حرب اسرائيل على غزة-ناتنياهو يفرض قواعد اشتباك جديده وخطيره فهل ينجح بذلك؟

✍️ أ د / دحان النجار
منذ ٧ اكتوبر العام المنصرم والوضع في الشرق الأوسط اصبح اكثر سخونه وعلى وشك الانفجار الاقليمي الشامل
وتمكننا الولايات المتحده الأمريكية وايران من تفويت الفرصة على نتانياهو الذي يريد تصدير أزمته الداخليه وإخفاقه النسبي في غزه وفي الشمال بجر الولايات المتحدة إلى حرب اقليمية نيابة عنه . نتانياهو يريد ايضا حرف مسار الرأي العام العالمي المعادي لإسرائيل بسبب جرائمها في غزه إلى صراع اقليمي تبدو فيه اسرائيل وكانها الضحية.
عدة مرات حاول نتانياهو توسيع دائرة الصراع الى المستوى الاقليمي وخاصه عندما قصف مبنى السفاره الإيرانية في دمشق وقتل العديد من القادة العسكريين الإيرانيين الكبار وهي الضربة التي احتوتها ايران والولايات المتحدة وأفشلا خطته التفحيرية.
أستمرّ نتانياهو في العمل على استفزاز ايران وحزب الله من اجل جرهما إلى المعركة دون خط رجعه وذلك باغتيال احد اكبر قادة الحزب في قمة هرمه العسكري والسياسي وفي اغتيال السيد هنية رئيس المكتب السياسي لمنظمة حماس في دار الضيافة بطهران وبعمل استفزازي مهين للسيادة الإيرانية في عاصمتها الأمر الذي لم يترك لها خط رجعه امام جمهور ها وامام الرأي العام العالمي إلا بضربه مضادة تعيد لها الاعتبار وتعبر عن قوتها الرادعه.
الكل بما في ذلك اصدقاء وخصوم ايران اصبح مقتنع بان الرد حتمي والمسالة مسالة وقت ولكن في نفس الوقت اسرائيل تؤكد بانها سوف ترد على الرد وهذا معناه الاصرار على تفجير الوضع الاقليمي في الوقت الذي فيه الولايات المتحدة لا تريد هذا التفجير وخاصة الحزب الديمقراطي الذي يريد التفرغ لقضية الانتخابات الرئاسية القادمة ولكنها لا تستطيع ترك إسرائيل في المعركة لوحدها وهي الحليف الاستراتيجي المفضل في المنطقة ولذلك نشطت الوساطات الدولية الخفي والظاهر منها من اجل إقناع ايران بعدم الرد او على الاقل بمحدوديته واخراج الطرفين من عنق الزجاجة الحالي .
ايران ليس لديها خيارات كثيره من اجل عدم او محدودية الرد وخاصه بان لديها قناعه بان الاختراق الامني الذي تم في عاصمتها وفي منطقة سيادية مهمه تم بمساعدة المخابرات الأمريكية وربما البريطانية ايضا.
الولايات المتحدة تحشد أساطيلها في المنطقة للتلويح بحزم بانها إلى جانب اسرائيل ولن تتركها تنهزم في معركة ترعاها ايران بل وتديرها وهو الالتزام الأمريكي الدائم والمعروف بضمان امن اسرائيل بل وتفوقها على جيرانها في كل الظروف سواء كانت معتديه او معتدى عليها. على ما يبدو بان وزير الخارجية الأردني الذي يحمل احد رسائل الوساطة العلنية عاد من طهران دون تحقيق المهمه حيث ابلغته القياده الإيرانية رسالتين احدهما للقيادة الاسرائيلية و للإدارة الامريكية وأخرى لقيادة الأردن مفادها بان طهران لم ولن تسمح بان تبدو ضعيفه وغير قادره على الرد امام جمهورها والرأي العام العالمي وكذلك عدم السماح لإسرائيل بالتطاول اكثر لانها إن أفلتت هذه المره من العقوبه كما أفلتت سابقا من عديد اعتداءاتها المهينة الموجهه لايران على أراضيها وفي سوريا ولبنان فسوف تقدم على ما هو اسواء من هذا الاعتداء المهين مستقبلا .
الولايات المتحدة الأمريكية تحاول تقنع إيرآن وحلفائها بعدم الرد المتهور على إسرائيل مقابل تنفيذ وقف إطلاق النار في غزه وتحرير الأسرى وفي نفس الوقت تحاول إقناع اسرائيل بان توافق على خطة وقف إطلاق النار وتحرير الاسرى مقابل عدم الرد الإيراني القاسي وبأن اسرائيل قد حققت تفوق استراتيجي في قتل احد اكبر القيادات الفلسطينية واللبنانية من حماس وحزب الله، وقد لمحا وزيرا الخارجية والدفاع الامريكيين إلى امكانية توقيع الاتفاق وان هناك امكانية لعدم الانجرار إلى حرب اقليمية ، لكن وزير الدفاع الامريكي فلويد أوستن لوح ايضا بان القوات الأمريكية في المنطقة على اهبة الاستعداد لمواجهة اي موقف وحشدت القياده المركزيه الوسطى اكثر من ٢٩ قطعه حربية ما بين حاملات طائرات وفرقاطات وسفن اسناد وسفن انزال وغيرها للتلويح بالردع.
هناك هدف أمريكي غربي اسرائيلي دائم وثابت وهو عدم ترك ايران تصبح دولة اقليمية قويه ونوويه وربما هذه المرة تكون هي الحاسمة في توجيه ضربه شاملة ومدمره إلى المشروع الإيراني النووي حتى لو كانت هناك مخاطر اقليمية ودوليه أكبر لكنه امر لابد منه من اجل ضمان أمن اسرائيل والمصالح الأمريكية والغربية في المنطقة على المدى البعيد وبالتأكيد بان هذا التوجه يجد دعم داخل مؤسسات الدولة الامريكية التشريعية والتنفيذية وأذرعها الامنية والعسكرية بغض النظر عن المناورات الدبلوماسية وبالتأكيد بان موقف دول الناتو سيكون مشابه وهذا يقودنا الى مقاربة قبول الولايات المتحدة الأمريكية في الاشتراك بالمعركة الاقليمية التي يلهث ورائها ناتانياهو.
وفي ضؤالاستعدادات الاسرائيلية الامريكية لمواجهة الهجوم الإيراني تُطرح العديد من التساؤلات كيف يمكن لايران وأذرعها تنفيذ ضربه مؤلمه لإسرائيل وقد شاهد الجميع كيف تم اسقاط معظم المسيرات والصواريخ المنطلقة من ايران عند الانتقام للهجوم الإسرائيلي على القنصليه الإيرانية في دمشق وقتل العديد من كبار قادة الحرس الثوري وغيرهم. من المؤكد بان ايران سوف تستند الى المجاميع المقاومة في اليمن والعراق ولبنان للاشتراك في الضربه الانتقامية وربما هناك نوع من الأسلحة الهجومية لم تستخدم من قبل وهي قادرة على تخطي او مراوغة الدفاعات الجوية الاسرائيلية والأمريكية وغيرها.
هناك تسريبات بان ايران تمتلك منظومة صاروخية مستنسخه من المنظومة الروسية المسماة ( مورمانسك) وهي منظومه كهرومغناطيسية تستطيع تحييد اجهزة الاستشعار بما في تحييد منظومة ال جي بي إس وبالتالي الوصول إلى الهدف المطلوب وهذا على سبيل المثال فقط وربما هناك مفاجئات اخرى لعدد من أنظمة الصواريخ والمسيرات الشبحية .
وفي كل الاحوال المنطقة لم تقترب من قبل وعلى مدى ٣٠٤ يوم من الحرب على غزه وفي الجنوب اللبناني والبحر الأحمر إلى هذا المستوى من التفجير الاقليمي الشامل
ويظل احتمال عدم الانجرار إلى هذا التفجير قائم ومحتمل إذا لم تكن الولايات المتحدة الأمريكية قد عقدت العزم على الدخول المباشر في المعركة لان إسرائيل بمفردها لن تكون قادره على شن حرب اقليمية شاملة برا وبحرا وجوا بعد استنزافها عسكريا في غزه وفي الشمال وفي البحر الأحمر وقد تحصر عملياتها في الضربات الجوية بحكم تفوقها في سلاح الجو.
اما الرد الايراني فهوا قادم لا محالة فهل تمتص اسرائيل الضربة وعدم تصعيد الموقف بضربه مضاده تقود إلى الحرب الإقليمية الشاملة ؟ هذا ما سوف نجيب عليه الاحداث في الساعات والايام القادمة، ويظل احتمال قبول الصفقة المتمثل برد إيراني مناسب مقابل قبول اسرائيل بالاتفاق حول غزة قائم .
د. دخان النجار ميشجان ٨ اغسطس ٢٠٢٤م