فك الحصار على الحوثي تحول لفرض الحصار على الشرعية من المسؤول؟ ما الحل؟

 

✍️ عبدالقادر الجنيد

***
١٤ يونيو ٢٠٢٣

سألني صديق عزيز هاتفيا من على بعد ١٠,٠٠٠ كيلومتر:
“كيف ترى أوضاعنا؟”
أجبته في الحال وبدون تروي أو انتظار:
“زي الزفت”.

هذا هو حالنا الذي لا يتحمل أي وصف آخر.

من كان يصدق أن تصل بنا الحال إلى هذا الحضيض في السنة التاسعة من الحرب؟
ابتدأت الحرب ومعها حصار من تحالف دعم الشرعية على الانقلاب.
انقلبت الأحوال ١٨٠ درجة وخرج تحالف دعم الشرعية من الحرب، وأصبح الانقلاب الحوثي هو الذي يحاصر الشرعية.

سنرتب تسلسل الأحداث.
سنبين الخطوات التدريجية التي أدت إلى هذا التغيير المخجل الفاقع الصارخ.
سنحاول أن نوضح من الذي يعتبر مسؤولا عن حصار الشرعية.

هل نحاول أيضا رسم طريق للخروج من هذا الوضع المفجع؟
سنحاول.
ولكن الوضع، رديئ وصعب والغالب أن هناك صعوبة من الخروج من هذا الحصار على الشرعية.

**
أولا: ترتيب الأحداث
**

١- حرب اليمن- في الأساس- هي بين الشرعية والحوثية بسبب انقلاب ٢١ مارس ٢٠١٤

٢- تدخلت السعودية لصالح الشرعية وتدخلت إيران لصالح الحوثية.

٣- شن تحالف دعم الشرعية اليمنية بقيادة السعودية عاصفة الحزم في ٢٦ مارس ٢٠١٥- بضربة جوية على الميليشيات الحوثية والجيش الموالي للرئيس صالح.

٤- فرضت السعودية حصارا جويا وبحريا على الانقلاب وأقفلت مطار صنعاء وميناء الحديدة.

٥- قصفت إيران (والحوثيون) أعماق السعودية المدنية ومنشآت آرامكو النفطية وكذلك أبو ظبي ودبي ولغمت سفنا في ميناء الفجيرة في دولة الإمارات.

٦- خرجت الإمارات رسميا من الحرب بعد قصف الحوثيين والإيرانيين لمنشآتها المدنية.

٧- استمر الإيرانيون والحوثيون بإطلاق المسيرات والصواريخ على السعودية.

٨- صمم الرئيس الأمريكي بايدن على وقف إطلاق النار في اليمن.

٩- الإيرانيون والحوثيون كانوا في حالة هجوم دائم بينما السعوديون والشرعية اليمنية كانوا دائما يتلقون الضرب مع محاولات الدفاع.

١٠- الشرعية (والسعودية والإمارات)، لم يبدؤوا بإطلاق النار أبدا منذ إتفاق ستوكهولم في ١٣ ديسمبر ٢٠١٨.

١١- كان يتم تزويد الحوثيين والسكان الذين تحت سيطرتهم بالنفط الإيراني والمواد الأساسية وحتى السلع الكمالية عن طريق ميناء الحديدة ولكن بعد الحصول على ترخيص من السعودية وذهاب البواخر للتفتيش من قبل موظفي الأمم المتحدة في ميناء چيبوتي.

١٢- كان الحوثي، يحصل على الجمارك والضرائب من ميناء الحديدة ويحتفظ بها لنفسه وللمجهود الحربي الحوثي.

١٣- أمريكا، استمرت بالضغط على السعودية حتى قبلت بفك الحصار والدخول الغير المشروط للنفط والغاز الإيراني وأي بضائع وبدون الحاجة لأي موافقة سعودية ولا تفتيش من الأمم المتحدة في چيبوتي، لأن هذه شؤون “إنسانية” و “اقتصادية” بينما وقف إطلاق النار ورفع الحصار الانساني والاقتصادي والعسكري على تعز إنما هي شؤون “حربية”.

١٤- استسلمت السعودية للضغط الأمريكي ووافقت على الرفع الكامل للحصار المفروض على الحوثيين.

١٥- الحوثي، لم يكتف بهذه التنازلات، وابتدأ بشروط جديدة تعجيزية.
طلب الحوثي الاستيلاء على ٨٠٪؜ من دخل نفط وغاز مارب وشبوة وحضرموت.
ومنع الحوثي وصول غاز مارب إلى منشأة توتال لتسييل الغاز في ميناء التصدير في بلحاف- شبوة.
وقصف الحوثي موانئ تصدير النفط في شبوة وحضرموت.

وهكذا حرم الحوثي رئاسة وحكومة واقتصاد الشرعية من حوالي اثنين مليار دولار.

وهكذا أصبحت الشرعية هي المحاصرة.

١٦- منع الحوثي قاطرات نقل الغاز من العودة إلى مارب.
ومنع الحوثي وصول الغاز اليمني من مارب إلى المناطق التي تحت سيطرته.

الحوثي، قد تمت تلبية حاجته وحاجة المناطق التي تحت سيطرته من الغاز من تلك الكميات التي تصله مجانا من إيران عبر ميناء الحديدة.
ليس هذا فقط ولكن الحوثي يبيع الغاز الإيراني بضعف سعر الغاز اليمني بعد أن خلق حالة سوق سوداء.

وهكذا امتلأت خزائن الحوثي بالمال وفي نفس الوقت حرم اقتصاد الشرعية من دخل الغاز اليمني.

١٧- الحوثي، يجبر التجار على الاستيراد كل البضائع والسلع التجارية والغذائية من ميناء الحديدة بدلا من ميناء عدن، بغرض جباية الجمارك والضرائب لنفسه وحرمان اقتصاد الشرعية منها.

وهكذا، استولى الحوثي على معظم دخل اليمن.

١٨- الحوثي، يهدد الآن بقصف مصافي تكرير واستخراج الغاز في مارب.
وحينها سيضطر سكان مناطق الشرعية لشراء النفط والغازي الإيراني الذي يصله مجانا.

وهكذا سيكتمل التركيع الحوثي للشرعية ولسكان المناطق التي مازالت تقاوم الحركة الحوثية.

**
ثانيا: من المسؤول؟
**

من المسؤول عن انقلاب الحال من محاصرة للحوثية إلى محاصرة للشرعية ؟

١- هل أمريكا هي المسؤولة؟
*
أمريكا، تريد أن تتوقف الحرب في اليمن بأي طريقة مهما كانت العواقب والخسائر للشرعية ولليمنيين.

أمريكا، تريد أن تركز انتباهها فقط على حرب أوكرانيا ومواجهة روسيا والصين ولا تريد أي مواجهة مع إيران حتى ولو بسطت إيران نفوذها على البلاد العربية.

هل يجب أن نحمل أمريكا مسؤولية تسهيل استيلاء الحوثي على الاقتصاد اليمني؟
هل يجب تحميل أمريكا مسؤولية نكسات اقتصاد حكومة ورئاسة الشرعية اليمنية؟

٢- هل الشرعية هي المسؤولة؟
*
الشرعية، بدون شخصية ولا اعتبار ولا انتباه.
الشرعية، حالة “سبهللة” وضعف.

الشرعية، تاركة الأمور تسير بحسب ضغوط أمريكا على السعودية،
وبحسب رضوخ السعودية لضغوط أمريكا،
وبحسب رغبة السعودية للتخلص من القصف الحوثي الإيراني لأعماقها.

هل كان الرئيس رشاد العليمي يستطيع عمل أي شيئ تجاه هذا؟

٣- هل السعودية هي المسؤولة؟
*

السعودية، همها الأول هو توقف قصف المسيرات والصواريخ الحوثية على أعماقها المدنية والنفطية.

السعودية، تريد أن تخلص بأي طريقة.

السعودية، لم تتحسب لعواقب تنازلاتها المستعجلة للحوثيين والإيرانيين.

هل على السعودية نوع من المسؤولية الأدبية والأخلاقية لإخراج الشرعية من هذه المحنة؟

**
ثالثا: ما الحل؟
**

الحل، شبه مستحيل.

لكن إذا كان ولا بد من الاجتهاد، فلا يوجد عندي إلا أربعة عناوين رئيسية:

١- الرئيس، يجب أن يصبح رئيس
*
الرئيس رشاد العليمي لا يمكن أن يصبح رئيسا إلا بالشروط التالية:
أ- يجب أن يخرج من تردده وبطئه.
ب- يجب أن يتم إنقاذه من إعاقات أعضاء المجلس الرئاسي.
ج- يجب تأمين عاصمة ومقر للرئيس في عدن.

٢- الأغلبية الصامتة
*
أ- يجب على الرئيس أن يكسب ثقة واحترام وعقول الأغلبية الصامتة.
وهذا يكون بالأعمال وليس بمناشدة السفراء والاحتفاء بندوات المنظمات ومراكز الدراسات الممولة أجنبيا وبالتأكيد ليس بالخطب والكلمات الرنانة.

قوة الرئيس اليمني، منعدمة بدون قبول الأغلبية الصامتة.

ب- الأغلبية الصامتة، هي التي تتحمل عواقب كل هذا الفشل الاقتصادي والعسكري ولا يمكن أن نتركها تتقلب بين كل هذه الفجائع والهزائم ونزيد آلامها بالكلمات الجوفاء ونضيف إلى مصائبها انعدام الثقة بقياداتها.

ج- إذا كانت هناك أي نية للتغلب على الحوثيين، فلن يتم هذا إلا على يد الأغلبية الصامتة.
وأنت لا تستطيع أن تحشد الناس ولا أن تطلب منهم التضحيات إذا كانوا لا يثقون بك ولا يكنون لك الاحترام.

٣- فكرة الشرعية القائمة على المرجعيات
*

أ- نحن نعرف أن هناك عيوب في مسألة الشرعية اليمنية، لكن الشرعية اليمنية تصبح نجما لامعا في السماء إذا كان علينا أن نفاضل بينها وبين الحركة الحوثية.

ب- الشرعية اليمنية، هي لا شيئ بدون المرجعيات وبدون التخلص من الانقلاب الحوثي وبدون حماية وحدة اليمن وبدون المحافظة على سلامة جزر اليمن وأراضيها.
يجب أن تكون فكرة الشرعية واضحة إذا أردنا تجميع اليمن وحشدهم في معركة طويلة.

٤- المملكة العربية السعودية
*

أ- السعودية- بالرغم من كل ماحدث- هي الحليف الطبيعي الوحيد المتاح لليمن.

ب- اليمن- بالرغم من كل ما حدث- يجب أن تبذل الجهد للمحافظة على السعودية كحليف.

ج- يمكن التكيف مع الرغبة المتزايدة للمملكة السعودية في تنقيص دورها في الصراع في اليمن.

د- يجب على السعودية محاولة التخفيف من إعاقات أعضاء المجلس الرئاسي لدور الرئيس اليمني.
فكرة التوافقية، اتضح أنها فكرة رديئة.
والمجلس الرئاسي، هو بالتأكيد اختراع سعودي.

هـ- هناك مسؤولية أدبية وأخلاقية على الأشقاء في المملكة العربية السعودية ألا يتركوا اليمن تحت هذه الأوضاع الجديدة من،
الحصار الحوثي الإيراني،
ومن اهتزاز دور الرئيس اليمني،
ومن اختفاء عاصمة الشرعية عدن،
ومن استمرار هذه الانهيارات،
ومن احتمال إحكام قبضة إيران والحوثي على اليمن.

من صفحة الكاتب على الفيسبوك

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى