عودة الى شريعة حمورابي

✍️ بسمة العواملة

في معرض احتفالية العالم بحقوق الإنسان ، و الذي سيكون لهذا العام بعنوان الكرامة و الحرية و العدالة للجميع ، نقرأ الكثير من المقالات المطالبة بتحقيق المزيد من الحقوق و الحريات لكافة البشر بغض النظر عن الجنسية او الدين او الأصل العرقي او مكان الإقامة او اي فروقات أخرى ، حتى يتحقق الهدف الأسمى المتمثل بالعدالة و المساواة للجميع دون تمييز .

وفي كل مرة نتحدث فيها عن الشريعة و القانون و ضرورة تحقيق العدالة و المساواة ، لا بد لنا من الحديث عن شريعة حمورابي ، هذه القوانين التي سنت قبل ابعة الالاف سنة قبل الميلاد وما زالت محط إهتمام لدى المشتغلين بالقانون و حقوق الإنسان
حمورابي هذا القائد الفذ الذي نعم مواطنيه بالاستقرار الإقتصادي و السياسي ، كان قد صاغ منظومة قانونية متكاملة تفوقت على المنظومة الحقوقية لحضارة الفراعنه و الإغريق ، حتى أن بعض الشرائع السماوية ايدت معظم القوانين التي جاءت بها شريعة حمورابي ، كونها اولت إهتماما كبيرا لحقوق الإنسان ، و غطت كذلك جميع جوانب الحياة لكافة المواطنين بما يضمن تحقيق العدالة و المساواة للجميع دون تمييز
فضلا عن تأسيسه لنظام قضائي عادل فقد أرسى لكثير من المبادىء القانونية التي كفلت لشعبه الرخاء و لدولته الإزدهار .
فما زالت كثير من مواد القانون الحديث ترتبط باسم هذا القائد الفريد ، باعتبارها اقدم القوانين المدونة المكتوبة في التاريخ بل واكثرها اكتمالا ، الذي عمل على حد تعبيرنصبه التذكاري ” لمنع الأقوياء من قمع الضعفاء ، و لتحقيق العدالة للأرامل و الأيتام ” اي أنه اهتم بحقوق المرأه و الطفل و عمل على حماية هذه الحقوق و اوقع العقاب على كل من ينتهك هذه الحقوق .
اما عن اثره في صياغة قانون العقوبات فقد كان اول من ارسى لتطبيق القاعدة القانونية الهامة والتي تناولت مبدأ جمع الأدلة لإدانة أي شخص متهم بإرتكاب فعل جرمي ، تطبيقا لقاعدة ” أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته ”
كذلك أضاف حمورابي بعض المواد القانونية الأخرى كمبدأ القصاص فلقد وضعت عقوبات على الأطباء الذين يتسببون في موت مرضاهم بحال ثبت إرتكابهم لأخطاء طبية كذلك الحال اعطى إهتماما بالعديد من القوانين التي ما زالت تطبق حتى يومنا هذا باستثناء القوانين التي لا تتفق مع روح العصر ،
كما حدد مسؤولية حاكم المدينة بتأمين الإستقرار و الأمن و حماية أموال الشعب من خلال تأسيس نظام قضائي يضمن صون الحقوق و الارواح .
ففي خلال فترة حكمه التي امتدت الى اربعة عقود ، استطاع أن يجمع بين القوة العسكرية و المهارة السياسية اضافة الى البراعة في تحقيق الإستقرار لشعبه دون قمع او تنكيل ، بل في تسيير و تسهيل امورهم ، فلقد اهتم الى جانب إهتماماته السياسية ، بتحسين قانون التجارة و نظام سداد الديون كذلك حدد مقدار الرسوم التي على المواطنين دفعها مقابل التمتع بالمزايا التي توفرها الدولة .
هذا فيض من غيض ، فما احوجنا الى شريعة كشريعة حمورابي تعيد لنا ايماننا بالعدالة و المساواة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى