استحالة لي عنق الشعوب

كتب /شوقي شاهر..
كم كانت بديعة تلك الاحتفالات التي واكبت واحتفت بمنتخب الناشئين، لم تكن الفرحة محتكرة من قبل فئة أو شريحة معينة أو خاصة بهم بقدر ما كانت خطاباً عفوياً ووسيلةً فريدةً امتدت لتشمل بطيفها الواسع معظم فئات وشرائح المجتمع، ومكافأة تم تقديمها لأولئك الفتية الذين اشعلوا فتيل الحياة في عروق ابناء وطنهم في الوقت الذي اعتقد فيه اعدائه بأنهم قد تمكنوا من اخماد جذوته وتجفيف عروقه خلال سبع سنوات مضت.
لقد خرجت الجماهير وهي مجردة من كل شيء إلا الفرحة والشعور بالوحدة .. وحدة المشاعر ووحدة الأرض والوطن من أقصاه إلى أقصاه وذلك في عفوية مطلقة وهو الأمر الذي أصبح من الصعب تجيير هذه الحشود لمصلحة طرف أو جهة معينة ..هذا المشهد النادر يعبر بكل صدق وبطريقة مبهرة بأنه اصبح من المستحيل لي عنق الشعوب لاسيما تلك الشعوب الضاربة بجذورها في عمق التاريخ حتى وإن تملك أعدائها الظن بأنهم قد تملكوه أو أنهم قد انهكوه حالمين بأنهم قد اعادوا عجلته إلى الخلف ،
ولكن بريق هذا الانتصار كان قد اخترق جدار تلك الأماني الخائبة. ولعل ابرز المشاهد التي واكبت هذا الاحتفال هو ذلك التسابق المحموم على الصعيدين السياسي والإعلامي لتكريم هذا المنتخب، والذي اشتركت فيه كل الأطراف في بادرة جمعية يبدو انها لن تتكرر، فقد انفض العرس وعاد كل طرف ليتخندق خلف مترسه وأهدافه الخاصة وتقديم خدماته لأطراف لايهمها إلا تدمير اليمن ارضاً وإنساناً. إن التساؤل الأبرز اليوم يمثل في كم هي عدد الكؤوس التي مازلنا بحاجتها ليعود أهل الفُرقة إلى رشدهم، وكم هي عدد الإنتصارات من هذا النوع التي يحتاج إليها اليمنيون ليتجاوزوا آلام تلك المحن التي استنزفت الكثير من دمائهم وقضت على العديد من أحلامهم، وحتى يتمكنوا من تضميد جراحاتهم وإعادة تشكيل مستقبلهم وبما يتلاءم مع حجم طموحاتهم وآمالهم. إننا لانشك ولو للحظة واحدة بأن الإرادة والعزيمة التي أحيت روح الانتصار لدى هؤلاء الفتية إنما هي جزء بسيط يجسد الروح المتعاظمة لدى اليمنيين واللهفة للولوج نحو مستقبل أفضل ، والتي تأتي كرد رادع بأنه من الصعب جداً لي عنق هذا الشعب المجيد بتاريخه العتيد وشعبه الفريد. وبالعودة الى أهمية تحقيق هذا المنجز
.فإن ألتساؤل الذي يطرح نفسه هنا يتمثل في: هل سيمثل هذا الإنتصار فاتحة لإنتصارات مماثلة؟ أم سيتم الاستسلام للبيئة المحيطة المحبطة وبالتالي تكرار تجربة منتخب الأمل 2003م؟ أم هل سيمثل هذا الفوز منطلقاً جديداً يتجاوز كل العوائق والمحبطات ويمثل منطلقاً جديداً يعكس نفسه على مختلف المجالات الإبداعية؟ إن الرهان على الخيار الثاني أكبر ، حيث سيبرهن من خلالها الإنسان اليمني قوامته على مصيره وإثبات اهليته في خوض غمار المنافسة والتقدم على كافة الصعد الإنسانية وذلك بعيداً عن مغامرات الساسة وحمقهم وجشعهم والذي كاد أن يؤدي بالبلد إلى محرقة تقضي على حاضره ومستقبله لولا عناية الله ولطفه. يحكي لنا التاريخ كثيراً عن تلك الشعوب التي تعرضت لعديد وسائل القمع والظلم والاضطهاد ولكنها تجاوزتها لتخرج أقوى وأكثر عنفواناً لتبرهن بذلك على أنه من الاستحالة لي عنق الشعوب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى