست سوى وقوداً لتصفية الحسابات فيما بين قوى خارجية ، وهذا أسوأ ما قد يحدث لشعبٍ ما ..!!

وذلك يوصلنا إلى حقيقة سياسية مهمة جداً ، وتتمثل في أن كل القوى السياسية التي لها اتباطات بأجندات خارجية ، لا خير فيها ، ولا أمل فيها ، ولا مستقبل لها ، ولن تجني الشعوب منها سوى الخراب ، والدمار ، والتخلف ، والفقر ، والضعف ، والهوان ، والذل ، والكراهية ، والعنف ، والتسلط ، والقهر ، والحقد ، والتبعية ، وفقدان الكرامة والسيادة والاستقلال ، وما يحدث اليوم في الشعوب العربية ، خير دليل على ذلك ..!!!

ومهما تغنت تلك الجهات العميلة والمرتبطة بقوى ومشاريع وأجندات خارجية ، بالوطنية وبالوطن ، فإنها مجرد شعارات كاذبة وخادعة ، الهدف منها خداع الشعوب وتضليلها ، واستغفالها ، واستغلالها ، وتسخيرها في خدمة الأجندات الخارجية ، التي ترتهن لها هذه الجهات ، وتعمل في خدمتها ..!!

فعن أي وطنية تتغنى القوى العميلة المرتبطة بمشاريع خارجية ، والخراب والدمار والقتل والجوع والخوف يفتك بشعوبها وأوطانها ، وهي تؤيد الحرب ، والقتل ، والدمار ، وترفض تقديم أي تنازلات مهما كانت بسيطة ، لإحلال السلام ، ولإنقاذ شعوبها من ويلات القتل وسفك الدماء ، ولٱنقاذ أوطانها من مستنقع الدمار والخراب ..!!

من ينتظر خيراً ، من القوى العميلة ، المرتهنة والمرتبطة بالأجندات الخارجية ، في أي بلد ، فمثله كمثل من يلهث خلف السراب في صحراء قاحلة ، ولن ترى الشعوب العربية النور ، والحياة ، والتقدم ، والسلام ، والأمن والاستقرار ، ما دامت النخب الحاكمة والمعارضة ، التي تتحكم بها وبمصيرها ، خاضعة ، وتابعة ، وخادمة لأجندات خارجية إقليمية أو دولية ..!!

وفي ذلك اليوم الذي يصبح القرار السياسي بيد قوى وطنية عربية خالصة ومتحررة من كل صور الارتباط والإرتهان والتبعية لمشاريع وأجندات خارجية ، إقليمية أو دولية ، وفي ذلك اليوم الذي تمتلك فيه القوى العربية الوطنية مشاريعها وأجنداتها الخاصة بها ، النابعة من فكرها العربي والوطني والاجتماعي والحضاري ، والمراعية لمصالحها وأهدافها ، عندها فقط يمكننا القول ، بأن الشعوب العربية ، قد خطت الخطوة الأولى نحو الطريق الصحيح ، طريق السيادة ، والعزة ، والكرامة ، والتحرر ، والتقدم ، والتطور ، والحضارة ..!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى