أحداث 13 يناير انقسامات (2)

✍️ احمد سيف حاشد


• بين الأمس واليوم مدى من التشظي، وتغييب العقل عن الفعل، واطلاق العنان للحماقة لتفعل ما تشتهي وتريد، ثم يتنافس الحمقى على البيع والارتهان، ليتحول بعضهم إلى بيادق سكوتة صمّا، والبعض الآخر إلى حوامل سياسية مرتهنة لأجندات غير وطنية، ينفّذ بهم الأجنبي ما يشتهي ويريد، ويدفع الشعب الثمن دما ودموعا ومآسي عراض.. إنه الحصاد المُر والخيبة القاتلة..

• تزداد المعاناة، ويستمر التيه والضياع، وتستمر الحروب وآلام الانقسام والتشظي وتفتيت الوطن، فيما يحصد الحمقى فتات الفتات، ومعه مزيد من السقوط المريع، فيما الأجنبي يتمكن من الوصاية على شعبنا واحتلال أراضيه، وينفذ ما يريد من الأجندات على حساب يمن يضيع، ويتلاشى إلى الأبد، إن لم توجد في الأفق معجزة..

• وعودة إلى الأمس وأحداث 13 يناير 1986، وفيما كنّا مجفلين من البحر، وقبل أن نصل إلى مبنى “بريد كريتر” بدأنا نسمع انفجارات بعيدة.. ثم شاهدنا أناس يتوافدون ويتسلحون من مبنى يقع خلف البريد.. شاهدنا الطابور يزداد ويزدحم أمام المبنى.. أردنا أن نتسلح دون أن نعلم هذا التسليح يتبع أي جهة!! رأينا أنه لابأس أن نتسلح أولا لحماية أنفسنا، وبعدها سيكون لنا موقف وكلام.

• وفي الطابور شاهدت الأستاذ جعفر المعيد في كلية الحقوق يستلم سلاحاً وذخيرة.. تصافحنا.. ثم شاهدت أيضا أحد أقاربي في الطابور المزدحم.. فهمت أن هذا المركز يتبع أنصار فتاح وعنتر.. فيما كان معسكر عشرين المركز الرئيس للمليشيا الشعبية في نفس المدينة “كريتر” التابع في ولائه لعلي ناصر، ومحمد علي أحمد، ويبعد بحدود كيلو متر من المركز الذي نستلم نحن السلاح منه، والتابع للطرف الآخر.

• أستلم كل منّا سلاح آلي وذخيره 120 طلقة، واتجهنا إلى عزبه فيها أصدقاء قريبة من نفس المكان، وبعد قليل صعقنا البيان من الاذاعة وخلاصته أنه تمت محاكمة وإعدام عبد الفتاح إسماعيل وعلي عنتر وصالح مصلح وعلي شائع بتهمة الخيانة العظمى.

• أغاضنا هذا البيان، وكانت الصدمة كبيره.. تسألت: متى كانت الخيانة؟! ومتى تمت المحاكمة؟! ومتى تم تنفيذ أحكام الاعدام؟! وكان السؤال الأهم من بدأ بإشعال الحريق؟!

• ما كنت أعرفه أن هناك ما يشبه العهد بين الفريقين في المكتب السياسي للحزب، وأهم ما يتضمنه العهد أن من يبدأ باستخدام السلاح في حسم الخلاف يعتبر خائنا.. والآن يمكن للمرء أن يستخلص بسهولة أن في الأمر خدعة، وأن الحديث عن المحاكمة هراء، ومزعوم حكم وتنفيذ الإعدام ما هو إلا استباق أحمق وتنفيذ لمؤامرة يفوح منها نتانة الخيانة من الطرف الذي قرر الاحتكام للسلاح، والبادئ أظلم.

• ويستمر الانكشاف.. رباه!! “كريتر” فوهة البركان.. المدينة الصغيرة صارت مقسومة بين فريقين باتا معسكرين!! ثم عرفت أن “الباخشي” قائد المليشيا الشعبية في معسكر عشرين ولاؤه لفريق، فيما الأركان باسلوم وهو نائبه ولاؤه للفريق الآخر.. يا إلهي ماذا يحدث!! ليست “كريتر” وحدها مقسومة قسمين، ولكن أيضا المعسكر الواحد.. قائد المعسكر موالي لاتجاه، والأركان ضده، ومع الاتجاه الآخر.. وهكذا بات المستقبل مجهولا، والمجهول ينتظر الجميع وأولهم الوطن..


يتبع..
بعض من تفاصيل حياتي



مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى