‏⁧‫#صنعاء‬⁩ في يوم 22 مايو ألم يفطر القلب

 

‏⁧‫#صنعاء‬⁩ في يوم 22 مايو، قائلا:

✍️ عبد الوهاب قطران

‏وجدتُ التحرير بلا احتفال، والوحدة بلا وحدة، واليمن بلا يمانيين.
‏كلّ شيءٍ في هذا البلد العظيم بات في حدادٍ داخلي… لا يُرى، لكنه يُحَس.

‏تابعت المسير نحو شارع المناضل علي عبد المغني، ثم إلى باب السباح، حيث نساء يمنيات يبعن القات بأيدٍ مشققة، وعيون تتضرع للبقاء. كوبري التحرير –الذي كان نابضًا بالحياة– بات مغبرًا، مقفرًا، موحشًا، كأنما الوحدة مرّت من هنا وماتت.

‏جلست مع ابني في بوفية الربيع،المطلة على الميدان نحتسي كأس ليمون بارد، حينما تسللت من مذياع صغير أغنية وطنية لأيوب طارش. طلبت من صاحب البوفية رفع الصوت، فردّ بصوت خافت: “ممنوع يا عم… الأغاني الوطنية تفجع!” فصرخت: “ارفعه، اليوم عيد!” فارتفع اللحن، وامتلأ المكان بصوت أمل كعدل تشدو: “بلادي أحييك فلتسلمي…”

‏عدت إلى البيت خائرًا، وكل ما في المدينة امتص دمي. نمت الى قبل العصر، أرقب هاتفًا لا يرنّ، ولا صديقًا يدعوني للاحتفال. لا أحد تذكر أن اليوم عيد الوحدة.

‏وحين عدتُ إلى البيت، كنت أشبه بمن أنهكته رحلة في التيه، جسدٌ أثقلته أشعة الشمس، وروحٌ أضناها صمت الوطن وخرس الجدران. تمددتُ على فراشي، أسترجع مشاهد ذلك الصباح، كما لو كانت مرآةً مقعّرة تعكس انكسارات وطنٍ عتيقٍ يتنفس تحت الركام.

‏كان كل شيء هناك يصرخ بالصمت: الغبارُ، القمامة، الشوارع الخاوية، الأعلام المهترئة، والناس الذين يمشون كالأشباح. حتى الأغاني الوطنية، تلك التي كنا نرددها ونحن نحلم بمستقبل باهر، صارت تُخافت كأنها عورة، يُخشى صوتها. كأنَّ في الانتماء جريمة، وفي الحب للوطن تهمة، وفي النشيد الوطني همسة تمرد!

‏(جزء مما كتبه عن حال صنعاء في يوم 22 مايو)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى