يحدث أن يكون للديموقراطية انياب و مخالب

 

✍️بسمة العوامله

يُقال بأن لكل شيء بالحياة جانبين ، الجانب المُضيء و الجانب الآخر المظلم ،و ربما كان هذا ينطبق على جميع جوانب الحياة سواء اكان على الصعيد الاجتماعي الإنساني او الاقتصادي او حتى السياسي، فلا نستطيع أن نتفق جميعاً على وجهة نظر واحدة حول أمر ما، و خاصة اذا ما كان هذا الامر يتعلق بالجانب السياسي ، فلكل رأيه اتجاهه و مبرراته

فكما يرى البعض أن الديموقراطية هي الحرية و المشاركة و بناء مؤسسات المجتمع المدني و هي التي تمثل الضمانة لحماية حقوق الانسان و بالتالي ترتقي بالمشهد السياسي العام و تنطلق نحو مزيد من المنجزات على مستوى الدولة للسير قدماً في دفع عجلة التنمية و اقرار السياسة العامة للدولة و الخطة العامة للتنمية الاقتصادية والسياسية ،
و لكن قد يحدث عكس ذلك تماماً بحيث نصبح بمواجهة مع من يستخدم هذه الديموقراطية لمصالحه الشخصية قبلية او طائفية او تستخدم بقصد الابتزاز و تصفية الحسابات او لتحقيق مزايا لهم او للمقربين منهم على حساب مصلحة الوطن الذي يودي حتماً الى عرقلة في مسيرة التنمية و الإصلاح دون إعتبار و احترام للثوابت الدستورية و الاعراف والقوانين .

و عليه قد تجد كثير من الشعوب و قد انقلبت على مجلس الأمة لديهم و عملت كل جهدها لأخراج النواب من الحياة البرلمانية و من المشهد السياسي ككل لا بل قد يبلغ الامر مبلغاً أن تطالب الشعوب بالغاء هذه المجالس او المطالبة بتعطيلها او حلها بناء على رؤيتها لهذه المجالس ما هي الا مجالس تسعى لتحقيق مصالح شخصية بحته بدلاً من القيام بدورها كحلقة وصل ما بين الحكومة و المواطنين و اذ بهم بدلا عن ذلك يشرعون فقط القوانين التي تقيد الحريات الشخصية مقابل مكتسبات خاصة ،باساءة واضحة منهم في استخدام ادواتهم التي منحها لهم القانون معرقلين بذلك مسرة البناء و النماء الحقيقي في الدولة.

ومن هنا تبنى البعض مقولة للرئيس انور السادات في سبعينيات القرن الماضي ضد معارضيه قائلا ان للديموقراطية انياب و مخالب اشرس من الديكتاتورية و كانت من بابالتحذير على ما يمكن إتخاذه من إجراءات باسم القوانين التي هي ذاتها تحمي الديموقراطية ، اي انها تستخدم عند الحاجة و عند بعض الساسة الذين استنفذوا كل طاقاتهم و قدراتهم الناعمة الهادئة
و يحضرني هنا بيت من الشعر بمثل هذه الحاله
{‏وَجاهِلٍ مَدّهُ في جَهْلِهِ ضَحِكي
حَتى أتَتْه يَدٌ فَرّاسَةٌ وَفَمُ
إذا رَأيْتَ نُيُوبَ اللّيْثِ بارِزَةً
فَلا تَظُنّنّ أنّ اللّيْثَ يَبْتَسِمُ}
اي قد ياتي رد هؤلاء الساسة المباغت الحازم لوقف من أسند اليهم تحقيق مصلحة الوطن والمواطن ممن استغلوا المناخ الديموقراطي لتحقيق مصالح شخصية بعيده عن مصلحة الوطن و المواطن و لعرقلة مسيرة البناء والإعمار في الدولة.

و قد لا يتوقف الامر عند حدّ حل مجلس الأمة لتصحيح مسار الدولة ، لا بل قد يمتد لإتخاذ قراراً لاحقاً بتحويل نظام الحكم الى لنظام الملكي حتى يتحقق الاستقرار و درءاً للنزاعات و المفاسد ، قياساً على القاعدة الفقهية والتي مفادها من أن درء المفاسد أولى من جلب المصالح.
ربنا يتبنى البعض نظرة مغايرة و قد يقول الفريق الآخر بأن آخر العلاج الكيّ.
فيا نواب المستقبل اتعظوا
فالعاقل من اتعظ بغيره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى